إبراهيم سمعان
خلال اجتماع عقد بقصر الإليزيه في الربيع الماضي، وافق العديد من الممثلين الليبيين البارزين على إجراء انتخابات عامة في 10 ديسمبر المقبل، وعلى الرغم من إصرار فرنسا، يبدو اليوم أن الموعد النهائي غير واقعي.
تحت هذه الكلمات تساءلت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسة: هل باريس هي الوحيدة التي تؤمن بهذا الموعد؟، في إشارة إلى الانتخابات الليبية التي سيكون من الصعب عقدها في الموعد المحدد.
وأوضحت أنه أمام مجلس الأمن، في الخامس من سبتمبر ، اعتبر السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة، فرانسوا ديلات أنه “من الضروري تنظيم الانتخابات بليبيا في التاريخ المتفق عليه”، أي “الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 10 ديسمبر”.
وأشارت إلى أن الموعد المحدد يعني أنه باقي أقل من ثلاثة أشهر على هذا التصويت المزدوج في بلد تمزقه الصراعات السياسية ويخضع لحكم الميليشيات، ويشهد تفجيرات شبه يومية، آخرها، في 10 سبتمبر، حيث استهدف هجوم مقر الشركة الوطنية الليبية للبترول – وهو القطاع الذي يوفر 95 ٪ من عائدات الدولة، وتبنته داعش.
ورأت أن ما تريده فرنسا يعد ضربا من الأوهام، فمنذ أسابيع يعترف ممثلو المشهد الليبي والدولي واحدا بعد الأخر، أن إجراء الانتخابات الليبية في هذا التاريخ أمر غير واقعي.
ولفتت إلى أنه تم تحديد موعد الانتخابات في باريس يوم 29 مايو، بعد ما وصفه إيمانويل ماكرون اللقاء بين فايز السراج، رئيس حكومة الوحدة الوطنية، وخليفة حفتر الذي يسيطر على النصف الشرقي من ليبيا وعقيلة صالح، ورئيس المجلس الاعلى للدولة خالد المشري بـ “التاريخي”.
وبينت أنه بعد أربعة أشهر، كانت العملية الدستورية المؤدية إلى التصويت مشلولة ووقعت مصادمات في درنة (شرق)، والهلال النفطي (في الوسط)، سبها (جنوب) وطرابلس (غرب).
رئيس الوزراء السراج اعترف يوم الأربعاء في مقابلة مع صحيفة “كوريير ديلا سيرا” الايطالية بأنه “لا يمكننا التصويت في ظل هذا الاضطراب الموجود بالشوارع، لأنه من الضروري أن يقبل الجميع نتائج الاقتراع، نحن بحاجة إلى قواعد مشتركة، مهما كانت قالت الدبلوماسية الفرنسية، خريطة الطريق المرسومة في باريس في الربيع في مهب الريح”.
وحددت “ليبراسيون” ثلاثة عقبات تجعل من المستحيل إجراء الانتخابات في الموعد المحدد كما تريد فرنسا، أولها الشلل المؤسسي.
وقالت من الناحية النظرية، تم رسم خارطة طريق إلى الانتخابات، لكن مسودة الدستور التي وضعت من أجل التصويت عليها لا ترضي مجلس النواب القائم حاليا ، ويقول ريانون سميث، منسق في معهد تحليل ليبيا، جلسات البرلمان، التي تعقد في طبرق، في المنطقة التي يسيطر عليها جيش حفتر فشلت لعدة أشهر لجمع النصاب القانوني اللازم لاعتماد هذا القانون الانتخابي، ووفقا لخارطة الطريق التي تم رسمها في باريس، كان يجب التصويت عليها قبل الأحد الماضي.
وتابعت “في الواقع قلة من الناس يدافعون عن مشروع الدستور ، بصرف النظر عن الأشخاص الذين كتبوه. يشعر حفتر بالملل لأنه يمنع أي شخص يحمل جنسية مزدوجة من الترشح لمنصب الرئاسة – فهو يحمل الجنسية الليبية والأمريكية، البعض ليسوا سعداء لأن النص ينص على أن الشريعة هي مصدر الرئيسي للتشريع، ومع ذلك، هناك رغبة مشتركة في مواصلة هذه العملية الدستورية، التي يجب أن تهيئ الظروف للحكم المستقر والدائم.
أما العقبة الثانية فهي الأمن، كما تقول الصحيفة الفرنسية، فكيف نتخيل اقتراعًا شفافًا في بلد بلا دولة، حيث يفقد مفهوم “السلطة” كل المعاني الشائعة؟ ليبيا اليوم عبارة عن قطع من الأراضي والمدن والمواقع الاستراتيجية التي تحتلها الميليشيات القبلية والكتائب منذ ثورة 2011 والكتائب الإسلامية والجيش الوطني التي تندلع بينها اشتباكات على فترات.
ويقول سميث الانتخابات هي عامل توتر لأن كل جماعة تريد أن تكون في موقف قوي وقت الاقتراع لفوز مرشحها، علينا أن نتوقع حملة انتخابية غير عادية، فالشخص الذي يسيطر على الأرض يسيطر على الانتخابات.
أما آخر هذه العقبات هو الخلاف الفرنسي الإيطالي حول هذه الانتخابات، فوزير الشؤون الخارجية في إيطاليا إنزو موافيرو ميلانيسي، أعلنها صريحة وقال “نختلف مع موقف الحكومة الفرنسية، التي تقول يجب أن تعقد الانتخابات في ليبيا يوم 10 ديسمبر”.
وقبل أسبوعين بينما كان القتال مستعراً في طرابلس، أشار وزير الداخلية ماتيو سالفيني، بأصابع الاتهام لفرنسا دون أن يذكرها صراحة حيث قال” من الواضح أن هناك من يقف وراء الاشتباكات، هذا لا يحدث عن طريق الصدفة. خوفي هو أن أحدا ما، ولأسباب اقتصادية، سيعرض استقرار كل شمال إفريقيا وبالتالي أوروبا للخطر، أفكر في شخص ذهب إلى الحرب ولم يكن عليه فعل ذلك، من يضع مواعيد للانتخابات دون إبلاغ الحلفاء والأمم المتحدة والليبيين”.
وخلصت “ليبراسيون” إلى أن الانقسام العام بين فرنسا وإيطاليا حول ليبيا مضر، وأن اللاعبين الليبيين الذين يريدون تدمير عملية المصالحة يلعبون على هذه الانقسامات بين الأوروبيين ويعرفون كيف يستغلونها لصالحهم .
اضف تعليقا