أكثر من كونه قاتلا ملعونا:
- أكثر من ثلاثة آلاف مصري قتلهم منذ الإنقلاب وحتي مجزرة سيارة الترحيلات
- مرسي رفض نصحيته بمذبحة القلعة ضد جبهة الانقاذ، فنفذها ضده بعد الانقلاب
- تنوع في القتل بالحرق والرصاص والجرافات ولم يفرق بين طفل أو شيخ
- قتل المعتصمين أثناء الصلاة بالحرس الجمهوري وقتل الجنود أثناء الافطار برفح
- شريك أساسي في عمليات الواحات والكنائس ومسجد الروضة ومجازر سيناء
العدسة: محمد العربي
لم يكن حديث الرئيس الأمريكي ترامب مع صديقه المقرب الصحفي “بوب وودورد” عن رئيس الإنقلاب بمصر عبد الفتاح السيسي ووصفه بأنه قاتل ملعون إلا تعبيرا مبسطا عن شخصية الجنرال السفاح الذي فرض سيطرته علي مقاليد الحكم بانقلاب عسكري حاز علي رضاء مسئولي الغرب وعدد من الأنظمة العربية التي رأت في استمرار الإخوان المسلمين خطرا يهدد مخططات كل نظام علي حدة.
ومع زيادة المعلومات عن الأحداث التي شهدتها ثورة 25 يناير 2011 وحتي الوصول لمحطة الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013 وانتهاءا بصدور أحكاما بإعدام 75 من قيادات الإخوان والعمل الإسلامي، بخلاف مئات أحكام الإعدام الأخري، فإن جرائم السيسي لم تكن فقط بعد انقلاب يوليو 2013، وإنما سبقتها بشهور طويلة وحتي قبل تنحي مبارك عن الحكم في فبراير 2011.
بداية التقويم الإجرامي
يمثل تورط المخابرات الحربية في عمليات قتل المتظاهرين بميدان التحرير خلال احداث ثورة 25 يناير 2011، البداية الحقيقية لاجرام عبد الفتاح السيسي الذي كان يتولي وقتها منصب رئيس المخابرات الحربية، وطبقا لما جاء في تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلها الرئيس محمد مرسي بعد انتخابه في 30 يونيو 2012، فإن شهادات المسئولين بفندق “رمسيس هيلتون” أكدت للجنة تقصي الحقائق انهم فوجئوا بأشخاص ذات قوام مرعب يريدون إعتلاء أسطح الفندق الذي يطل علي ميدان عبد المعنم رياض ويبعد عن ميدان التحرير بأقل من كيلو متر، وعندما رفض مسئولي الفندق صعودهم، تلقوا اتصالا من رئيس المخابرات الحربية عبد الفتاح السيسي يطلب منهم تسهيل مهمة رجاله، الذين تبين بعد ذلك أنهم كانوا القناصة الذين قتلوا المتظاهرين بالميدان.
إلا أن أول ذكر للسيسي والمخابرات الحربية بشكل صريح كان في مارس 2011، والذي تم فيه الاعتداء علي عدد من الفتيات المعتصمات بميدان التحرير واعتقال عدد منهمن والذين تعرضن لكشف العذرية بطريقة مهينة علي يد رجال السيسي، بعد تهديد صريح لهن بالاغتصاب كما كشفن بعد ذلك.
وبعد فوز الرئيس محمد مرسي بالرئاسة، كانت حادثة مقتل الضباط والجنود في حادث رفح الأول، وطبقا لاشخاص التقوا بالمعتقل السيناوي أحمد أبو شيتة، فإن أبو شيتة شاهد جنود ذات بشرة سوداء يفرون تجاه الحدود الفلسطينية المحتلة، تحت حراسة المخابرات الحربية، وهي الشهادة التي وثقها تسلسل الأحداث المتعلقة بالحادث الذي راح ضحيته 16 جنديا وضابطا، حيث لم يتم الكشف عن تفاصيل الحادث الذي مر عليه 6 سنوات حتي الان، رغم أنه يخضع لسلطة مباشرة من المخابرات الحربية.
ويعد “الطرف الثالث” في الأحداث التي جرت خلال العام الذي حكم فيه الرئيس محمد مرسي في الفترة من 30/6/2012 إلي 3/7/2013، أحد طرق السيسي في إشعال الشارع المصري وتقليبه ضد الرئيس المنتخب، وهو ما أكدته شهادة حصل عليها “العدسة” من الدكتور محمد البلتاجي قبل الإنقلاب بأنه تم القبض علي عقيد جيش يعمل بالمخابرات العامة، وبحوزته أجندة بها خطة الإطاحة بالرئيس مرسي، وعند تفتيش سيارته، كان بها أسلحة للقنص فضلا عن حقيبة بها أكثر من مليون جنيه، ومثيلهم دولارات وريالات.
