كتب- باسم الشجاعي:

ألقت أزمة اختفاء الصحفي السعودي الشهير “جمال خاشقجي”، الذي فقد آثره منذ 2 أكتوبر الحالي، بعد مراجعة قنصلية بلاده في تركيا، بظلالها على المؤتمر الاستثماري المعروف باسم “مبادرة مستقبل الاستثمار”، الذي يرأسه ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان”.

واختفى “خاشقجي” (59 عاما)، في 2 أكتوبر الجاري، عقب دخوله مبنى قنصلية بلاده في إسطنبول دون أن يخرج منها، لكن القنصلية نفت احتجازه لديها، وادعت أنه غادرها دون أن تقدم دليلا على ذلك.

وتشير التسريبات التي نشرتها وسائل إعلام قريبه من السلطات التركية إلى أن “خاشقجي” جرى تعذيبه وقتله داخل قنصلية بلاده.

ويسعى المؤتمر في دورته الثانية الذي من المقرر أن يبدأ في 23 من الشهر الجاري ويستمر ثلاثة أيام، لجذب بعضا من كبار مستثمري العالم في مجالات الإعلام والتكنولوجيا والخدمات المالية، ولكن بوادر الفشل بدأت تظهر، من خلال انسحاب ومقاطعة العديد من المؤسسات العالمية.

انسحابات بالجملة

أحدث مقاطعة كانت من نصيب رئيس مجموعة البنك الدولي “جيم يونغ كيم”، الذي أعلن عدم مشاركته في مؤتمر ” مبادرة مستقبل الاستثمار”، بحسب ما أرودت وكالة “الأناضول” التركية.

وكان من المقرر أن يلقي “يونغ كيم”، كلمة خلال المؤتمر.

وتوالى الانسحابات من “مبادرة مستقبل الاستثمار” منذ “الخميس” 11 أكتوبر، ما يعني أن مصير انعقاد المؤتمر بات مهددا.

وسبق مقاطعة “كيم”، انسحاب الرئيس التنفيذي لشركة “أوبر” الأمريكية، “دارا خسروشاهي”، من المؤتمر، بعد أن تم اختياره لأن يكون متحدثًا بإحدى جلساته حول “مستقبل المواصلات”.

و”أوبر” شركة تكنلوجية أمريكية متعددة الجنسيات ومقرها في سان فرانسيسكو، كاليفورنيا وقامت بتطوير أسواق تعمل على تطبيق “أوبر” للهواتف النقالة.

واضافة الى هذه الشركة، أعلنت  عدد من المؤسسات الاعلامية الدولية ومنها “ايكونوميست” وصحيفة “نيويورك تايمز” عن عزوفها عن المشاركة في هذا المؤتمر.

وقالت المتحدثة باسم رئيسة تحرير صحيفة “إيكونومست”، “لورين هاكيت”، إن “بيدوس” لن تشارك في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض.

وانضمت شبكة “بلومبرغ” الأمريكية الشهيرة، والمتخصصة في الموضوعات الاقتصادية والاستثمارية، إلى قائمة المنسحبين من مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار”.

وقال متحدث باسم الشبكة: “بلومبرغ لم تعد شريكا إعلاميا في مبادرة مستقبل الاستثمار.. كما نفعل مع أي حدث كبير في المنطقة، نعتزم تغطية أي أنباء من مكتبنا الإقليمي للأخبار”، حسب ما نقلت عنه وكالة “رويترز”.

كما ذكر المذيع الأمريكي بشبكة (سي.إن.بي.سي) و الصحفي الاقتصادي بنيويورك تايمز “أندرو روس سوركين”، أنه لن يحضر المؤتمر، موضحا أنه “يشعر باستياء شديد من اختفاء الصحفي “جمال خاشقجي” والتقارير الواردة عن مقتله”.

وقال المتحدث باسم “شركة فياكوم”، “جاستن ديني” إن رئيسها التنفيذي “بوب باكيش” لن يحضر المؤتمر بعد أن كان أحد المتحدثين فيه.

كما أعلن الملياردير البريطاني “ريتشارد برانسون”،  أن مجموعته “فيرجن غروب” ستعلق محادثاتها مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي بشأن استثمارات مقررة، حجمها مليار دولار.

