العدسة – ياسين وجدي:

بينما تحاصر الجمعية العمومية للأمم المتحدة في دورتها ال 73  صرخات الأطفال المشردين واستغاثات المختفين قسريا والمعذبين في سجون الإمارات السرية باليمن ونواح البواكى على ضحايا القصف الانتقامي الممنهج ضد المدنيين أمام المقابر وغضبات الرافضين للاستغلال الإماراتي والطمع في ثروات وموانئ البلاد ، ينتظر الرأي العام الدولى والحقوقي موقفا من المنظمة الدولية تجاه تلك الجرائم الإماراتية.

تقرير فريق الخبراء الأممي عن جرائم الإمارات والسعودية في اليمن بجانب تقارير متواترة أخرى من منظمات حقوقية عديدة وثقت جرائم كثيرة للإمارات خاصة ، يشكلون لائحة اتهام باتت مثقلة بالوثائق، التي تحمل إدانة واضحة لأمراء الحرب الثلاثة محمد بن زايد ومحمد بن راشد محمد بن سلمان بعد أن ثبت إدانتهم حقوقيا.

“العدسة” يسلط الضوء على بعض الجرائم الإماراتية وسط ترقب دولي لموقف الأمم المتحدة منها.

 السجون السرية

السجون السرية ، أحد أدوات جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات الإمارات تحت إشراف ولى عهد أبو ظبي محمد بن زايد ووزير الدفاع الإماراتي محمد بن راشد ، وهو الاتهام الذي وثقته منظمة العفو الدولية ، مؤكدة أن الإمارات وقوات يمنية متحالفة معها قامت بتعذيب محتجزين في شبكة من السجون السرية بجنوب اليمن، داعية إلى ضرورة فتح تحقيق في هذه الانتهاكات باعتبارها جرائم حرب.

 

وأوضحت المنظمة أن تحقيقا أجري بين مارس 2016 ومايو 2018 في محافظات عدن، ولحج، وأبين، وشبوه، وحضرموت بجنوب اليمن، وثق استخداما واسع النطاق للتعذيب وغيره من أساليب المعاملة السيئة في منشآت يمنية وإماراتية، بما في ذلك الضرب والصدمات الكهربائية والعنف الجنسي، كما اتهمت مديرة برنامج الاستجابة للأزمات في منظمة العفو، تيرانا حسن، الإمارات بتشكيل “هيكل أمني مواز خارج إطار القانون”، وبأن “انتهاكات صارخة دون قيد” تتواصل داخل هذا الهيكل.

والسجون بحسب تقارير موثقة هي : ثلاثة سجون سرية تحت الأرض على عمق خمسة أمتار في مقر قيادة التحالف العربي في البريقة (غرب عدن)، وسجن بئر أحمد، الذي تتحكم فيه قوات أبو ظبي، و سجن الريان، ويقع في مباني مطار المكلا بحضرموت، وسجن قاعة وضاح ، وسجن “المنصورة”.

 

الجريمة التي حاول أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للشئون الخارجية نفيها ، أثبتها مسئول يمني رفيع المستوى بحيث جعل الأمر لا مجال فيه للإنكار، حيث دعا الوزير بحكومة هادي اللواء أحمد الميسري الإمارات في تصريح رسمي إلى إغلاق السجون التابعة لها في عدن وحضرموت ومعالجة إشكالياتها وإخضاعها للقضاء .

وكالة أسوشيتد برس هي الأخرى كشفت في تحقيق نشرته مؤخرا عن وجود 18 سجنا سريا تديرها قوات إماراتية في اليمن، مؤكدة أنها وثقت وتحققت من حوادث لاختفاء مئات الأشخاص في هذه السجون السرية بعد اعتقالهم بشكل تعسفي في إطار ملاحقة أفراد تنظيم القاعدة.

تمويل الإرهاب !

وتلاحق ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد ، جرائم موثقة بتمويل الإرهاب في اليمن ، وجعل الموانئ اليمنية ساحة لتمرير صفقات السلاح المرسلة إلى الإرهابيين في عدد من دول الصراعات.

ووفق “الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات العربية المتحدة” فإن اليمن ضمن خريطة الإمارات لتمويل الجماعات الإرهابية حول العالم ، كما أكد تقرير سري أعده خبراء للأمم المتحدة دعم الإمارات شيخا سلفيا متحالفا مع تنظيم القاعدة وجماعات الإرهاب خاصة في تعز، وكشف دور الرياض وأبو ظبي في دعم مليشيات يمنية على حساب قوات الشرعية، فضلا عن تأكيده التحقيق بشأن تزويد الإمارات الحوثيين بمواد لتصنيع طائرات مسيرة.

دوغلاس بانداو كبير الباحثين في معهد كيتو والمساعد الخاص السابق للرئيس رونالد ريجان أكد أن المعلومات الواردة في التقرير صادرة عن لجنة العقوبات الدولية على اليمن بالأمم المتحدة، وليس من جهة صحفية أو منظمة لها أجندتها، فيما أعلن الدبلوماسي اليمني السابق عباس المساوي كذلك طبقا لمصادره أن السعودية والإمارات عملتا منذ اليوم الأول لاندلاع النزاع في اليمن على تقوية الجماعات الدينية المتطرفة والمسلحة المتشددة في مواجهة جماعة الحوثي مما أدى إلى تفكك كيان الدولة، وأن تقوم مقامها تنظيمات إرهابية متطرفة تحمل السلاح وتؤمن بالعنف ولا تعترف بشرعية الدولة، موضحا أن الإمارات تدعم جماعة أبو العباس المتحالفة مع تنظيم القاعدة في تعز، وهي جماعة تعمل خارج إطار الدولة .