وتؤكد الشهادة أن السيسي لجأ إلي اللواء خالد فوزي وكيل جهاز المخابرات العامة وقتها ومسئول مكتب المخابرات بالاسكندرية ورئيس الجهاز بعد الإنقلاب، للتوسط لدي الإخوان من أجل عدم تصعيد الموضوع مقابل التحقيق مع الضابط المقبوض عليه والذي تم إخفاءه في ظروف غامضة وتم إغلاق الملف.
خطة محمد علي باشا
وتمثل المرحلة التي تلت انقلاب 3 يوليو 2013 تطورا خطيرا في تحركات السيسي نحو تثبيت إنقلابه، حيث نفذ ما سبق وان نصح به الرئيس مرسي، إلا ان الأخير رفض النصحية التي اكتوي بنيرانها بعد ذلك.
وتشير شهادات استمع إليها “العدسة” من مصادر متعددة في رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء أن السيسي اقترح علي مقربين من الرئيس مرسي بالتخلص من المعارضة وجبهة الإنقاذ، بتنفيذ خطة محمد علي باشا مع معارضيه عندما تولي الحكم قبل قرنين من الزمان، حيث اقترح السيسي بشكل واضح بأن يقوم الرئيس مرسي بمجزرة القلعة مع معارضيه، باعتبارها الطريقة الأفضل والأسرع في التخلص من المعارضة، وتثبيت أركان حكم الرئيس مرسي، وعندما رفض الذين عرض عليهم السيسي هذا المقترح، رد الأخير بأنه مجرد ناصح أمين.
وبالفعل نفذ السيسي مقترحه المرفوض من الإخوان والرئيس مرسي، ولكنه نفذه ضد الإخوان والرئيس مرسي، وكانت البداية بمجزرة الحرس الجمهوري فجر يوم 8 يوليو 2013 أي بعد الانقلاب بخمسة أيام، حيث فتحت قواته النار علي العتصمين السلميين أمام دار الحرس الجمهوري والذين كانوا يؤدون صلاة الفجر، وقد راح جراء عمليات القتل البشعة أكثر من 61 قتيلا حسب بيان مصلحة الطب الشرعي وأصيب أكثر من 435 معتصما بجروح متعددة بعضها خطير.
وبعد ثلاثة أيام وتحديدا في 10 يوليو 2013 كان أنصار الرئيس مرسي علي موعد مع مجزرة ثانية ولكنها هذه المرة كانت علي يد بلطجية السيسي في محافظة الدقهلية الذين اعتدوا علي مسيرة نسائية لدعم الرئيس مرسي ما أدي لمقتل ثلاثة نساء من بينهم الطالبة هالة أبو شعيشع صاحبة الـ 17 عاما.
وتعود الأحداث للقاهرة مرة أخري يوم 23 يوليو 2013 بمذبحة جديدة ضد انصار الرئيس مرسي خلال مسيرة خرجت من اعتصام رابعة العدوية اشتبكت معها القوة الأمنية المكلفة بحراسة قسم شرطة مدينة نصر أول وراح ضحيتها قتيلين فضلا عن أربعين مصابا.
مجزرة تسبق المجزرة
وقبل مجزرة فض رابعة بأسبوعين كان أنصار الرئيس محمد مرسي مع مجزرة تمثل البروفة النهائية لقوات السيسي قبل تنفيذ مجرزة فض رابعة، حيث شهدت منطقة المنصة أو النصب التذكاري بشارع النصر يوم 27 يوليو 2013 مجزرة عنيفة نفذها رجال الشرطة ضد انصار الرئيس مرسي المعتصمين بميدان رابعة، راح ضحيتها أكثر من 200 قتيل واكثر من 4000 آلاف جريح، فضلا عن عشرات المعتقلين، الذين تم إطلاق سراحهم جميعا دون توجيه اتهامات لهم بعد اعتقال استمر خمسة سنوات.
