إبراهيم سمعان
اختفاء الصحافي السعودي المعارض للسلطة جمال خاشقجي في العاصمة التركية واحتمال مقتله في قنصلية بلاده باسطنبول، بمثابة قنبلة موقوتة ضد آل سعود، وفقا لصحيفة “لوريون لوجور”، التي أوردت مجموعة من القرارات التي قد يتخذها الرئيس رجب طيب أردوغان.
وقال عدد من المسؤولين الأتراك طلبوا عدم ذكر أسمائهم السبت لوكالة رويترز ووكالة الصحافة الفرنسية إن هذا المفكر المعروف بانتقاده السلطة السعودية قتل في قنصلية بلاده في العاصمة التركية، فيما أكد ياسين أكتاي مستشار الرئيس رجب طيب أردوغان، ، القريب أيضا من جمال خاشقجي ، المعلومات إلى رويترز.
وأوضح مسئول تركي “نعتقد أن القتل متعمد وأن الجثة نقلت من القنصلية فيما بعد” وبحسب ما ورد نفذت العملية مجموعة من 15 سعودياً وصلوا إلى تركيا في نفس اليوم.
خطيبته التركية خديجة جنجيز ، أي أخبار عن شريكها منذ يوم الثلاثاء الماضي، فبعد أن دخل القنصلية السعودية لم يغادرها، وفقاً للشرطة التركية، فيما أوضح ياسين أكاتي لوكالة فرانس برس أن خاشقجي ذهب إلى القنصلية وفقا لموعد حدد له، لذلك كانوا يعلمون متى سيكون هناك”.
المملكة السعودية تقول من جهتها إن الصحفي غادر القنصلية بعد فترة وجيزة من دخوله، وردا على سؤال للتعليق على الموضوع خلال مقابلة الجمعة في وكالة بلومبرج، دعا ولي العهد السعودي محمد بن سلمان السلطات التركية إلى “تفتيش” القنصلية، ومع ذلك، لم تقدم الرياض أي دليل في هذا الوقت على أن خاشقجي قد غادر مقر القنصلية بالفعل.
ووفقا للصحيفة القضية تبدو غير عادية لدرجة أنه من الأفضل تجنب الاستنتاجات المتسرعة، فما زلنا نتحدث عن عملية اغتيال على الأراضي التركية لصحفي سعودي، بأسلوب كان يتبعه أنظمة القذافي وصدام والأسد.
ونوهت بأنه بالنسبة للمملكة السعودية، التي توجه لها بانتظام انتقاد انتهاكات حقوق الإنسان، هذا القضية ستكون بمثابة تغيير ملحوظ، للسلطة الجديدة في الرياض، التي يجسدها محمد بن سلمان، والتي اتخذت بالفعل سلسلة من الإجراءات القريبة.
وضربت الصحيفة أمثلة على ذلك بالهجوم العسكري في اليمن، وتهميش محمد بن نايف، وفرض حصار على قطر، وحملة التطهير التي جرت في نوفمبر الماضي واحتجز خلالها أكثر الرجال نفوذا بالبلاد في فندق ريتز كارلتون الرياض ، وكذلك استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري واحتجازه في العاصمة السعودية.
وأشارت إلى أن كل هذه الأحداث كان لا يمكن التنبؤ بها، أو تصورها حتى وقت قريب جدا، لكن جريمة القتل المتعمد لجمال خاشقجي، إذا تأكدت، ستظل علامة على تصعيد جديد ضد المعارضين.
وبينت أن الاعتقالات العديدة للخصوم السياسيين في الأشهر الأخيرة أكدت أن النظام السعودي الجديد لا يتسامح مع النقد، فالرياض ذهبت إلى حد قطع العلاقات مع كندا في أغسطس الماضي لأن أوتاوا انتقدت اعتقال المعارضين.
يريد محمد بن سلمان أن يعطي انطباعا للغرب على أنه المصلح القادر على تحديث كل شيء في بلاده، ومن الواضح أن الأصوات المعارضة التي يمكن أن تشوه هذه الرسالة يعتبرها تهديدا.
ولفتت الصحيفة إلى قضية سلمان العودة الذي صدرت بحقه عقوبة الإعدام أوائل سبتمبر، وها هو أيضًا حال جمال خاشقجي، الذي يدين بشكل منتظم الطبيعة السلطوية للسلطة السعودية وينتقد سياستها، خاصة فيما يتعلق بقطر والإخوان المسلمين.
وأكدت “لوريون لوجور” على أن القضية لن تتوقف عند هذا الحد، ويمكن أن يكون لها عواقب وخيمة على الرياض ، إذا أكد التحقيق أن خاشقجي قتل، فأنقرة لا يمكن أن تقبل، على أي حال هذا الأمر، الذي يعد إهانة لسيادتها.
وقالت إن العلاقة بين أنقرة والرياض ليست جيدة منذ عدة سنوات بسبب الدعم التركي للإخوان المسلمين، وأيضا قطر، كما أن دعم تركيا للقضية الفلسطينية، غير مرحب به في الرياض، وأيضا التعاون التركي-الإيراني في المنطقة.
وأضافت على الرغم من الاختلافات بينهما، حاول البلدان مع ذلك الحفاظ على علاقات ودية، لكن في مارس الماضي، تسبب إلغاء بث جميع المسلسلات التركية على قنوات MBC في حدوث أزمة صغيرة بين القوتين اللتين ترغبان في قيام كل منهما بالترويج لنموذج مختلف للسلطة الإسلامية.
وبينت أن الرئيس أردوغان قد يقرر قطع العلاقات مع الرياض، أو تهديد المملكة بالانتقام، إذا تم تأكيد القتل، وقد تؤدي القضية أيضا إلى تعقيد العلاقات بين السعودية وحليفتها الولايات المتحدة، فواشنطن أكدت أنها تتابع “الوضع عن كثب”.
عززت إدارة ترامب العلاقات بين واشنطن والرياض، التي تم تقويضها خلال ولاية باراك أوباما، بما في ذلك تأكيد واشنطن على أن إيران مصدر رئيسي لزعزعة الاستقرار في المنطقة، لكن الأصوات بدأت تنتقد العاصمة الأمريكية حول عدم القدرة على التنبؤ بعدم النضج السياسي لولي العهد.
في هذه الأثناء، لا يفوت دونالد ترامب فرصة واحدة لإذلال المملكة بتذكيرها كيف يحميها حليفها الأمريكي، ويلقي باللوم عليها في ارتفاع سعر برميل النفط.
لقد أظهر مستأجر البيت البيض بالفعل أنه غير مبالي تجاه قضايا حقوق الإنسان ويقترب من الحكام الديكتاتوريين أكثر من حلفائه في الدول الديمقراطية، لكن هل يمكن لواشنطن ألا تتصرف إذا أكد التحقيق مسؤولية السعودية في مقتل خاشقجي؟
اضف تعليقا