العدسة – ياسين وجدي:

مزايدات تلو مزايدات يحاول فيها مجلس وصم بالبطلان في فلسطين ، إحراز نقاط إعلامية جديدة رغم أنه يقوم بحصار الداخل ومساعدة المحتل ضمنا ، إنه المجلس المركزي الفلسطيني الذي يقوده الرئيس المنتهية ولايته محمود عباس أبومازن في غير مساره.

وبالتزامن مع استمرار فرض العقوبات على قطاع غزة ، أطلق منصة المجلس عددا من القرارات العنترية التي تبحث عن منفذ ، فهل يكسب المجلس الموصوم بالبطلان فلسطينيا جولات داخلية بمزايداته أم أن فضائح حصاره لغزة والمقاومة لازالت هي التي تحاصره؟!، وهو ما نتوقف عند الإجابة عليه.

للبقاء في الصورة !!

بعد سنوات طويلة في التطبيع الكامل مع الكيان الصهيوني والتنسيق الأمني معه ضد حركات المقاومة الفلسطينية ، عاد “المجلس المركزي” للتلويح بقرارات قديمة بإنهاء التزامات منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية كافة، تجاه اتفاقاتها مع سلطة الاحتلال “الإسرائيلي”، رغم التشكيك الواسع بعدم قدرته على تطبيق أي من قراراته، في محاولة للبقاء في الصورة بعد عدم الاعتراف الأمريكي بالسلطة الفلسطينية ومكوناتها الحالية.

 

 

المجلس المركزي، في بيانه، مساء الاثنين، قرر عقب اختتام دورته الثلاثين في مدينة رام الله، وقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة، والانفكاك الاقتصادي على اعتبار أن المرحلة الانتقالية وبما فيها اتفاقية باريس لم تعد قائمة، وتحديد ركائز وخطوات عملية للاستمرار في عملية الانتقال من مرحلة السلطة إلى تجسيد استقلال الدولة ذات السيادة”، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية “وفا”.
ورغم البطلان الذي يحيط بالمجلس خول الرئيس المنتهية ولايته محمود عباس واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية متابعة وضمان تنفيذ ذلك ، في محاولة لرفع الحرج المستمر عن “عباس” الذي  يحاول أن يظهر بطولات بحسب وصف المراقبين بتهديد (أميركا وإسرائيل)، للتغطية على تربصه بحماس وغزة.

ولم يحاول “أبو مازن” لم الشمل قبل إطلاق قراراته ، بل أطلق لمجلسه العنان في الهجوم على حركة حماس وتحميلها المسؤولية الكاملة عن عدم الالتزام بتنفيذ جميع الاتفاقات التي تم التوقيع عليها وإفشالها، وآخرها اتفاق أكتوبر 2017، الذي صادقت عليه جميع الفصائل الفلسطينية في نوفمبر من نفس العام، برعاية مصرية، وهو ما تنفيه حركة حماس دائما، مفندة مزاعمه ، مضيفة على لسان عزت الرشق القيادي البارز في حركة حماس ، أن المجلس المركزي أصبح  مجلساً هزلياً وتحت الطلب ولا يمثل إلا جزءًا من حركة فتح وأتباعها، وكل الفصائل تقاطعه، وأن منظمة التحرير الفلسطينية أضحت شركة خاصة للسيد عباس وحاشيته.

 

حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وصفت مخرجات المجلس المركزي  بـ”التوصيات الفضفاضة المعلقة التي تحجب الحقيقة عن شعبنا الفلسطيني، وبأنها أشبه ما تكون بالقنابل الدخانية التي تحجب الرؤية مؤكدة أن “الاختبار الحقيقي للسلطة ومنظمة التحرير هو النزول عند الإجماع الوطني، واحترام المبادئ التي اتفقت وأجمعت عليها الفصائل الفلسطينية في حوار القاهرة 2011 خاصة أن البيان (الختامي للمجلس المركزي) تجاهل مسيرات العودة وكسر الحصار في قطاع غزة، ويذهب لتحميل المسؤوليات، بدلًا من الذهاب نحو حوار حقيقي يعالج كل الأزمات القائمة”.

حبر على ورق

نفس مضمون هذه القرارات جاء خلال اجتماع المجلس المركزي الذي عُقد في يناير 2018، واجتماع المجلس الوطني الذي اشتهر بـ”الانفصالي” في مايو 2018، ومن ثم الاجتماع اللاحق للمجلس المركزي، تعددت القرارات إلا أنّها لم تتجاوز التوصيات، والحبر على ورق، على طاولة رئيس السلطة “العاجز” عن اتخاذ الخطوة، بحسب وصف المتابعين للشأن الفلسطيني ، الذين يقدرون أن تصريحه الشهير بأن ” “التنسيق الأمني مقدس، وسيبقى مقدس”، سيبقي سيد الموقف.

