إبراهيم سمعان

هناك دول يعتبرها الغرب حلفاء رغم عدائهم الدائم للديمقراطية، وآخرون يفعلون أي شيء دون أن يجرؤ أحد على رفع الأصوات ضدهم، ومنهم المملكة السعودية التي تعتبر أبرز مثال على بلد منشق ينشر الكراهية في جميع أنحاء الكوكب مع إفلات تام من العقاب، لكن اختفاء الصحفي جمال خاشقجي (وربما اغتياله)، هل يضع حداً لانحراف الغرب؟.

 

سؤال طرحته صحيفة “24heuresactu” الفرنسية، التي رأت أن فرنسا بلد التنوير تحولت إلى “ممسحة تقوم الأسرة المالكة السعودية بمسح أقدامها عليها”، بعد غضها الطرف عن الانتهاكات التي ترتكبها الرياض في الداخل والخارج.

وأوضحت أنه في الوقت الذي يدفن فيه اليمن تحت القنابل السعودية منذ عام 2014، لا تجد فرنسا ومسئوليها أي شيء لقوله، فاليمنيون مخطئون لعدم الامتثال لطلبات الرياض، والأسوأ من ذلك، بعضهم من الشيعة! وهذا يكفي السعودية لإصدار الحق في قصف المدارس والحافلات المدرسية والمستشفيات بالقنابل في بلد يعاني اقتصاديا بالفعل، قتلت الحرب أكثر من 10 آلاف شخص وأدت إلى مجاعة تهدد أكثر من خمسة ملايين يمني دون أن تهتز فرنسا وقيمها العالمية.

 

وأشارت إلى أنه لدى دولة البترودولارات القدرة على إسكات العالم، وفي ظل الدماء التي تنزف على أرض جارتهم الشمالية، تفضل السلطات الفرنسية إخفاء الحقيقة وعدم الحديث عن هذه الحرب الوحشية، مستنكرة أن يصل الأمر إلى استمرار الدبلوماسية الفرنسية على هذا النهج في قضية خاشقجي.

وقالت هذا الاسم، الذي لم يكن معروفا للكثيرين حول العالم قبل بضعة أسابيع، اختفى بعد دخوله القنصلية السعودية في اسطنبول، هذا الصحفي الذي يستحق بالتأكيد ذاك اللقب، لم ينحن لأوامر السلطة وكان لديه الشجاعة لشجب الحرب في اليمن.

وأضافت موقفه أجبره على الذهاب للمنفى كي يتجنب مصيرا مأساويا، فسافر للولايات المتحدة عام 2017، من أجل حياة جديدة تحميه من الغضب السعودي، لكن ولي العهد الذي كان وراء الحرب في اليمن أراد جلد هذا المعارض ولم يفوت فرصة زيارته إلى قنصلية بلاده في إسطنبول لمعاقبته.

 

الدبلوماسية المخجلة

واستنكرت الصحيفة رد الفعل الفرنسي على اختفاء خاشقجي فبعد أسبوع تقريبا من اختفائه وظهور مؤشرات على جريمة قتل بشعة أصبحت أكثر وضوحا، قالت فرنسا من خلال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية: “إنها تعرب عن قلقها بشأن اختفاء جمال خاشقجي، الشخصية السعودية المعروفة والمحترمة نتمنى توضيح وضعه في أسرع وقت ممكن”، معتبرة أن التصريحات سقطة لحقوق الإنسان في فرنسا.

 

وبينت أن فرنسا كانت تضع وجهها في الأرض حتى لا تضطر إلى انتقاد دولة ما زالت تشتري الكثير من الأسلحة، التي تحتاجها لقتل اليمنيين، كما أن الاتحاد الأوروبي لم يصدر بيانه بشأن هذه القضية إلا عندما رفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نبرته تجاه السعودية وتوعد “بعقاب قاس” إذا تأكد اغتيال جمال خاشقجي.

 

وبينت أنه بعد تهديد ترامب انخفض سوق الأسهم في السعودية بينما وصل الريال إلى أدنى مستوى له منذ عامين، فهذه القلعة الرملية التي تزرع الكراهية وأفلتت من العقاب في الماضي، يمكن أن يدمرها غضب ترامب.