العدسة – ياسين وجدي:
7 أسباب دفعت القادة السياسين للضحك على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عندما مجد في انجازاته الداخلية بعد أن نسف كل مبادئ الولايات المتحدة الأمريكية وهدد الجميع.
الأمر فيما يبدو أنه ضحكات عالية لما قبل الغضب، في ظل توقعات رائجة أن يرد “ترامب” الصاع صاعين ، وأن يضحك على من ضحك عليه في وقت لاحق طبقا لشخصيته التي وإن وصفت أحياناً بأنها أقرب لشخصية المهرج أو “البلياتشو” إلا أنها ذات مزاج غاضب وانتقامي غير سهل .
أضحوكة العالم !!
كان انتقاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنظيره الأمريكي السابق أوباما قاسيا في العام 2014 ، عندما كان الأخير يتبنى سياسة تميل للانخراط الدولى، وكان ترامب يقول إنه بسبب القيادة الأمريكية الضعيفة فإن “العالم يضحك علينا” ، وكان يضيف في تغريداته : “نحتاج إلى رئيس لا يثير ضحك العالم كله. نحتاج إلى قائد عظيم بحق، عبقرى فى الاستراتيجية والفوز، والاحترام!”.
ولكن في العام 2018 ، شرب ترامب من نفس الكأس ، حيث لم يكن يتوقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن تحظى كلمات خطابه الذي ترقبته كثير من الدول والمراقبين ووسائل الإعلام ، بضحك كما حدث معه الثلاثاء الماضي خلال الكلمة التي ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، فالرجل لم يكاد ينتهي من الإشادة بنفسه وإنجازات إدارته خلال عامين حتى قوبل بعاصفة من ضحك بقية قادة وزعماء العالم .
ترامب الذي يوصف على نطاق واسع بأنه مهرج قال بثقة مبالغ فيها : “حققت إدارتي أكثر مما حققته أي إدارة أمريكية أخرى في تاريخ الولايات المتحدة”، فكان الرد أنه بمجرد وان تلفظ بهذه الكلمات، ضحك بقية قادة وزعماء العالم وقاطع صوت الضحك خطابه، وبات في موقف لا يحسد عليه ، أجبره على أن يبتسم قائلا”لم أتوقع ردة الفعل هذه ولكن حسنا” !!.
الرئيس الأمريكى أساء فهم رد الفعل، فالحضور “ضحك على” جملته ولم “يضحك معه”، لكن ترامب كعادته ظن العكس قائلا في تصريحات صحفية : “لقد كان رائعا، كان من المفترض أن نحصل على بعض الضحكات، لكنه كان رائعا” ، وأعرب عن “سعادته البالغة” بخطابه، قائلا: “لقد حصلنا على تقييمات جيدة للغاية” دون أن يقدم أي تفسير لما أعلنه من تناقضات خاصة وأن هذه هي المرة الأولى التي يضحك فيها قادة العالم على خطاب لرئيس دولة في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بحسب المراقبون الدوليون .
أسباب الضحك !
السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي وضعت أغرب الأسباب في مواجهة الموقف المحرج الذي حاصر ترامب ، وزعمت هيلي المقربة من ترامب خلال مداخلة هاتفية مع قناة فوكس نيوز الأمريكية أن الضحك علامة الحب ، بقولها :” إن خطاب الرئيس الأمريكي أمام الجمعية العامة جعل الأعضاء يضحكون لأنهم أحبوا أمانته واحترموه”، مضيفة بجدية تامة: “أحبوا أمانته. لم يكن دبلوماسيا ووجدوا ذلك مضحكا”!!.
لكن صحيفة الواشنطن بوست، أرجعت السبب إلى مادة الخطاب وغرابتها ، مؤكدة أن “ترامب” بسببها تحول إلى مادة للضحك والسخرية، حتى وصل الأمر إلى تهامس الزعماء وكتم ضحكاتهم وهم يستمعون له مضيفة أن “العالم ضحك من حديث ترامب خلال الحملة الانتخابية “وها هو يضحك منا الآن، وبالخصوص من رئيسنا”.
ولفت الصحيفة الأمريكية البارزة سببا آخر للضحك ، مؤكدة أنه مع أن الخطاب كان موجها لقادة العالم فإن ترامب بدا وكأنه في حملة انتخابية ويتباهى بالقول “في أقل من سنتين حققت إدارتي ما لم تحققه أي إدارة أميركية على مر التاريخ”، وهو ما دفع قادة العالم إلى عدم السيطرة على مغالبة الضحك، في ظل أن الكلمة بدت “فكاهية جدا” ومتناقضة مع ما كان ينتظرونه !
