كتب- باسم الشجاعي:

دفع الاخفاق المتتالي للوبي الإماراتي الحقوقي الذي شكله ولي عهد أبوظبي الأمير “محمد بن زايد”، خلال السنوات الماضية، في محاولة تشويه صورة قطر، وتبييض وجه دولته، لاستبداله بآخر مصرى.

وقامت الإمارات مؤخرا بدعم مؤسسات مصرية “مغمورة”، بأكثر من مليون يورو مقابل عقد 3 ندوات على هامش اجتماعات مجلس حقوق الإنسان في جنيف، اثنتان منها للإساءة إلى قطر، والثالثة لدعم دور أبوظبي في ليبيا.

وبالفعل، عقدت “جمعية الحقوقيات المصرية” (مجتمع مدني)، ندوة تحت عنوان “حقوق المرأة في مصر والبحرين وقطر”، “الأربعاء” 12 سبتمبر الحالي، وتعد هذه المرة الأولي لهذه الجميعة التي تشارك فيها في أمور بعيده عن الشأن المصري، أو تلميع نظام “السيسي”.

وشارك في الندوة كمتحدث رئيسى الدكتورة “مايا مرسى”، رئيس المجلس القومى للمرأة بمصر (حكومي)، و”رابحة فتحى”، رئيس “جمعية الحقوقيات المصرية” (مجتمع مدني) التي قامت على تنظيم الندوة، والدكتور “سعيد عبد الحافظ”، رئيس ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان بمصر (مجتمع مدني).

وعلى نهج “لوبي الإمارات في جنيف”، عمد الحضور جميعهم الذين تواجدوا على منصة الندوة “مدفوعة الأجر مسبقا”، الثناء على الأوضاع الحقوقية في دول الرباعي العربي، وكالوا الاتهمات لدولة قطر، دون سند أو ثيقة تؤكد صدق كلامهم.

ولفت انتباه المشاركين في اجتماعات مجلس حقوق الإنسان في جنيف، تحركات الفريق الحقوقي المصري، وتخصيصه لندوات للحديث عن قطر، وهو ما دفع بعض المتابعين للتساؤل حول الدوافع، ومن هؤلاء، وهذا ما سيحاول موقع “العدسة”، الإجابة عنه في السطور التالية:

“سعيد عبد الحافظ”.. الأكل على كل الموائد

كان من ضمن الحضور في الندوة الناشط الحقوقي “سعيد عبدالحافظ”، والذي يشغل منصب رئيس ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان.

“عبد الحاقظ”، لم يكن شخصية حقوقية ذات ثقل في مصر قبل ذلك ولا المحافل الدولية، ولكن بدأ يسطع نجمه في نوفمبر 2017، حينما عين في حزب “المصريين الأحرار”، رئيسا للجنة حقوق الإنسان.

ومن المعروف أن حزب المصريين الأحرار، أحد أذرع الإمارات في مصر وعملت على تمويله، وذلك مقابل مشاركته في حركات المعارضة المصرية، إبان حكم الرئيس “الأسبق”، “محمد مرسي” –أول رئيس مدني منتخب في مصر-، وتوفير الغطاء السياسي والشعبي للانقلاب العسكري عليه في صيف 2013.

وكشف عن علاقة الحزب بالإمارات، في أغسطس من العام 2017، وذلك بحسب تسريبات بريد السفير الإماراتي لدى الولايات المتحدة، “يوسف العتيبة”.

وبحسب التسريبات التي نشرها موقع “إنترسبت”، فإن “رامي يعقوب”، مساعد رئيس حزب “المصريين الأحرار”، وكان يتواصل مع المسؤول الإماراتي، خلال فترة حكم الرئيس “الأسبق”، “محمد مرسي”، وذلك لتوفير الغطاء الشعبي والسياسي للانقلاب العسكري الذي قام به “السيسي” في صيف 2013.

“عبد الحافظ” الذي شغل منصب، مستشار لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب المصري، عرف بمواقفه العدائية لجماعة الإخوان المسلمين، وهو ما يتناغم مع الممول الإماراتي.

وظهر هذا أثنا مشاركته فى  فعاليات الدورة الـ71 للجمعية العمومية للأمم المتحدة؛ حيث زعم أن جماعة الإخوان المسلمين، أعداء لحقوق الإنسان والإنسانية، وتستغل ملف حقوق الإنسان لاستعطاف العالم، بحسب تعبيره.

لم يكن “الإخوان” الجهة الوحيدة التي هاجمها “سعيد”، فقد كال الاتهامات لمنظمات المجتمع المدني في مصر والتي من المفترض أنه ينتمي لها، وقال في مقال كتبه، في يونيو من العام 2017، تحت عنوان “تاريخ الحركة الحقوقية فى مصر“، لمجلة “روزاليوسف” (حكومية)، إن “التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني والجوائز الدولية والسفر المتعدد خارج البلاد والعلاقات مع أعضاء فى دول الاتحاد الأوروبى والكونجرس الأمريكي، فقئت عين الحقوقيين حتى لا يروا الحقيقة”.

ولكن هذا الرأي جاء مخالف لما قاله “عبد الحافظ” في أكتوبر 2011، حينما تحدث للتلفزيون الألماني “DW”، في تقرير حمل عنوان ” خلفية الصراع بين المجتمع المدني والعسكريين في مصر“؛ حيث تحدث عن نقطة “شفافية الأوضاع المالية” –وهي النقطة التي أثارها في مقاله لـ”روزاليوسف”، قائلا: إن “المجلس العسكري – الذي كان يحكم إبان ثورة 25 يناير 2011- ومن قبله نظام مبارك ومنذ عشرين عاما لو كانا يملكان دليلا واحدا على ناشط حقوقي لقدماه فورا للقضاء”.

