كتب- باسم الشجاعي:

يبدو أن صمود الشعب الفلسطيني في وجه محاولات تمرير “صفقة القرن”، التي تهدد مستقبل قضيتهم، لم ينال إعجاب ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان”، وهو ما دفعه للتصعيد وممارسة مزيد من الضغوط عليهم، مستغلا في ذلك ورقة الحج والعمرة.

وهذا ما كشف عنه مؤخرا؛ حيث بدأت المملكة العربية السعودية، بحظر منح الفلسطينيين من أبناء مدينة القدس المحتلة وقطاع غزة والضفة الغربية، ومن في حكمهم من حملة الجواز الأردني “دون رقم وطني” تأشيرات الحج والعمرة والإقامة.

وبحسب وسائل إعلام أردنية محلية، فإن السلطات السعودية طالبت من سفارتها في عمّان بتاريخ 2 أغسطس من العام الحالي “2018”، بالتوقف عن طبع التأشيرات لكل من يحمل جواز سفر أردني دون رقم وطني دون تعليل الأسباب”، وهو ما يعني حرمان قرابة نصف مليون فلسطيني وأكثر من حملة هذا الجواز من الحج والعمرة والإقامة.

كماشة أمريكية سعودية

ووفق خبراء، فإن ولي العهد السعودي، يسعى من خلال هذه الخطوة الضغط على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لإعلان انحيازهم للسعودية، والضغط على القيادة الفلسطينية للقبول بـ”صفقة القرن”.

وبهذه الخطوة، فإن “بن سلمان”، يضيق الخناق على الفلسطينيين ويشكل “كماشة” عليها، فمن ناحية هو يضغط على اللاجئين بورقة الحج، وعلى الجانب الآخر الولايات المتحدة الأمريكية، تضغط عليهم بقطع المعونات عن “الأنروا”.

وترمي هذه الخطوات السعودية الأمريكية أيضا على تحييد ما تعتبره “عقبة” على طاولة المفاوضات “الفلسطينية – الإسرائيلية”، وهو “حق العودة”، الذي يطالب به الفلسطينيين، وقبولهم بسياسة الأمر الواقع.

فضلا عن أن “بن سلمان”، يسعى من هذا القرار لتجنيد المخيمات الفلسطينية في لبنان لخوض أي صراع مستقبلي مع “حزب الله”؛ حيث يزيد عدد الفلسطينيين في لبنان عن 300 ألف شخص، يتوزعون على عدة مخيمات، وهو ما ألمح إليه خلال لقائه بالرئيس الفلسطيني “محمود عباس”، في آخر زيارة جمعت بينهما.

 

هل ينقذ “ابن سلمان”الرئيس”ترامب”؟

الكشف عن خطوة ولي العهد السعودي، يأتي في الوقت الذي بدأت فيه الأمور تنفلت من تحت يد الرئيس الأمريكي، “دونالد ترامب”، خاصة فيما يتعلق بعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

فـ”ترامب” اعترف مؤخرا بأن عملية التوصل إلى اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين “أصعب مما كان يعتقد”، وذلك وفق ما صرح به خلال لقاء عبر الهاتف مع زعماء دينيين يهود، بمناسبة رأس السنة العبرية، في 6 ديسمبر الماضي.

تصريح “ترامب”، جاء بمثابة صدمة للإسرائيليين، خاصة وأنه استنفد أغلب وسائل الترغيب قبل الترهيب التي كان يمتلكها للضغط على الجانب الفلسطيني للجلوس على طاولة المفاوضات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، من خلال قراراته الأخيرة.

فخلال الآونة الأخيرة، قرر “ترامب”، نقل السفارة الأمريكية للقدس، وأعلن أن المدينة المحتلة عاصمة لدولة “إسرائيل”، فضلا عن وقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، وغلق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بواشنطن.