هنا المذبحة
ويمثل يوم 14 اغسطس 2013 علامة فارقة في التاريخ الإجرامي للسيسي، حيث استمرت عمليات فض الاعتصام أكثر من 12 ساعة متصلة وراح ضحيته أكثر من 670 قتيل من المعتصمين السلميين، طبقا لتقرير وزارة الصحة ولجنة تقصي الحقائق التي شكلها السيسي، بينما تؤكد تقديرات أنصار مرسي إلي أن عدد القتلي تجاوز الألفين فضلا عن مئات المفقودين الذين مازال مصيرهم مجهولا حتي كتابة هذه السطور.
وما يجعل مجزرة رابعة واحدة من أبشع المجازر الوحشية في التاريخ الحديث، هي عمليات القتل التي تنوعت بين القنص والحرق والتدمير، واستخدام أسلحة من الجو والبر في التنكيل بالمتظاهرين السلميين، ويضاف لذلك المشاهد التي تم بثها لعمليات حرق أجساد المصابين وهم أحياء في المستشفي الميداني وفي مستشفي رابعة التابعة للمسجد، وإلقاء الجثث في سيارات القمامة، ودفن كثير منهم في مقابر جماعية لا أحد يعرف مكانها حتي الآن.
وما حدث في ميدان رابعة تكرر بميدان النهضة الذي استيقط المعتصمين فيه علي القنابل الحارقة التي أطلقتها قوات الشرطة المدعومة بقوات الجيش مما نتيج عنه 88 قتيلا و 366 مصابا طبقا لبيانات وزارة الصحة والطب الشرعي.
وبعد يومين فقط من مجزرتي رابعة والنهضة، نفذ السيسي مجزرة أخري لا تقل بشاعة عن سابقيها وهي مجزرة مسجد الفتح الثانية يوم 16 أغسطس 2013 والتي راح ضحيتتها ما يقرب من 210 قتيلا فضلا عن عشرات المصابين ومئات المعتقلين.
وفي يوم 18 اغسطس كانت المذبحة هذه المرة مع المعتقلين وليس المتظاهرين، حيث قتلت قوات الشرطة 37 معتقلا حصلوا علي قرارات من النيابة بإخلاء السبيل ولكن صدرت قرارات من السيسي باعتقالهم وترحيلهم لسجن أبو زعبل، وقبل تسليمهم للسجن قام أحد الضباط بإطلاق القنابل المسيلة للدموع وقنابل الدخان علي 45 شخصا كانوا في سيارة ترحيلات قسم شرطة مصر الجديدة بانتظار تسليمهم للسجن، ما أدي لوفاة 37 منهم نتيجة الاختناق داخل السيارة، وقد حصل الضابط الذي نفذ الجريمة علي مكافاة 1000 جنيه من وزير الداخلية وقتها اللواء محمد إبراهيم.
بعيدا عن رابعة
وبخلاف الأحداث التي صاحبت اعتصام رابعة العدوية منذ الإنقلاب وحتي أحداث سيارة الترحيلات والتي راح ضحيتها في القاهرة وحدها أكثر من 3000 قتيل بخلاف باقي المحافظات، فإن السيسي ارتكب العديد من المجازر الأخري أبرزها ما جري ومازال يحدث في سيناء والتي تشير التقديرات الأهلية بسيناء أن عمليات القتل والتصفية ضد أبناء العريش وضواحيها منذ العملية العسكرية التي بدأت في 9 فبراير الماضي، خلفت أكثر من ألف سيناوي لقوا حتفهم في عمليات مداهمة لمنازلهم وتصفيتهم بالشوارع والأكمنة.
كما سبق هذه المجزرة مجازر أخري يعد السيسي شريكا أساسيا فيها مثل حوادث الاعتداء علي الكنائس ومذبحة مسجد الروضة في نوفمبر 2017 والتي راح ضحيتها 305 قتيل و128 مصابا، وقبلهم بشهر كان حادث الواحات في اكتوبر 2017 والذي راح ضحيته 16 شرطيا.
ويضاف للسجل الإجرامي عمليات القتل خارج نطاق القانون من خلال التوسع في سياسة التصفية الجسدية لمخالفي السيسي والتي نفذها وزير الداخلية السابق مجدي عبد الغفار وسار علي نهجه الوزير الحالي محمود توفيق، بالاضافة لأكثر من ألفي حكم بالإعدام أصدرهم قضاة السيسي، والتي كان آخرها أحكاما ضد 75 من قيادات الإخوان والعمل الإسلامي في قضية فض رابعة، بينما تم تنفيذ الحكم فيما يقرب من 80 من المعارضين أبرزهم عادل حبارة والمتهمين في قضية عرب شركش والمتهمين في قضية الأتوبيس الحربي بمحافظة كفر الشيخ.
اضف تعليقا