وثمن “عبد الحافظ”، دور المجتمع المدني في مصر بعد ثورة 25 يناير 2011، التي أطاحت بالرئيس “المخلوع”، “محمد حسني مبارك”، في كشف انتهاكات العسكر.

ولكن مع مرور الوقت وتحديدا ما بعد الانقلاب العسكري على الرئيس “الأسبق”، “محمد مرسي”، في صيف 2013، أصبح “عبد الحافظ”، أحد أذرع النظام المصري الحالي، وبات يفرد له مساحات على شاشات وسائل الإعلام الحكومية والخاصة.

 “رابحة فتحي”.. ذراع حقوقي بـ”لسان مصري إماراتي”

أما “جمعية الحقوقيات المصريات”، التي استعانت بها الإمارات مؤخرا، يترأس مجلس اداراتها “رابحة فتحي”، وأنشئت قبل عام 2010.

وتقوم الجمعية على جمع تمويلات من سفارات دول أجنبية مثل “الدنمارك وسويسرا وألمانيا”، بالإضافة إلى تمويلات من النظم الحاكمة المحسوبة عليها.

وآخر ماحصلت عليه “الجمعية”، دعم الإمارات الذي يقدر بمليون يورو – ما يزيد عن 20 مليون جنيه مصري-، وذلك مقابل عقد 3 ندوات على هامش اجتماعات مجلس حقوق الإنسان في جنيف، على أن يخصص اثنتان منها للإساءة إلى دولة قطر، والثالثة لتبييض وجه الإمارات والدفاع عن تواجدها في ليبيا، وذلك بحسب ما كشفالمجهر الأوروبي -مؤسسة أوروبية تعنى برصد تفاعلات قضايا الشرق الأوسط في أوروباـ.

“رابحة فتحي”، تعرف بقربها من النظام سواء قبل ثورة 25 يناير 2011 أو بعد الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو 2013، ولها سجل حافل في التغطية على انتهاكات نظام “السيسي”

فعلى سبيل المثال لا الحصر، قامت “فتحي”، بتدشين حملة حقوقية تحت اسم “راقب يا مصري” لمتابعة الانتخابات البرلمانية 2015.

وتكونت حملة “راقب يامصري” من 5 منظمات أهلية كلها تابعين للدولة، وعلى الرغم من التقارير الدولية التي شككت في نزاهة تلك الانتخابات، إلا أن تلك المنظمات أصدرت عدة تقارير عكس ذلك في محاولة لتبييض وجه النظام المصري.

لم يتوقف دور “فتحي” على تلميع النظام داخليا، بل عملت على ذلك خارجيا، إذ عمدت خلال مشاركتها في الدورة الحالية والسابقة لحقوق الإنسان في جنيف، الثناء على إعلان “السيسى”، عام 2017 هو عام المرأة، معتبره ذلك “تتويجا لنضالات المرأة المصرية وإيمانا من رئيس الدولة بأهمية مشاركة المرأة”.

ويأتي ذلك في محاولة للدفاع عن “السيسي”، وخاصة في ظل التقارير الدولة التي تصدر من حين لآخر، وتسلط الضوء على الانتهاكات التي تمارس بحق المرأة في مصر، والتي زادت وتيرتها منذ الانقلاب العسكري وحتى الآن.

ومؤخرا أضيف لـ”فتحي” دور جديد هذه المرة في جنيف، وهو مهاجمة دولة قطر، وتنظيم فعاليات لتبييض وجه الإمارات، والدفاع عن ممارساتها القمعية.

لماذا تستعين الإمارات بمنظمات خارجية؟

منذ حصار دولة قطر، تعتمد الإمارات على لوبي حقوقي موالي لها في جنيف، حتى لا تظهر في الصورة مباشرة، ولكنها تدير الأمر من خلف “الكواليس”، كـ”الرابطة الخليجية للحقوق والحريات، والشبكة العربية “الموازية” للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمؤسسة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، ولجنة إنصاف للعمالة الوافدة في قطر في كأس العالم 2022، وجميعها منظمات “وهمية”، بحسب عاملين في محال حقوق الإنسان.

ولكن هذه المنظمات سابقة الذكر، يرفض الفرق المتخصصة وخبراء الأمم المتحدة في مفوضية حقوق الإنسان، التعاطي معها بسبب المعلومات المضللة التي دأبت تلك المنظمات على تقديمها وعدم مصداقيتها وانكشاف الدور الأمني المشبوه لها.

ولعل هذا الدافع الأساسي، وراء استدعاء منظمة مصرية “مغمورة”، يثق في ولائها، كما حدث مؤخرا مع “جمعية الحقوقيات المصرية”.

متى يطرد مجلس حقوق الإنسان الإمارات؟

سجل الإمارات السيئ في مجال حقوق الإنسان، يمكن أن يشكل دافع قوي لدى مجلس حقوق الإنسان، ليصدر قرارا بطرد أبو ظبي، أول على الأقل مراجعة عضويتها فيه.

وبالفعل أطلقت الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات، في أغسطس الماضي، حراكا دوليا على مستوى الأمم المتحدة لطرد أبو ظبي من مجلس حقوق الإنسان، وذلك لسجلها السيئ في هذا المجال، أسوة بما حدث مع ليبيا في 2011.

وانطلقت “الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات”، في 2017، بهدف عزل الإمارات دوليا ومقاطعتها بسبب الجرائم التي ترتكبها في اليمن، وغيرها من الدول المجاورة.