العدسة – ياسين وجدي:
بات التحالف الرباعي بين مصر والسعودية والإمارات والبحرين وفق مؤشرات جديدة ومراقبين كبيت العنكبوت.
نسلط الضوء على ما استجد من مؤشرات في مشهد التحالف المهترئ، والتي تذهب إلى تفكك حلف الشر عاجلا أو آجلا ، خاصة بعد زلزال اغتيال السعودية للكاتب الصحفي السعودي الشهيد جمال خاشقجي.
تباعد بعد توحد!
جاءت جريمة اغتيال “خاشقجي” بحسب المراقبين ، كاختبار ثقيل للتحالف الرباعي المتواطئ في الحصار والتطبيع ، حيث ساهمت كثيرا في ضرب التحالف وإحداث ثغرات فيه ، بعد إعادة رؤوس مصر والإمارات والبحرين الحسابات من جديد خوفا من توابع اتهام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالإشراف على جريمة الاغتيال الأكثر دموية في تاريخ المنطقة.
وشهد الموقف المصري بعد الإعلان السعودي الرسمي باقتراف الجريمة ، خفوتا بعد سقوط كل الروايات التي أطلقتها المملكة خلال فترة الترقب ضد قطر وتركيا لصالح الحليف السعودي، وما زاد الطين بلة بحسب المراقبين ، هو غياب رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي عن حضور مؤتمر الاستثمار السعودي لصالح زيارة السودان، مع التوجه للتعامل مع الملك دون ذكر ولي العهد.
وفي الإمارات ، كان ابتعاد ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد عن حليفه على المستوى الرسمي واضحا بعد إيفاد محمد بن راشد رئيس مجلس الوزراء، لحضور مؤتمر الاستثمار ، كما تصدر وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد، مشهد إعلان وقوف بلاده مع الرياض، كما غاب عن المؤتمر حمد بن خليفة ملك البحرين لصالح حضور نجله ولي العهد سلمان ، وتجاهل “محمد بن سلمان” في خطاباته واكتفى بمخاطبة الملك سلمان أكثر من مرة .
وساطات مهمة !
في هذا الإطار هناك مؤشر مهم للغاية ، ظهر في الساعات الأخيرة من عاصمتين عربيتين مهمتين ، الأولى هي الرياض ، حيث كشف المغرد السعودي الشهير “مجتهد”، عن أن ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان”، يسعى للصلح مع قطر، والفوز بعفو من أميرها الشيخ “تميم بن حمد آل ثاني”، في إطار تغيير أوراق اللعبة في المنطقة بإرادة منفردة للأمير الملاحق باتهامات كثيرة.
الاستماتة في تغيير الموقف وتبديد التحالف الرباعي ، أشار إليها “مجتهد” في ذات التغريدة مؤكدا عبر حسابه الرسمي على “تويتر” أن “ابن سلمان” مستميت على استرحام قطر والفوز بعفو من تميم حتى يتوسط له عند تركيا” حيث أرسل مسئوليين رفيعي المستوى أحدهما عادل الجبير (وزير الخارجية السعودي) والذي يعني إرساله أهمية الملف لدى السعودية بحسب المراقبين ، والذي لحقه في الفشل خالد بن فيصل سفير المملكة لدى الأردن.
والعاصمة الثانية هي القاهرة ، حيث ظهر مؤشر تغيرها في العاصمة السودانية الخرطوم، بعد الزيارة السريعة لرئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي للسودان ، والتي ترجمها الرئيس السوداني “عمر البشير”، في زيارة إلى تركيا أثناء افتتاح أعمال المطار الجديد ، حملت أهدافا أخرى تركزت على الوساطة بين الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” ورئيس النظام المصري “عبدالفتاح السيسي”، وذلك بحسب ما كشف المفكر السوداني “تاج السر عثمان” الذي يرى أن ” السيسي بدأ يلتقط عدة رسائل من حلفائه في الخليج؛ حيث يغيرون علاقاتهم بناء على مصالحهم دون الأخذ في الاعتبار لمصالحه”.
مغازلات صريحة !
وفي المشهد مغازلات سعودية صريحة المعنى والمضمون تجاه قطر وتركيا وسط صدمة كبيرة في الأوساط المحسوبة على الحلف الرباعي الذي بدا مركزا على العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز ، انضم لها متأخرا الإمارات في مغازلة قطر .
