إبراهيم سمعان

الضغوط التي تتعرض لها السعودية بسبب مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي، وصورة المملكة التي شوهت دوليا إلى حد كبير منذ صعود محمد بن سلمان إلى ولاية العهد، لن يكون لها تأثير على لبنان في المدى القصير، حتى لو كان “حزب الله” مبتهج برؤية عدوه متهم من قبل وسائل الإعلام ويضعف على الساحة الدولية.

 

وتقول صحيفة “لو ريون لو جورنال” إن الأخبار التي يُكشف عنها من يوم لآخر بشأن كيفية اغتيال خاشقجي، وآثار ذلك على العلاقة بين الولايات المتحدة وحليفها الرئيسي في المنطقة، لا ينبغي ألا تقلل من الحرب التي تقودها واشنطن ضد حزب الله، ولا سيما من خلال فرض عقوبات جديدة عليه.

 

هذه هي النظرية التي تدعمها مصادر قريبة من الحزب الشيعي، لكنها ترفض الاعتراف بأي تداعيات للأزمة التي هزت العاصمة السعودية في الأسابيع الأخيرة على تشكيل الحكومة، ففي هذه الدوائر، تشير التقديرات إلى أن المأزق الجديد في لبنان (فشل تشكيل الحكومة) لا يرتبط بأي شكل من الأشكال بالتطورات الأخيرة تجاه الرياض، وما حدث سببه اعتبارات “داخلية بحتة”.

 

لكن هذا ليس رأي مصدر مقرب من تيار المستقبل ، الذي فسر التدخّل الأخير لزعيم الحزب الشيعي بأنه “مزايدة مموهة”، حيث أعلن حسن نصر الله يوم الجمعة الماضي عن “نقاط مهمة” ظلت غير مطروحة ودافع عن حق النواب الستة السنيين المؤيدين لـ 8 آذار .

 

ووفقا للمصدر، الحزب الشيعي يسعى للاستفادة من ضعف الرياض، وبالتالي حلفائها، موضحا أن زيارة رئيس الوزراء سعد الحريري إلى الرياض، علامة على أنه “غير مستعد للانحناء”.

 

من جهته رفض مسؤول مقرب من حزب الله، الربط بين تشكيل الحكومة وقضية خاشقجي، ومع ذلك، يرى أن ضعف الرياض ينبغي أن يشجع حلفاءها اللبنانيين لوضع حد بشأن طلبات الرياض منهم ودفع رئيس الوزراء المعين للحصول على حريته.

 

وأضاف “إذا كان الحريري يخشى حتى الآن رد فعل محتمل من الرياض حول تشكيل الحكومة، ينبغي الآن عليه اغتنام الفرصة لاتخاذ قرار مع مزيد من الحرية”.

 

كما أن الحزب الشيعي، يعتقد أن هامش مناورة رئيس الوزراء الآن أوسع بكثير بعد هذه القضية، لا سيما في ظل التسريبات الإعلامية الأخيرة التي أشارت إلى تعرضه للاعتداء خلال احتجازه بالسعودية.

 

ووفقا لمصادر دبلوماسية في المملكة السعودية والغرب، ذكرت رويترز ، أن الحريري تعرض لإذلال لفظي من قبل سعود القحطاني، أحد المقربين من محمد بن سلمان، والذي يعتقد أنه شارك في اغتيال خاشقجي.

 

ولكن بغض النظر عن العواقب المحتملة لمقتل الصحفي السعودي على تشكيل الحكومة اللبنانية، فإن القضية تبقى مهمة لحزب الله، الذي لا يمكنه إلا الفرح فقط برؤية منافسه الرئيسي في مثل هذا الوضع السيئ، دون أن يكون قادراً على ترجمة ذلك إلى مكاسب جيوسياسية.

 

وفي بيان مقتضب قبل بضعة أيام انتهز نصر الله فرصة اتهام وسائل الإعلام ولي العهد بالقتل، مطالبا قادة المملكة السعودية بوضع حد للحرب في اليمن، وأشار الزعيم الشيعي إلى “الحرج” الذي تقع فيه إدارة ترامب، مشددا على أن الحكومة السعودية ” في موقف صعب جدا”، مع الحرص على القول إن التغاضي الدولي عن انتهاكات الرياض في اليمن لن تستمر وعلى السعودية أن تنتهز الفرصة للانسحاب من هذا المستنقع.

 

إذا كان زعيم حزب الله ركز في رد فعله على المسألة اليمنية، فذلك لأن هذه القضية هي التي تهمه أكثر ” موت مواطن سعودي لا يهم حسن نصر الله، ناهيك عن حقيقة أنه صحفي معروف بمواقفه الحاسمة تجاه النظام السعودي الحالي، لكن هذه القضية يمكن أن يكون لها تأثير على الوضع الإقليمي” يقول طلال عتريسي، أستاذ في جامعة لافال وعلى مقربة من الحزب الشيعي، منوها بأن حزب الله غير مهتم بمشكلة قمع الحريات.

على العكس ، حزب الله مستاء من فكرة أن “الوضع المأساوي في اليمن، حيث يتم ذبح آلاف المدنيين، لم يتم تغطيته إعلاميا بشكل أكبر أو يجذب اهتمام الدول الغربية”، موضحا “حزب الله على أي حال فائز حالما يتم وضع محمد بن سلمان في قفص الاتهام”.

داخل دوائر الحزب الشيعي، الواقعية هي أمر صعب وينتظرون لرؤية كيف سيكون رد فعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ظل الضغوط التي يواجهها، بما في ذلك من الكونجرس، وقبل بضعة أسابيع من الانتخابات النصفية، ومهما كانت النتيجة، وفقا لمسؤول في الحزب “لن يؤثر ذلك على العقوبات المفروضة ضد حزب الله”.