العدسة – ياسين وجدي :

شواهد واعترافات لعداء يبدو أنه لن ترى نهايته النور قريبا ، من الامارات من جهة في ظل ولي عهدها الحالي محمد بن زايد ووزير خارجيته أنور قرقاش، في مواجهة جماعة الإخوان المسلمين في الجهة المقابلة.

“العدسة” يسلط الضوء علي شواهد تجنيد الامارات للسلفيين في بعد الدول لمحاربة الاخوان.

أسباب العداء!

الحرب الاماراتية ضد الاخوان برزت بصورة كبيرة  لتصبح إحدى السمات المميزة لمرحلة ما بعد الربيع العربي، ورغم مشاركة السعودية لها إلا أن التحركات الإماراتية المضادة للإخوان بقيت هي الأكثر جذبا للانتباه منذ البداية وفق مراقبين رغم حالة الوفاق التي رافقت تأسيس جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي في العام  1974المحسوبة على الاخوان في الامارات والتي انضم لها أمراء وكان منها وزراء.

أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتية للشؤون الخارجية، برر موقف بلاده من اثارتها الكراهية ضد الاخوان  في تغريدات في  29 أغسطس الماضي ، بأن إشكالية الإخوان في الغرب تكمن في توظيفهم للعنف وقبولهم للفكر التكفيري بحسب رأيه ، مؤكدا أن مسألة انتماء الإخوان وولائهم لأوطانهم مشكوك فيه وتأتي بحسب مزاعمه على حساب الاوطان، وهو ما يفسر أبعاد العداء المستحكم حتى الآن.

مجلة ” فورين أفيرز” التي تصدر عن مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، ترى كذلك أن أسباب عداء الإمارات لجماعة الإخوان المسلمين وأتباعها في جميع الدول العربية تمكن في تبني الأولى لسياسية علمانية واتجاه الاخوان الدائم للسياسة من منظور ديني ، موضحة أن الامارات في عهد بن زايد تتطلع لتصبح حليفا قابلا للاعتماد عليه من قبل الولايات المتحدة، وعليه فإنها تجنب الخلط بين الدين والسياسة.

ولذلك وفق محللين فان السلفيون دائما أكثر قربا للحكام العرب وخاصة الامارات من الاخوان ، ويبنون هذا الرأى من حيث أن حركة السلفيين تجد متسعا من الفضاء السياسي للنشاط على كل الأصعدة في مصر والامارات والسعودية وكل الدول الخليجية ، كما يتمتع السلفيون بدعم مالي كبير من بعض دول الخليج خاصة في الامارات ، وهو ما يرجعه الباحث لوتس روغلير إلى أن ” إن العنصر الأساسي في الفكر السلفي يتمثل في عدم مهاجمة الحاكم، أي الطاعة الكاملة لولي الأمر، وبذلك لا يشكل السلفيون خطرا حقيقيا على النظام الحاكم.

سلفيي اليمن
حرك أبوظبي الداعم للسلفيين في اليمن، يمضي بخطوات مريبة وظاهرة ، حيث استعانت الامارات بتلاميذ “دار الحديث” و”مركز الأفيوش” السلفي ثم قوات أبو العباس لمواجهة الاخوان المسلمين من جانب ومن جانب آخر الحوثيين في صفقة واحدة!.

صحيفة لوموند الفرنسية رصدت الخيط الأول في تقرير مهم لها في العام 2015 ، حيث أكدت فيه أن أبوظبي تؤسس للإمساك بتعز عن طريق السلفيين عبر تغريدات متتابعة لـوزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش نقلت دعمهم للسلفيين وأنهم أفضل من “الإخوان”، تطورت في وقت لاحق إلى تصادم دوري بين قوات أبو العباس السلفية المدعومة من الإمارات وقوات محسوبة على حزب التجمع اليمني للإصلاح

وفي مايو 2018 ، كانت اللهجة أقسى ، حيث اعلن “أنور قرقاش” أن جماعة الإخوان المسلمين تشن حملة ضد دور الإمارات في اليمن، ووصفها بالانتهازية على خلفية رفض الاخوان لمحاولة الامارات احتلال جزيرة سقطرى، وهو ما رصده مراقبون في يوليو 2018 مؤكدين أن الدور الإماراتي في اليمن برز في تجنيد جماعات سلفية، في مواجهة الاخوان وهو ما ينذر بمخاطر أبرزها إعادة إنتاج الشروط التي أفضت إلى ظهور تنظيمات متطرفة.

وكما استعانت الإمارات في الجنوب برجل الدين السلفي وقائد قوات “الحزام الأمني” في عدن، هاني بن بريك، ، فقد اختارت بعناية العميد طارق محمد عبدالله صالح، ليكون أداتها في الشمال، وهو على علاقة وطيدة بالسلفيين منذ كان قائداً للحراسة الخاصة بالرئيس السابق علي عبدالله صالح، وبفضل موقعه والتسهيلات التي قدمها لهم، تمكنوا من توسيع نشاطهم في صنعاء وعدد من محافظات الشمال، خاصة أن العميد طارق سلفي بالإضافة إلى كونه رجل عسكري.

مخطط مصر

برز العداء الاماراتي للاخوان المسلمين في مصر بصورة كبيرة مع فوز الدكتور محمد مرسي بانتخابات الرئاسة في يونيو 2012، حيث قامت  الإمارات باعتقال  مصريين بتهمة الانتماء للإخوان ورفضت كل جهود إطلاق سراحهم، وكانت أحد الممولين الكبار للتظاهرات ضد مرسي، وجندت قطاع كبير من السلفيين بالتعاون مع السعودية لاسقاط تجربة مرسي في الحكم من العام الأول.