وفي محاولة لتغيير الدفة ، أطلق ولي العهد السعودي العنان لروح تودد لقطر أثناء المؤتمر الاقتصادي متحدثا عن نجاحات اقتصاديّة حققتها قطر، ترجمها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في تأكيد أن تواصل التنسيق العسكري صلب مجلس التعاون الخليجي مع سلطات الدوحة، بالتزامن مع تخليه للمرّة الأولى منذ فرض الحصار على قطر عن مهاجمتها أثناء مؤتمر أمني بالبحرين.
هذا الموقف السعودي الكاشف عن موقف أحادي، يمزق صف التحالف الرباعي ، وإن لحق بهما متأخرا في سباق المغازلة وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية أنور قرقاش الذي أشاد بتصريحات الجبير بشأن قدرة مجلس التعاون الخليجي على تجاوز الأزمة الأخيرة مع دولة قطر وبشأن استمرار التنسيق الأمني والعسكري مع سلطات الدوحة، والذي يبدو أنه يحجز مقعدا آمناً في صف الدوحة إذا تطورت الأمور في الرياض إيجابيا وبشكل كامل ناحية قطر .
كما احتلت تركيا موقعا مميزا ، في الدفة السعودية ، لم تستطع أن تلحق بها حتى الآن علنا مصر والإمارات والبحرين ، وإن خف الهجوم بصورة لافتة في منصات الأنظمة الثلاثة تجاه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خاصة بعد أن أطلق “محمد بن سلمان ” بكلمات حاسمة الموقف من استمرار العلاقات مع تركيا بنجاح بجملته المهمة بحسب المراقبين : ” ما دام موجود ملك اسمه سلمان بن عبد العزيز، وولي عهد اسمه محمد بن سلمان ورئيس في تركيا اسمه أردوغان”، وهو ما جعل الرد العكسي لولي العهد السعودي يحمل أبعادا استراتيجية لمستقبل العلاقات اذ وضع نفسه بين أبيه وأردوغان في الحفاظ على العلاقات.
المغازلة لم تطول تركيا وقطر فحسب ، بل اتجهت إلى البحث عن صديق جديد في الإمارات ، بعد ابتعاد ولي عهد أبو ظبي عن “بن سلمان، حيث أشاد الأخير بمحمد بن راشد والتي كانت لافتة حيث قال :” لو ننظر للشرق الأوسط فإن الدول التي تعمل بشكل جيد كانت تعتمد على النفط، لكن أتى رجل في التسعينات أعطانا نموذجاً أننا يمكننا أن نقدم أكثر.. الشيخ محمد بن راشد ” وأضاف في ضربة لدور بن زايد في الإمارات قائلا :” إن الشيخ محمد بن راشد رفع السقف ونستطيع أن نرى أبوظبي تحركت سريعاً”.
التحالف الجديد !
تفكك التحالف الرباعي ، له مؤشر يؤكده بقوة وهو اتجاه الولايات المتحدة بإنشاء تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي، والذي يضم بجانب دول الخليج مصر ، وهو ما ثمنته وزارة الخارجية البحرينية التي تتحرك وفق المضامين السعودية فيما هو معروف بالضرورة بين المتابعين للعلاقات السعودية البحرينية .
وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، كشف عن موافقة كبيرة على الاقتراح مؤكدا في مؤتمر أمني في المنامة أنه سيسهم في تعزيز الأمن والازدهار في المنطقة، ومساعدة دولها في مواجهة التحديات المختلفة التي تواجهها على كافة الأصعدة بالتزامن مع خطاب أقل حدة ضد قطر يتيح المجال لفرص أكبر لها في التحالف بحسب مراقبين .
وزير الخارجية السعودي عادل الجبير رحب بإنشاء التحالف بين الولايات المتحدة وحلفاء خليجيين ومصر والأردن، لحماية أمن المنطقة موضحا أنه جرى عقد اجتماعات في السعودية لوضع إطار عمل للتحالف، بمشاركة مسؤولين قطريين، وهو ما يعني أن التحالف الرباعي سقط بالضرورة مع ترحيب سعودي بحريني بالتحالف المتوقع أن يرى النور في العام المقبل.
اضف تعليقا