العدسة –ياسين وجدي:

هي القنصلية الثانية بعد اسطنبول ، التي يتورط اسمها في إنهاء حياة ، بعد أن باتت ظلال من الشك والريبة تحاصر قنصلية السعودية في نيويورك ، على خلفية مقتل فتاتين سعوديتين طلبتا اللجوء السياسي إلى الولايات المتحدة الأمريكية، في محاولة لمنع تزايد لجوء السعوديات السياسي.

وفي ظل الضغط الدولي المتواصل على السعودية للكشف عن جثة “جمال خاشقجي ” ظهرت حادثة نيويورك لتسكب البنزين على النيران المتوهجة، وتفتح الحديث عن ظاهرة الفرار من مملكة الرعب خاصة من السعوديات وطلبات اللجوء السياسي ، وهو ما نستعرضه في ضوء جريمة نيويورك.

الهروب من الجحيم !

شبهة كبيرة تحيط بقنصلية سعودية أخرى، بعد مقتل فتاتين سعوديتين، وذلك بعد العثور على جثتيهما وهما مربوطتان بشريط لاصق في نهر هدسون بولاية نيويورك، وهما : تالا فارع، 16 سنة، وروتانا فارع، 22 سنة، وهناك شكوك جدية تكون الدولة قامت بتصفيتها.

 

الشرطة الأمريكية وهي تستبعد البت المبكر في دافع الجريمة أشارت إلى أن الفتاتين تقدمتا، في وقت سابق، بطلب لجوء إلى الولايات المتحدة ، بالتزامن مع ما كشفته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن شرطة نيويورك من أن والدة الفتاتين تلقت قبل يوم من العثور على جثتيهما مكالمة من موظف بالسفارة السعودية يطلب من الأسرة الرحيل لأن روتانا وتالا تقدمتا بطلب لجوء سياسي في الولايات المتحدة.

طلبات اللجوء السياسي للسعوديات باتت ظاهرة منذ العام 2015 ، رصدها نشطاء وكتاب سعوديون مؤكدين أن عدداً كبيراً من السعوديات في دول غربية تقدمن بطلبات لجوء لضمان عدم العودة إلى بلادهن حيث تحرم القوانيين المتّبعة في المملكة المرأة من الكثير من الحقوق.

ووثق الأمر بالتزامن مع هذا الحديث وسم على موقع “تويتر” بعنوان لجوء البنات السعوديات، شارك فيه عدد من الفتيات في المملكة اللواتي أبدين رغبة كبيرة في الهجرة، حيث تمنع القوانين في السعودية المرأة من العديد من الحقوق المستقرة دوليا للمرأة .

 

الكاتبة السعودية سعاد سليمان المقيمة في لندن وثقت هذه المعلومات وقالت :” للأسف مرّت عليّ حالات كثيرة لسعوديات طلبن اللجوء في دول غربية، بسبب الوضع المزري للنساء في المملكة”، مؤكدة أن “بعضهن اضطر إلى اعتناق “النصرانية” (شكلياً)  لتحقيق هذا الهدف”، وهو ما أكده المعارض السعودي عمر بن عبدالعزيز المقيم في كندا لافتاً إلى أنه تعامل مع مثل هذه القضايا على مدى عام ونصف وبشكل شبه يومي”.

وفي الولايات المتحدة التي يدرس فيها أكثر من 120 ألف طالب وطالبة من السعودية، قال شاكر علي مدير موقع “سعوديون في أميركا” الذي يقدم خدماته مجاناً للمبتعثين، إن كثيراً من الطالبات السعوديات تزوجن بأميركيين رغم عدم رغبة أهاليهن لضمان البقاء في الولايات المتحدة”، بالتزامن مع احصائيات غير رسمية عن رصد ارتفاع كبير في عدد السعوديين من الجنسين الذين يقدمون طلبات لجوء في أميركا لكن دائرة الهجرة الأميركية تتعامل بسرية كبيرة مع هذه الطلبات.

 

وتحدثت منصات رسمية سعودية في وقت سابق عن الظاهرة بعد أن عرضت قناة “سي إن إن” الأمريكية قصص ثلاث سعوديات هن : “دانة”، و”أروى”، و”موضي” هربن من السعودية وتقدمن بلجوء للولايات المتحدة؛ ولكنها حاولت التقليل منها والإشادة بجهود المملكة بحسب زعمها.

وبحسب الجمعية السعودية لحقوق الإنسان فإنه هناك العديد من السعوديات في السويد، وفي كوريا الجنوبية وفي جورجيا، وأكثر من 44 مبتعثة في بلدان مختلفة، يرفضن العودة لبلدهن، ويفضلن العيش في الخارج،. منهن عالمات مشهورات مثل الدكتورة غادة المطيري التي تعمل حالياً أستاذة في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو.

ومؤخرا تقدم 20 طالباً سعودياً بطلبات لجوء في كندا، بعد انقضاء الموعد النهائي الذي كان مقرراً في 31 أغسطس  الماضي، لمغادرتهم البلاد، عقب الأزمة السياسية التي نشبت بين البلدين، خوفا من الاعتقال عقب العودة .