الضحك لم يكن على الملأ بل وصل إلى تسجيل الرد على فقرات بعينها في الخطاب بالسخرية ، وهو ما حدث عندما انتقد ترامب اعتماد الألمان على الطاقة الروسية، حيث رد الوفد الألماني الحاضر في الجلسة، وفي مقدمتهم هايكو ماس وزير الخارجية الالماني، بالضحك فقط على تصريحات ترامب ، وهو ما جرى تصديره اعلاميا.
ويرى البعض أن ضحك قادة العالم جاء ردا عكسيا من كم الهجوم والاساءة اللذان ظهرا في خطاب ترامب والذي طال الجميع ، حيث هاجم ترامب المحكمة الجنائية الدولية والدول الاشتراكية ومجلس حقوق الإنسان ومعاهدة الأمم المتحدة الجديدة بشأن الهجرة، وهدد المستفيدين من المساعدات الأميركية، ومعظم هؤلاء في أميركا الجنوبية وأفريقيا وأوروبا الشرقية وجنوب آسيا ، وجدد وعيده بوقف المساهمة في تمويل قوات حفظ السلام الدولية، وهي كمية تهديدات كثيرة في وقت واحد !! .
ويرى مراقبون أن التهكم جاء في سياق طبيعي في ظل أن البعض ممن استمعوا إلى خطاب ترامب ، استعادوا أجواء الثلاثينيات، وهو الأمر المثير للسخرية والتهكم خاصة أنه قيل في مقر الأمم المتحدة التي نشأت بعد أصداء الثلاثينات لتنهي مأس كثيرة شهدها العالم في تلك الفترة القاتمة من التاريخ.
المفارقة الأبرز أن هذا الخطاب يأتي بعد مائة عام بالضبط من خطاب لرئيس الولايات المتحدة، وودرو ويلسون، المشهور باسم النقاط الأربع عشرة، الذي أنهى فيه عزلة الولايات المتحدة لصالح دور في قيادة عالم جديد يقوم على ليبرالية الاقتصاد العالمي وبناء منظمة دولية جامعة وقانون دولي، لكن ترامب سار في الاتجاه المعاكس.
هل يرد ترامب؟!
احراج شخصية بحجم وصفات ترامب قد لا يمر سريعا في عقلية الرجل الذي وصفه كتاب “الخوف: ترامب فى البيت الأبيض”، بأنه دائما غارق فى “انهيار عصبى” دائم، فضلا عن سيطرة “جنون الارتياب عليه والغضب ، وهو ما يطرح التساؤل : “هل يضحك على ترامب على من ضحك عليه في قاعة الأمم المتحدة بطريقته؟!”؟، وهو ما ذهبت للاجابة عنه شبكة “سي إن إن“ الأمريكية ، بقولها :”رؤية الرئيس الأميركي قاتمة وعلى الجميع القلق”.
الشبكة الأمريكية ، قالت : “قبل أن ينتهي ترامب من كلمته كانت الأجواء قاتمة إلى حد كبير داخل القاعة المبجلة” مضيفا أن الرعونة التي ظهرت في خطاب ترامب والكثير من الغرور والقليل من التواضع فضلا عن تقسيم ترامب العالم في كلمته إلى دول صديقة وأخرى لا تستحق صداقته، فضلا عن التهديد بقوله : ” لن نخضِع أبدا سيادة أميركا إلى بيروقراطية عالمية غير منتخبة وغير خاضعة للمساءلة. أميركا يحكمها الأميركيون. نحن نرفض أيديولوجية العولمة، ونتبنى عقيدة الوطنية “.
ويرى مراقبون أنه بالاقتراب من التاريخ الشخصي لترامب ووضعه بعين الاعتبار فإنّ الضحك الذي واجهه، قد يستفزه للمزيد من كراهية أطر العمل الدولية، وإلى خفض المشاركة والالتزام الأميركيين بهما أكثر، ما سيهدد النظام الدولي أكثر، حيث أمامه عامان لفعل المزيد، وقد يؤدي خطابه الشعبوي لإعادة انتخابه للرئاسة فيصبح أمام العالم ستة أعوام بمواجهة شخص يحتقر “العولمة” والقوانين الجامعة للإنسانية وللدول.
ويرى متابعون للشأن الأمريكي أن الخطاب فعليا حمل تهديدا واضحا بعد الضحك ، حيث رد ترامب قائلا “لم أتوقع ردة الفعل هذه ولكن حسنا” ، حيث يصنفون ” حسنا” تلك بأنها من الممكن أن تحمل تهديدا خاصة أن ترامب أظهر نواياه الحقيقة في بداية خطابه باستعراض عضلاته على صعيد السياسيات الداخلية والخارجية على السواء وبداية عهد جديد ملخصه أما ان تكون صديقي وتابع لي كرئيس النظام المصري أن تكون عدوي كما ايران وأمثالها.
اضف تعليقا