وقال “برانسون”، في بيان له “الخميس” 11 أكتوبر، “إذا ثبتت صحة ما ورد أنه حدث في تركيا بشأن اختفاء الصحفي “جمال خاشقجي”، فسيغير ذلك بوضوح قدرة أي منا في الغرب على القيام بأعمال مع الحكومة السعودية”.

وأضاف أنه سيعلق عمله في إدارة مشروعين سياحيين سعوديين بمدينة نيوم الاقتصادية على البحر الأحمر، بسبب اختفاء “خاشقجي”.

كما قرر ملياردير آخر هو “ستيف كيس” أحد مؤسسي “إيه.أو.إل” أن ينأى بنفسه عن السعودية، قائلا إنه لن يحضر المؤتمر.

وكتب على موقع “تويتر”، قائلاً: “قررت في ضوء الأحداث الأخيرة أن أعلق خططي بانتظار مزيد من المعلومات بخصوص “جمال خاشقجي”.

وفي السياق ذاته، أعلن وزير الطاقة الأمريكي السابق “إرنست مونيز”، تعليق دوره الاستشاري في مشروع “نيوم” السعودي لحين معرفة مزيد من المعلومات عن “خاشقجي”.

وكان “مونيز” واحدا من 18 شخصا يشرفون على مشروع نيوم الذي تبلغ كلفته 500 مليار دولار.

عقوبات اقتصادية

بريطانيا دخلت على خط الأزمة؛ حيث قالت صحيفة “الاندبندنت”، “الجمعة” 12 أكتوبر، ان المملكة المتحدة بدأت في تجهيز قائمة باسماء شخصيات أمنية وحكومية سعودية من المحتمل أن يجري استهدافها بعقوبات، وذلك في انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات في اختفاء الصحفي السعودي “جمال خاشقجي”.

ونقلت الصحيفة عن مصدر قريب من الرياض ولندن قوله ان القائمة التي يجري تجهيزها من قبل وزارة الخارجية والكومنولث يمكن ان تستخدم في حالة اتخاذ المملكة المتحدة قرارا بتفعيل “تعديل ماغنيتسكي” الذي تم تمريره العام الحالي، ويسمح لبريطانيا بفرض عقوبات ضد مسؤولين أجانب متهمين بانتهاكات لحقوق الانسان، أو لتطبيق قيود على التجارة والسفر بالتنسيق مع الاتحاد الاوروبي.

آخر تطورات القضية

وعن آخر التطورات التي تشهدها قضية “خاشقجي”، قالت شبكة “سي إن إن”، الأميركية، “الجمعة” 12 أكتوبر، إن لدى تركيا تسجيلات صوتية ومرئية، تؤيد رواية مقتل الصحفي السعودي، داخل قنصلية بلاده في إسطنبول.

ونقلت الشبكة الإخبارية عن مصدر مطلع على التحقيقات (لم تسمها)، أن وكالة استخبارات غربية اطلعت على الأدلة التي تُظهر وقوع عراك داخل القنصلية، بعد دخول “خاشقجي” إليها، في 2 أكتوبر.

وكانت صحيفة “واشنطن بوست”، نقلت في وقت سابق عن مصادر وصفتها بـ”المطلعة”، أن تسجيلات سُرّبت من داخل القنصلية السعودية تظهر أصوات تعذيب “خاشقجي” وأصوات المحققين وأسلوب تعاملهم معه قبل قتله.

وقال المصدر الذي لم تسمه: “يمكنك سماع صوت خاشقجي وأصوات الرجال الذين يتحدثون العربية”، وكذلك يمكنك سماع كيف تم استجوابه وتعذيبه ثم قتله”.

وكان “خاشقجي” دخل إلى قنصلية بلاده في إسطنبول الثلاثاء 2 أكتوبر الجاري، ولم يخرج.

ومنذ اختفائه، تتوالى الروايات المتناقضة عن مصيره؛ حيث سربت الصحف التركية القريبة من النظام معلومات، كلها تدعم رواية تصفية “خاشقجي” على يد فريق مكون من 15 عميلاً سعوديًا.