قتلة مع سبق الإصرار

الجرائم المستمرة من التحالف السعودي الإماراتي  ضد الاطفال في اليمن ، دفعت الأمم المتحدة إلى إدراج تحالف السعودية والإمارات في اليمن على اللائحة السوداء للدول والكيانات التي ترتكب جرائم بحق أطفال، ومنها غير استهدافهم بالقتل ، تجنيد الأطفال واستخدامهم للمشاركة بشكل فاعل في الأنشطة القتالية.

كما تورطت الإمارات  ضمن التحالف وفق تقرير خطير نشره فريق الخبراء الدوليين والإقليميين المعني باليمن في الأمم المتحدة في جرائم تصل إلى حد الجرائم الدولية ، وبناء على الحوادث التي تمت دراستها، فإن الخبراء المستقلين أعلنوا في شهر أغسطس تورط أفراد في أطراف النزاع ومنهم التحالف السعودي الإماراتي  في تنفيذ هجمات تنتهك مبادئ التمييز والتناسب واتخاذ التدابير الوقائية، بما قد يصنفها بأنها جرائم حرب.

 

ووفق مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فقد قتل 6600 مدني وأصيب أكثر من 10,500 منذ مارس 2015 وحتى الثالث والعشرين من أغسطس 2018 ومن المرجح وفق التقرير الدولي أن تكون الأرقام الحقيقية أعلى من ذلك بكثير، خاصة أن استخدام القصف الجوي من قبل التحالف أسهم في وقوع أكثر الضحايا المدنيين، بشكل مباشر، بعد أن ضرب مناطق سكنية، وأسواقا وتجمعات عزاء وأفراح، ومنشآت اعتقال، وقوارب مدنية، وحتى منشآت صحية.

الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات (ICBU)، في هذا السياق أطلقت جملة من الإجراءات القانونية، لمخاطبة السلطات البريطانية تحديدا طبقا لقوانينها لاعتقال عدد من المسؤولين الإماراتيين، وذلك على خلفية اتهامات جرائم الحرب المرتكبة في اليمن، وعلى رأسهم :”محمد بن زايد ومحمد بن راشد، وأعلنت  الحملة، حصولها على وثائق تكشف تورط الإمارات في ارتكاب جرائم التعذيب والإخفاء القسري، جنوبي اليمن، فضلا عن تنفيذ هجمات راح ضحيتها مدنيون منهم أطفال.

ويضاف إلى ذلك تردى الوضع الانساني والقتل البطيء لليمنيين حيث يعيش أكثر من 8 ملايين شخص في اليمن على شفا مجاعة كبرى وصفتها الأمم المتحدة بشكل متكرر بأنها أسوأ كارثة إنسانية في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، كما حذرت منظمة “أنقذوا الأطفال” البريطانية الإنسانية من أن المجاعة تتهدد مليون طفل إضافي في اليمن.

قراصنة ومحتلون !

الأرض والموانئ كانا دائما في أجندة الاستيلاء والاستغلال الخاصة بولي العهد محمد بن زايد في اليمن ، وهو ما عزز التصريحات التي تصف التواجد الاماراتي بالاحتلال وأبرزها ما أطلقته الناشطة اليمنية توكل كرمان الحائزة على جائزة نوبل للسلام مؤكدة ضرورة إنهاء ما وصفته باحتلال عسكري سعودي إماراتي لبلادها.

كرمان قالت بوضوح في حديث لوكالة رويترز مؤخرا : ”الاحتلال السعودي الإماراتي لليمن واضح للعيان .. لقد غدروا باليمنيين وخانوهم واستغلوا انقلاب ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران على الشرعية، ليمارسوا احتلالا بشعا ونفوذا أعظم،.. ، الإمارات تحتل الآن الجزر والموانئ والمطارات في المناطق المحررة وترفض تسليمها لسلطة الرئيس هادي “.

الأمر لا يخص كرمان وحده ، بل انتقل إلى مسئولين بارزين في السلطة الشرعية في اليمن رفضوا الصمت ، ومنها وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري الذي صرح في مايو الماضي بأن هناك احتلالا إماراتيا غير معلن لمدينة عدن جنوبي اليمن، موضحا في مقابلة مع قناة “بي.بي.أس” الأميركية أن الحكومة الشرعية لا يمكنها الذهاب إلى الميناء أو المطار في عدن ولا دخول المدينة دون موافقة أبو ظبي.

وزير الداخلية اليمني اعترف كذلك بأنه لا يملك سلطة حتى على السجون، متسائلا “ما قيمتي كوزير للداخلية؟”، وهي التصريحات التي تكررت مع أزمة سقطرى حيث نقلت وكالة رويترز عن مسؤول حكومي يمني قوله :”إن الإمارات تسعى لاحتلال اليمن ولن يحصلوا على ذلك من اليمن.. نعم اليمنيون فقراء، لكن بوسعهم القتال من أجل سيادتهم”.

وهكذا .. تنوعت الجرائم وبقى المجرم واحدا ، قابعا في قصور أبو ظبي يرفل بنعيم لا يتحصل عليه أبناء وطن كان ينعتونه باليمن السعيد ، فهل تصمت الجمعية العمومية للأمم المتحدة على ابني زايد وراشد وجنودهما ، أم سيكون للمجتمعين في الأمم المتحدة كلمة قوية أمام تلك الجرائم ؟ّ!