 

وفي مارس 2015 اتخذ “المركزي” في دورته السابعة والعشرين، قرارات على شاكلة هذه القرارات منها تحميل الاحتلال مسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني كسلطة احتلال وفقا للقانون الدولي، ووقف التنسيق الأمني بكل أشكاله، غير أنّ هذه القرارات لم تنفذ، وبقيت عجلة التنسيق الأمني ماضية دون أي تعطيل، وهو ما يفضح “الشو الإعلامي” المقصود في هذه الأيام.

وفي هذا الإطار يرى مسئولون سابقون بارزون كيوسف رزقة المستشار السياسي لرئيس الوزراء السابق إسماعيل هنية ، بأن انعقاد المجلس فاقد القيمة،حيث أنه بات لا يمثل إلا نفسه، خاصة أن التيار الإصلاحي في حركة فتح صرح بأن انعقاد المجلس باطل، وما يصدر عنه باطل، ودعا لانتخابات عاجلة، كما أن قراراته بلا قيمة أيضًا، لأن الفصائل الكبرى: حماس، والجهاد، والشعبية، والديمقراطية، والمبادرة، وكثيرا من المستقلين يقاطعون جلساته.

 “غزة” تفضحه !

وبينما يحاول “أبو مازن” استعراض قدراته الكلامية على الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية بعد أن أطاحوا به من المشهد الدولي ، استعرض قدراته في فرض عقوبات قاسية على قطاع غزة المحاصر من الكيان الصهيوني ، وفرض مزيد من الخناق على سكانه وسط حديث واسع عن اتخاذ خطوات جديدة وقاسية ضد “حماس” ستضاف للعقوبات التي فرضت بشهر أبريل من العام2017، لتضييق الخناق عليها أكثر.

وباتت العقوبات جاهزة في درج “عباس” تنتظر وقت قريب بحسب تقارير عربية ، ومنها: تقليص الميزانية المالية المخصصة لقطاع غزة، وتقليص الرواتب التي تصرف لموظفي السلطة وستصل إلى أقل من30%، بعد أن كانت تصل إلى 50%، إضافة لفرض خطوات صارمة في تعامل البنوك الرسمية بغزة وتعليق التحويلات المالية بشكل تدريجي من غزة وإليها، بجانب خفض مخصصات الشؤون الاجتماعية التي تصرف للأسر المعوزة في قطاع غزة، وفرض رسوم جمركية إضافية وكبيرة على عمليات تصدير واستيراد البضائع من غزة.

 

 

كل هذه العقوبات تضاف للحصار الصهيوني المفروض على قطاع غزة للعام الثاني عشر توالياً، بجانب “عقوبات أبريل” 2017 والتي شملت خصماً يتراوح بين 40% و50% من رواتب موظفي السلطة، وتقليص كمية الكهرباء التي تراجع عنها بعد عدم خصمها من أموال المقاصة، والتحويلات الطبية، وإحالة الآلاف إلى التقاعد المبكر الإجباري، وتأخير متعمد في صرف رواتب الموظفين، ممَّا ضاعف الأزمة والمعاناة في غزّة.

 

وفي المقابل قال د.موسى أبو مرزوق القيادي البارز في حركة حماس أنه من الناحية السياسية من الصعب أن ينفذ أبو مازن تهديداته لأن الكيان أحال له الأمر عبر اتفاقيات السلطات الأمنيه والاقتصادية والمدنية ومن الصعب الانسحاب منها لأنه في هذه الحاله يخدم (الكيان الصهيوني) باستعادة ما أحالته له من سلطات وتفصل الضفة عن القطاع، مضيفا أنه بدل الاتهامات لحماس -أنها تأخذ الشعب رهينة -ومع صفقة القرن -وغير متضرره -وغير معنيه بمعاناة الناس! فلماذا لا يفعل “أبو مازن ” العكس بكسب الناس وحل مشكلات: الكهرباء والماء والرواتب المتهالكة وإنهاء الحصار .
المثير في الأمر ما كشفته صحيفة “هآرتس” الصهيونية  نقلا عن مصادرها السياسية المطلعة بأنه لا يوجد نية لحل سياسي مع قطاع غزة ولكن الكيان سيتجه إلى تهدئة كحل إنساني لمنع الانهيار الذي سيتفجر في النهاية بوجه الجميع، وبحسب الصحيفة فإن “الانهيار ينبع من قرار الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، تقليص الميزانيات لحركة حماس”، كما كشفت الصحيفة كذلك أن الخيارات الصهيونية تنتظر بفارغ الصبر تسلم “عباس” قطاع غزة ، حتى تحتله وتسلمه لمن تثق فيه.