العدسة – ياسين وجدي:

“إسرائيل” و”الجنس” و”المعاناة الاقتصادية” ثالوث خطير بات يشكل ملامح المملكة العربية السعودية في نسختها الجديدة ، وهو ثالوث يؤسس له بطريقة ممنهجة من فريق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وأحيانا يكون سببا فيه.

“العدسة” وفق شهادات ومراقبين ومحلليين باتوا مقتنعين أكثر من أي وقت مضى أن المملكة في طريقها للانهيار أو الاطاحة بالملك ونجله أيهما أقرب لمتواليات الأحداث.

مملكة “إسرائيل”

ديفيد بولوك الخبير البارز في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني ، المقرب من دوائر صنع القرار في واشنطن أكد بناء على ملاحظاته ميدانية في زيارة مؤخرا للمملكة وجود تحولات معينة في سلوكيات على الأقل بعض الشخصيات السعودية ذات النفوذ تجاه “إسرائيل”، وتجاه اليهود على نطاق أوسع، مشيرا الي أن الخوف السعودي من نفوذ إيران المتزايد والانزعاج من التخاذل الأمريكي بشأنه في السابق ولد تغيرًا فعليًا وإيجابيًا في رأي عدد كبير من السعوديين تجاه إسرائيل.

وعدد بولوك ملاحظاته منها على خلال مؤتمر في الرياض تمحور حول الأزمة السورية، أشرتُ إلى أنّ إسرائيل تتشارك مصلحة بعض الدول العربية في الحد من النفوذ الإيراني في سوريا، وهي تترجم ذلك فعليًا على أرض الواقع. وقد وافق معظم المشاركين السعوديين على ذلك، بمن فيهم عضوين من مجلس الشورى (وهو المجلس الاستشاري لحكومة المملكة العربية السعودية) من خلال الإيماء برؤوسهم، وأعرب لي بعضهم في ما بعد عن دعمهم الشخصي لهذا الاقتراح الذي كان في السابق من المحرّمات.

وأضاف أن معظم الباحثين السعوديين الذين تحدث معهم، وخصوصًا جيل الشباب، لديهم اليوم رأي مغاير قليلًا تجاه إسرائيل، إذ ينظرون إليها من خلال منظور براغماتي نسبيًا عوضًا عن منظور إيديولوجي أو إسلامي، وبرزت وجهات النظر المتغيرة تجاه هذه المسألة أيضًا في التصريحات الرسمية السعودية والإعلام السعودي مؤخرًا، مع بعض المد والجزر الظاهر في السلوكيات المقبولة علنًا تجاه إسرائيل .

وكشف نقلا عن مدراء تنفيذيون إعلاميون ومفكرون عامون سعوديون آخرون في لقاءاتٍ خاصة،أن السلوكيات المناهضة لإسرائيل الراسخة والمتغيرة بشدة ستستغرق بعض الوقت، بما أن التعاطف الشعبي الكبير مع الفلسطينيين ما زال قائمًا.

ما قاله مندوب المركز البحثي الأمريكي هو تصديق وفق ما هو مرصود لما أعلنه أكد ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في حواره  مع مجلة “ذي اتلانتيك” الأمريكية من أن بلاده تتقاسم المصالح مع إسرائيل، لافتا إلى أنه حال التوصل إلى سلام في المنطقة، فإنه سيكون “الكثير من المصالح بين إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي”.

الجنس

حملات متتالية ومقاطع فيديو تتعامل مع جسد المرأة من زواية الجنس ، يتم تدوالها بطريقها ممنهجة وفق مراقبين وناشطين ، وآخرها فيديو انتشار لـ “​شابة سعودية​ ” وهي تخلع ملابسها وتتعرى أمام الكاميرا بشكل جنوني على مواقع التواصل الاجتماعي، وتم تداوله تحت عنوان “موظفة تتعرى أمام الكاميرات” ليصبح الاكثر مشاهدة ، وهو انتشار لاقى تغطية واسعة من المواقع المحسوبة على النظام السعودي ولم يصدر بشأنه تصريحا كعادة المسئولين السعوديين في مثل تلك المواقف بالتزامن مع حملات لحرق النقاب.

الكاتبة سارا آل الشيخ حذرت من أن “اللعبة الجديدة هي الانحلال الممنهج بالنقاب، وسواءً كانَ الأمرُ صدفةً  أم مقصوداً..لم نرَ مثل هذه المقاطع قبل الحقوقيات، ولن نراها بوجود الحزم القاطع إذا طبقنا النظام، كيف لهؤلاء الجهلة أن يتمردوا رغم كل القوانين، إلا إذا كانوا مدعومين أو مغرر بهم؟”، كما أبدى نشطاء على موقع تويتر غضبهم مما يحدث ، مؤكدين أنه يشكل خطة ممنهجة لنشر الانحلال في المجتمع السعودي.

مراقبون يرون أن هناك فئة في السعودية تبدو سعيدة بقطار التغيير المنطلق، آملين أن يساعد على جلب ملذات كانت تحتاج إلى السفر إليها، فإذا بقائد الإصلاح ينشئ هيئة عامة للترفيه تأتي بها لتصبح في متناول الراغبين، وفي الوقت ذاته جرى تهميش “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” ذات النفوذ القوي في المجتمع منذ سنوات طويلة.

وفي تقرير لمعهد واشنطن للدراسات في الشرق الأدني حمل عنوان ” التغييرات السعودية تحت المجهر: أسبوع من المفاجآت” أكد أن المملكة تتيح ، بل وتشجع، التوسع في منح بعض الحريات الشخصية، بينما تظل الحرية السياسية منعدمة تحت شعار  “التحرر بدون الديمقراطية.”