ولكن للخروج من الأزمة، توعد “ترامب”، العمل على إنجاح الملف -اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين- الذي ظل عصيا على زعماء أمريكيين سابقين على مدى عقود، ليظهر هنا دور ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان”.

لماذا “ابن سلمان”؟

ومن المعروف لدى المتابعين للشأن الفلسطيني، أن “ابن سلمان”، بات رأس حربة مشروع التسوية الأميركي الإسرائيلي المعروف باسم “صفقة القرن”، وذلك لأسباب عديدة، منها السياسية والاقتصادية.

فـ”ترامب” يعلم جيدا من أين تؤكل الكتف – كما يقال في الأمثال-؛ حيث إن اختيار الأمير الشاب لهذه المهمة لم يأتي من فراغ.

كما أن “ابن سلمان”، يعلم جيدا أهمية الإدارة الأمريكية له في المرحلة المقبلة في تمرير أمر تنصيبه ملكا للسعودية، والوقف بجواره في وجه أولاد عمومته الذين يعارضون ذلك الأمر، فضلا عن حاجته لإقامة علاقات رسمية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، لأهميتها في “مشروع نيوم”، الذي يعتزم تنفيذه في المنطقة البحرية الواقعة بين سواحل مصر الشرقية والأردن والسعودية، والذي يتضمن مشاركة إسرائيل، ليكون بمثابة تطبيع رسمي للعلاقات بين المملكة وتل أبيب، ولكنه لن يعلن عنه رسميا، قبل البدء في الخطوة الرسمية للتسوية الإقليمية الكبرى المعروفة بصفقة القرن”.

فتسوية القضية الفلسطينة مقابل “المشروع”، ويعتبر هذا هو السبب الأساسي وراء الضغوط السعودية التي تتم ممارستها على الفلسطينيين للقبول بالصفقة، والتي ستعني رسميا انتهاء مطلب إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967”.

العصا والجزرة

منذ ظهور ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان”، في المشهد السعودي عن إثارة الجدل، وخاصة في ظل سعيه لتمرير “صفقة القرن”.

واعتمد ولي العهد السعودي، في التعامل مع الفلسطينيين في هذا الملف “الدبلوماسية الناعمة” تارة، وحينما يشتد الضغط عليه من قبل الإداراة الأمريكية أو “إسرائيل”، يلجأ إلى أسلوب التهديد.

ففي مايو الماضي، ظهر “محمد بن سلمان” وهو يمارس الابتزاز والتهديد بصورة فجة لتحقيق “صفقة القرن”؛ حيث أبلغت السعودية الرئيس الفلسطيني “محمود عباس”، عبر مصر أنه سيتوجه -بإرادته أو مرغما- بعد عقد المجلس الوطني نحو المفاوضات المباشرة مع “إسرائيل” برعاية أمريكية، وفق الرؤية التي سيطرحها “ترامب”، وإذا رفض فإن سيناريو الإطاحة به موجود، وسيظهر بديله، الهارب “محمد دحلان”، المفصول من حركة “فتح”.

كما سبق هذا التهديد، عرض “بن سلمان”، على رئيس السلطة الفلسطينية القبول بصفقة بيع وشراء مقابل 10 مليارات، يتنازل الفلسطينيون بموجبها عن الضفة الغربية والقدس المحتلتين، وذلك بحسب ما كشف الباحث الأمريكي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط والصراع العربي الإسرائيلي “جيفري أرونسون”، في ديسمبر من العام الماضي “2017”.

ولكن مؤخرا ظهرت ورقة “تسييس المناسك”، في وجه الفلسطينين، وذلك إحياء لجدل قديم تفجر في أكثر من مناسبة وخلال أكثر من موسم، مع العديد من الدول الإسلامية كالعراق وسوريا وليبيا وغيرها.

وتستخدم السعودية مناسك الحج، كورقة ضغط على بعض الدول التي لا تتواءم معها سياسيا، أو ترفض المشي في ركابها والتي كان آخرها دولة قطر.