شهادات حقوقية !

العديد من شهادات الحقوقيات في الفترة الماضية ، سلطت الضوء على حملة القمع السعودية عبر القوانين والمناخ القمعي الموجهة ضد النساء ، وهو ما يلقي بظلاله على جريمة نيويورك ضد فتاتين طالبا اللجوء ، وفلتا من قبضة السلطات التي تصر في كل الحالات على ترحيل البنات إلى السعودية قسرا .

هالة الدوسري ناشطة حقوقية وباحثة زائرة في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، ترى أن هروب الفتيات من السعودية تحول إلى ظاهرة في السنوات الأخيرة، والسبب وراء ذلك هو الرغبة في التخلص من العنف الأسري والزواج الإجباري والمناخ السيء في السعودية.

 

وهو الأمر الذي توضحه أكثر الناشطة الحقوقية وأستاذة الشريعة، الدكتورة سهيلة زين العابدين حماد، حيث قالت في تصريحات صحفية : “في بعض الحالات، هناك قسوة على البنات من الأب أو الأم، أو حتى زوجة الأب، وغالبية الفتيات يبحثن عن الحرية، لأن لدينا تشدداً في كل شيء، وربط حياة الفتاة بولي أمرها بطريقة جعلتها تحت الولاية في كل خطواتها، فالفتاة تشعر أنها مقيدة وليس لها كيان، والرجل يتحكم في كل مناحي حياتها، ويستولي حتى على أموالها، وربما يعذبها، ويحرمها من الزواج ولو اشتكت يرفع عليها قضية عقوق فتُسجن وتُجلد، ولا تخرج من السجن إلا بموافقته”.

 

وفي العام 2016 ، تصدر وسم “#هروب_فتاتين_إلى_كوريا” موقع تويتر في المملكة العربية السعودية وأيضا قائمة الوسوم الأكثر تداولا في العالم، السبت، وسط أنباء عن سفر فتاتين سعوديتين إلى كوريا الجنوبية دون إذن أهلهما، بينما كانا يريدا اللجوء السياسي هناك ضد الإجراءات القمعية التي يعيشون فيها ببلادهم.

وفي العام 2017 ، أثارت فتاة سعودية تدعى دينا الجدل بعد محاولتها الهرب إلى أستراليا لتقديم اللجوء السياسي هناك رفضا لمنع النساء من حقوقهن لكن احتجزت ثم تم ترحيلها إلى السعودية، وفق موضي الجهني الناشطة الحقوقية السعودية وطالبة اللجوء في أمريكا.

“خاشقجي” جديد !

على مواقع التواصل الاجتماعي ، كان للمغردين رأيا واضحا في القضية ، حيث شبه مغردون ما حدث للشقيقتين بقضية مقتل خاشقجي، وقال المغرد عبدالله محمد الصالح :” السلطات الأمريكية تتحقق من هوية القتيلتان السعوديتان #تالا_روتانا_فارع بينما السفارة السعودية في أمريكا! بقيادة أخ بومنشار! يحاولون جاهدين اقناع أم الفتاتين بالعودة إلى السعودية!، طلبا اللجوء..فقتلا! والسفارة تتلكأ! ، فمتى تتعلمون الدرس من #خاشقجي”!.

 

 

المغردة السعودية مريم السلطان ، أعربت عن نفس القلق ، وقالت في تغريدة لها :” لما عرفت ب #مقتل_جمال_خاشقجي داخل القنصلية السعودية تمنيت من قلبي بلدي مايكون له علاقة بالموضوع وأنها مؤامرة، واليوم أتمنى من كل قلبي مايكون لهم علاقة بمقتل #روتانا_وتالا أو شركاء بإيصال معلومات للمجرمين، فحسب النيويورك تايمز من أسبوع بلغت السفارة السعودية أم البنات أنهن قدموا لجوء!”.

المغردة “نادية ” ، ترى أيضا أن البنات ضحية كجمال خاشقجي ، وقالت :” هالبنات الله يرحمهم ويغفر لهم قتلهم بومنشار،وقبل موتهم بأسبوعين تقول أمهم أن جاها اتصال من السفارة السعودية بـ واشنطن وقالو لها لازم يرجعون بناتها السعوديه ،لأن البنات طلبوا لجوء سياسي ، ورفضوا البنات طلب السفاره، وقتلهم بومنشار، الإرهاب الداعشي السعودي بكل مكان حتى بأمريكا”.

 

المغرد “اسلام مصطفي” قال : المنشار لن يتوقف عن الإجرام و موقف ترمب والموساد عامل مؤثر، فأم البنتين بتقول ان السفارة السعودية اتصلت بها وطلبت عودتهم كلهم لإن البنات قدموا طلبات لجوء”.

وأضاف المغرد “سامي” في تغريدة على وسم يدافع عن حق الفتاتين ، قائلا : البنات سبق وطلبوا لجوء وكانوا يسكنون في ملجأ محد يتحمل يعيش فيه، فهذي مسؤولية الحكومة السعودية وتعامل اهلهم السيء، الحياة ضاقت فيهم! لا دوله تعطيهم حقوقهم ولا مكان كويس يعيشون فيه! “.