وأظهرت بعض التسريبات بعد ذلك دوراً كبيراً للإمارات في دعم حركة تمرد وحراك 30 يونيو الذي تبنه حزب النور السلفي ، والذي كان الذريعة الأساسية التي اعتمد عليها قادة الجيش لعزل مرسي.

وكانت السعودية واجهة الامارات في التعامل الميداني مع السلفيين في مصر وتجنيدهم ضد الاخوان بحكم العلاقات الدافئة بين الوهابية السعودية والسلفية المصرية بحسب مراقبين ، حيث عملت الرياض منذ بدء حكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر على رفع مكانة السلفيين في الغرب والشارع المصري ، ووصل الدعم إلى تقديم  150 مليون دولا سنوياً شريطة دعم العسكر في إزاحة مرسي، وهذا الدعم تعهد به وزير الداخلية السعودي.

ووفق تقارير دبلوماسية مستقاة من مصادر روسية، فإن رئيس مجلس الأمن القومي السعودي الأمير بندر بن سلطان،  قدم في هذا الاطار خلال جولة اوروبية امريكية قبل العام 2013 ضمانة سعودية باحتواء التيار السلفي في المنطقة مقابل إنهاء صعود الإخوان فيها.

 مداخلة ليبيا

وبرز التجنيد الاماراتي لسلفية المداخلة في ليبيا لمواجهة الاخوان المسلمين وتحالف الثورة الليبية الرافضة لتدخلات أبوظبي، خاصة في ظل العلاقات المتوترة بين حزب العدالة والبناء الليبي المحسوب على الاخوان وابو ظبي ، والتي وصلت إلى تنديد رئيس الحزب، محمد صوان بالدور السلبي الذي تلعبه بعض الدول الإقليمية ومنها الإمارات ومصر لعرقلة تنفيذ الاتفاق السياسي في البلاد.

التجنيد الاماراتي السعودي للمداخلة ، كشفه تسجيل مصور لأبي عبدالرحمن المكي أحد  المشايخ السلفيين التابعين للعسكري الليبي خليفة حفتر ، توعد فيه في وقت سابق أهالي مدينة “درنة” بالقتل.

السلفي الذي كان ينشغل دوما بالتثبيت السلمي والفكري لسلطة ولاة الأمور، وبالهجوم على الجماعات والرموز الإسلامية المعارضة سياسيا للأنظمة، حث قوات حفتر (التي قال إنها تجاهد في سبيل الله) على اقتحام المدينة، وشبّه أهل درنة بالخوارج وهددهم بالقتل إذا لم يسلموا أسلحتهم ويغادروا المدينة!!

يفسر ذلك دراسة نشرها مؤخرا مركز “رؤيا للبحوث والدراسات”، خلصت إلى أن نفوذ التيار المدخلي المسلح يتنامى في كل من اليمن وليبيا بدعم اماراتي سعودي يأي في سبيل تأدية دور وظيفي خليجي في كل من اليمن وليبيا؛ ففي اليمن يعمل التيار على الحد من النفوذ الإيراني، وفي الوقت نفسه يعمل على تقليم أظافر المعارضين السنة في اشارة الى الاخوان المسلمين  تارة بالوجود على الأرض وملء الساحة حتى لا يتزايد نفوذ الحركات السنية المعارضة، وتارة باغتيال المعارضين الإسلاميين لمشروع التحالف العربي في اليمن.

وقيعة تونس

محاولات الوقيعة بين السلفيين والاخوان في تونس قديمة ، مع الهجوم الاماراتي الحاد علي النظام التونسي في اعقاب الانقلاب العسكري في مصر في 2013 ،في محاولة لتكرار التجربة في تونس .

نوفل بن إبراهيم، الناطق الرسمي باسم حزب “الأصالة” السلفي في تونس، رصد وقتها المؤامرة مؤكدا أن هناك جهات لم يسمها، لها ارتباطها بالنظام القديم، وتسعى لتشويه التيار السلفي في تونس، والوقيعة بينه وبين حركة النهضة الإسلامية، وذلك ردا علي تصريحات نصر الدين العلوي الذي ينتسب لحزب أنصار الشريعة السلفي، والتي دعا فيها إلى الحرب على حركة النهضة

وفي هذا الاطار قطعت الإمارات عن تونس أي شكل من أشكال المعونة بعد أن كانت، قبل عام 2011، ثاني شركائها التجاريين بعد ليبيا بسبب وجود حزب حركة النهضة على مقاليد السلطة برئاسة راشد الغنوشي، ومارست تدخلات كثيرة في المشهد التونسي لازالت بحسب مراقبين مستمرة، وفي وثيقة بعنوان: ” الاستراتيجية الإماراتية المقترحة تجاه تونس” كشفت الامارات فيها عن خطتها للاطاحة بحركة النهضة عبر ما اسمته إعادة بناء الإسلام التقليدي الزيتوني الغير مؤدلج في إشارة الى التيار السلفي الداعم للأنظمة.

وبرز مخطط الامارات في تصعيد المد السلفي في مواجهة اخوان تونس بحسب مراقبين مع “تقرير لجنة الحريات والمساواة” التي شكلها الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي علي غرار ما حدث في مصر عندما دشن موالون لها معارك الهوية في مصر عقب ثورة 25 يناير وتحديدا في جولة استفتاء  مارس 2011 ، حيث طرحت قضية الهوية أولا وأثارت انقساما بين الثوار في مصر قاده العديد من السلفيين.