لازالت لعنة دماء الصحفي السعودي “جمال خاشقجي”، الذي قتل داخل قنصلية بلاده في تركيا، مطلع الشهر الجاري، تطارد ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان”؛ حيث اتسعت دائرة المقاطعة للمؤتمر الاقتصادي السعودي.
وبلغ عدد المقاطعين للمؤتمر الذي أطلق عليه اسم “مبادرة مستقبل الاستثمار”، 33 كيانا، وكان آخرها مؤسسة “فوكس بيزنس نتورك” الأمريكية.
وقالت الشبكة، في بيان لها “الخميس” 18 أكتوبر: “ألغت فوكس بيزنس نتورك رعايتها ومشاركتها في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في السعودية.. نواصل السعي لإجراء مقابلة مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان”.
وتعتبر “فوكس بيزنس نتورك”، بالإضافة إلى “سي.إن.بي.سي” و”بلومبرغ”، من بين الشركاء الإعلاميين الذين كانوا يضطلعون بدور كبير في المؤتمر، الذي من المقرر أن يبدأ في 23 أكتوبر الجاري.
وتكتسي خطوة انسحاب شبكة “فوكس” أهمية خاصة، لقربها من الرئيس الأمريكي، حيث صرح “ترامب”، أكثر من مرة، أنها الشبكة الإعلامية المفضلة له، وقد يفسر هذا الأمر سبب تأخر تلك الخطوة.
كما حسم الرئيس التنفيذي لمجموعة “غولدمان ساكس” المالية متعددة الجنسيات “ديفيد سولومون” موقف المجموعة من حضور مؤتمر الاستثمار السعودي.
وقال “سولومون”، في مقابلة مع “سي.إن.بي.سي”، “الخميس”، إن المجموعة لن ترسل أيا من مسؤوليها التنفيذيين إلى مؤتمر الاستثمار السعودي.
وأضاف: “لم أكن أخطط للذهاب، ولن يذهب أي من مسؤولينا التنفيذيين الكبار إلى المؤتمر”.
وانضم أيضا وزير الخزانة الأمريكي “ستيفن منوتشين”، لقائمة المقاطعين للمؤتمر؛ حيث قال إنه لن يحضر المؤتمر الاقتصادي الذي يعقد في السعودية.
وأعلن الوزير في تصريح صحفي “التقيت للتو (الرئيس) دونالد ترامب ووزير الخارجية (مايك) بومبيو وقررنا ألا أشارك في مبادرة مستقبل الاستثمار‘ في المملكة العربية السعودية”.
وأدى إعلان “منوتشين” إلى انخفاض بورصة نيويورك.
كما ألغى وزير الاقتصاد الفرنسي “برونو لومير”، مشاركته في المؤتمر السعودي، وقال لقناة “بوبليك سينا” التلفزيونية “لن أذهب إلى الرياض الأسبوع المقبل” موضحا أن “الظروف غير متوافرة اليوم” للمشاركة في منتدى المستثمرين هذا. مضيفا “اتصلت أمس بنظيري (السعودي) لأبلغه بأنني لن أشارك في هذا المنتدى. أعتقد أن بإمكانه أن يتفهم عدم توجه وزير الاقتصاد الفرنسي إلى الرياض وسط الظروف الراهنة”.
بدوره ألغى أيضا وزير المالية الهولندي “فوبكي هويكسترا” مشاركته في منتدى الاقتصاد السعودي نظرا لعدم وجود توضيحات من الرياض حول مصير “خاشقجي”.
ومن المقرر أن يعقد هذا المؤتمر الذي ينظمه الصندوق السيادي السعودي، بين 23 و25 أكتوبر الأول، ولم يعُد بالإمكان الاطلاع على لائحة الأشخاص الذين سيلقون كلمات خلال المؤتمر، ما يعني أن قرار إلغاؤه أصبح وشيكا.
تعليق الزيارات السياسية
الأمر لم يقتصر على الجانب الاقتصادي وحسب، بل علَّقت فرنسا وألمانيا وبريطانيا وهولندا زياراتها السياسية للسعودية؛ وذلك على خلفية قضية مقتل “خاشقجي”.
وقالت وكالة الأنباء الألمانية، “الخميس”، 18 أكتوبر، إن الدول الأوروبية الأربع علَّقت جميع زياراتها السياسية للمملكة العربية السعودية، حتى الحصول على توضيحات حول قضية مقتل “خاشقجي”.
وقبل أيام، طالبت فرنسا وبريطانيا وألمانيا، في بيان مشترك، بإجراء تحقيق “موثوق به” للوقوف على حقيقة ما حدث وتحديد المسؤولين عنه.
ويأتي قرار زعماء الدول الأوروبية تزامنًا مع آخر تصريحات للرئيس الأميركي، “دونالد ترمب”، التي أقر فيها بأن جمال “خاشقجي” قد مات.
ويعد هذا التصريح هو الأقوى من قِبل الرئيس الأميركي على مقتل “خاشقجي” بعد دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول قبل أسبوعين.
بضعة أيام
وفي هذا الصدد، قال وزير الخارجية الأميركي “مايك بومبيو”، إنه أبلغ الرئيس “دونالد ترامب” بأنه ينبغي للولايات المتحدة منح السعودية “بضعة أيام إضافية” لـ”إنجاز تحقيقها” في اختفاء “خاشقجي”.
وقال “بومبيو”، للصحفيين في البيت الأبيض بعد اجتماع مع “ترامب”، “الخميس”: “أبلغت الرئيس هذا الصباح بأنه ينبغي لنا منحهم بضعة أيام إضافية… حتى يتوفر لنا أيضا فهم كامل للوقائع” قبل اتخاذ قرار بشأن الرد.
وأشار المسؤول الأميركي إلى أن الرئيس التركي، “رجب طيب أردوغان”، أكد له أنه سيطلع السعوديين على نتائج التحقيق.
وفي وقت سابق، قالت شبكة “أي بي سي”، إن وزير الخارجية الأمريكي، “مايك بومبيو”، استمع إلى تسجيل صوتي لعملية قتل الصحفي السعودي، “جمال خاشقجي”، أثناء اجتماعات في تركيا، “الأربعاء” الماضي، كما أن أنقرة زودته بنسخة من التسجيلات.
ويعتقد المسؤولين الأتراك أن “خاشقجي” قُتل داخل القنصلية السعودية بعد صراع دام ثماني دقائق، ويعتقدون أنه مات بسبب الخنق.
ولكن لا يزال الغموض يكتنف مكان جثة “جمال خاشقجي”، وذلك بعد انتهاء عملية تفتيش منزل القنصل السعودي في إسطنبول.
اضف تعليقا