وتحت عنوان ” تليين الصور النمطية الجنسية إلى حد ما” تطرق التقرير إلى ما أسماه “سهولة  مع الجنس الآخر”، وقال محرر التقرير : قد فوجئت حينما أنهت إحداهن حديثها معي بضحكة وغمزة واضحة من وراء النقاب بتعليق: “وبالمناسبة، تعجبني ربطة العنق التي ترتديها!”، وترك إحدى السيدات في مجموعتنا الصغيرة شعرها مكشوفًا بحرية من دون حتى أي غطاء للرأس، كما أن هناك في بعض المجموعات المعينة، نزعة متنامية لتقبل مجتمع المثليين”.

التليفزيون السعودي الرسمي، في هذا الاطار استضاف المغنية والراقصة الاستعراضية اللبنانية «ليلى إسكندر»، التي لها مشاهد من إحدى أغانيها، تظهر شبه عارية مع إيحاءات جنسية واضحة، ليكون الجنس الآلة الجنهمية التي تسير علنا بكل وضوح.

الانهيار الاقتصادي

الرئيس التنفيذي لصناديق التحوط “بوينت ستيت كابيتول”، زاك شرايبر، أحد الأشباح التي تلاحق مملكة محمد بن سلمان ، فالرجل ذات سمعة اقتصادية كبيرة وتوقعه لازال له صدى بحدوث كارثة مالية وشيكة في المملكة العربية السعودية خلال عامي 2018 و2019 .

الرجل  بحسب موقع سي ان ان باللغة العربية جاءت توقعاته الاولى بانحدار أسعار النفط، في محلها، ويعتبر أحد الذين يستمع إليهم الناس ، وقال في مؤتمر الاستثمار “سون” السنوي الـ21، في العام 2016 : “أمام السعودية عامين أو ثلاثة قبل أن ترتطم بالجدار،” متوقعا أن المملكة ستواجه “إفلاسا هيكليا” لأنها تواجه تهديدات مزدوجة من التزامات الإنفاق الضخمة والنفط الرخيص، وعلق “لا عجب أنها يستدينون بمبالغ ضخمة.

هذا التوقع الملفت للانتباه يضاف الى التوقعات التي أطلقها بنك أوف أميركا ميريل لينش بأن  السعودية ستتصدر قائمة إصدارات أدوات الدين السيادية عالميا للعام الجاري، كما عزت مجلة أويل برايس الأمريكية تداعيات الوضع الاقتصادي في السعودية لسبب إعتماده على عائدات النفط ووصفت ذلك بالقول إن المملكة أصبحت وكأنها تقف على برميل من البارود يمكن أن ينفجر في أي لحظة.

هذه التوقعات لها صدى واقعي، حيث تقود المعاناة الاقتصادية  المملكة بحسب المراقبين إلى انهيار حتمي يحدد موعده عوامل أخرى ، وقد أثارت موافقة مجلس الوزراء السعودي في فبراير 2018  على اعتماد “قانون الإفلاس”، مؤشرات تتحدث  عن انذار بوضع اقتصادي خطير قد تضطر معه مئات الشركات العاملة في السوق السعودية للإعلان عن إفلاسها، وفقا لخبراء اقتصاديين فإن لجوء المملكة لإقرار “نظام الإفلاس” جاء بسبب شعور السلطة الحاكمة في الرياض أن السعودية لا تسير على الخطوات الاقتصادية الصحيحة، وأن اقتصاد الدولة مهدد بالانهيار، وأن المملكة على حافة الإفلاس بالفعل، وذلك بسبب انخفاض عوائد النفط، والعجوزات الكبيرة في ميزانيتها، وتراجع الاحتياطات بسبب الهدر المالي، والتورط في حروب اليمن وسوريا والعراق.

الإنكماش الاقتصادي السعودي بلغ ذروته بحسب محلليين اقتصاديين في العامين الماضي والحالي، وفي ظل تراكم الأزمات الكبيرة وجدت  المملكة في الديون والقروض وإعادة التمويل مصدرا لإنقاذ إقتصادها من الإنهيار بعد أن لجأت إلى إعادة تمويل قرض دولي من 10 مليار إلى 16 مليار دولار بزيادة 6 مليار دولار ليصبح أكبر القروض المجمعة يتم تقديمها في الأسواق الناشئة بحسب تقارير صحفية.

وبحسب المراقبين تعد معدلات البطالة المرتفعة بين السعوديين، أحد التحديات المستمرة أمام الحكومة السعودية، فيما تظل أزمة الإنفاق العسكري الضخم في الموازنة في ظل التطورات الجديدة في المنطقة سببا في ضرب الاقتصادي السعودي بالكلية.

وفي السياق نفسه، أوضح مركز بروكينجز الأمريكي، أن السعودية تمر بحالة أشبه بالنار تحت الرماد بسبب زيادة البؤس والاحتياج، خاصة أن غالبية الشعب السعودي هم من فئة الشباب، فضلا عن أن 60% منهم نساء متعلمات، وهو ما يزيد بحسب المعهد نسبة البطالة لأن آليات النظام تعرقل دخول المرأة لسوق العمل. ويؤكد المركز الأمريكي أن هناك تفاوتا كبيرا في الدخول بين السعوديين، فمنهم الأغنياء والأثرياء بدرجة كبيرة، في مقابل ذلك تزداد أعداد الفقراء بصورة أعمق.”