العدسة- باسم الشجاعي:

استمرارا للدور المشبوه الذي تلعبه دولة الإمارات العربية المتحدة في الوطن العربي والإسلامي، قامت أبوظبي مؤخرا بدعم دولة الاحتلال الإسرائيلي في مشروع مد خط غاز طبيعي يربط “تل أبيب” بأوروبا، وذلك على حساب النفوذ العربي.

وتعتبر الإمارات بمثابة “طوق نجاة” للمشروع الإسرائيلي الذي حالت بين تنفيذه العديد من العقبات على مدار العاميين الماضيين، والتي كان على رأسها “التمويل”، غير أن أبو ظبي حلت تلك المعضلة وتعهدت بضخ 100 مليون دولار كمرحلة أولى، وهو ما يجسد حجم ما وصلت إليه العلاقات بين “أولاد زايد”، والكيان الصهيوني، بالرغم من “عدم وجود علاقات دبلوماسية رسمية بين البلدين”.

قطر الهدف الأول

تمكين “إسرائيل” من تصدير الغاز المستخرج من حقول عربية في الأساس لأوروبا، يعتبر ضربة موجعة لسوق الطاقة العربي التي يمثل عائدات النفط والغاز فيها أكثر من 80% من المداخيل الحكومية في الدول الخليجية.

وبهذه الخطوة تكون الإمارات دفعت “إسرائيل”نحو تحقيق حلمها بأن تكون هناك قوة موازية للقوة العربية وخاصة في مجال تصدير الغاز.

وهذا ما كشفه تصريح وزير الطاقة الإسرائيلي “يوفال شتاينيتس”، الذي قال فيه: “على مدى عقود، كنا نشكو من النفوذ العربي في أوروبا، وسيكون تصدير الغاز من إسرائيل إلى حد ما منافسا للدول العربية”.

فعلى سبيل المثال نجد أن قطر تنتج 600 ألف برميل يوميا من الغاز وهو ما يمثل أقل من 1% من الإنتاج العالمي، لكنها مزود رئيسي لإمدادات الغاز الطبيعي المسال، كما أنها تعد أول مصدر له في العالم وتؤمن قرابة ثلث الإمدادات العالمية إلى آسيا وأوروبا بشكل خاص، هذا بخلاف تأمينها لاحتياجات بعض الدول المجاورة على رأسها الإمارات رغم الأزمة الخليجية.

وفي حال الانتهاء من مد الأنبوب البحري الإسرائيلي الممول إماراتيا خلال السنوات الخمسة المقبلة فإن ذلك سينعكس بدوره على سوق الغاز العالمية التي من المتوقع أن تشهد صراعات مكثفة، سواء بين الدول المنتجة والمصدرة من جانب، أو المستوردة والأسواق القادرة على الاستيعاب من جانب آخر، هذا بخلاف الآثار المتوقعة على السوق العربية.

كما يبدوا أن دولة الإمارات تحاول تعميق الجرح الخليجي، بفرض مزيد من الضغوط على دولة قطر بطريقة مباشرة وغير مباشرة.

وقطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر، منذ 5 يونيو 2017 علاقاتها مع قطر، ثم فرضت عليها إجراءات عقابية بدعوى دعمها للإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة، وسط تحذيرات من عدة دول، منها أمريكا، بتأثيرات سلبية للأزمة على الاستقرار بالخليج.

الجزائر على الخط

تقويض نفوذ الوطن العربي وعلى رأسها دولة قطر أوروبيا لم يكن الهدف الأول وراء دعم الإمارات المشروع الإسرائيلي، ولكن دخلت دولة الجزائر على الخط.

فمد خط الغاز الإسرائيلي في أعماق البحر، بغرض التصدير إلى أوروبا، سيكون بطريقة أو بأخرى على حساب الجزائر.

وتعد الجزائر من أكبر مصدري الغاز الطبيعي لأوروبا؛ إذ تحتل المركز الثاني بعد روسيا، وترتبط مع القارة العجوز بثلاثة أنابيب غاز عابرة للقارات بعقود طويلة الأمد، ما يضمن للأوروبيين 30% من احتياجاتهم الغازية.

ولكن مع قرب انتهاء العقود في 2019، وظهور اللاعب الإسرائيلي الجديد في الخلف، كثر الحديث عن وقوع أزمات بين القادة الجزائريين والأوروبيين، بسبب الشروط الأوروبية التي تصفها الجزائر”بالتعجيزية”.

ويتجلى الخلاف بين الجزائر وأوروبا حول الأسعار الجديدة للغاز؛ إذ يصر الطرف الأوروبي على أسعار تنافسية وعقود قصيرة الأمد عوض العقود الحالية التي تنتهي ما بين 2019 و2021.

ومن المعروف أن الجزائر خلال السنوات الماضية رفضت التبعية لدولة الإمارات التي تتوغل في “دولة الجزائر”، عبر شبكة من العلاقات مع مسؤولين بالجيش الجزائري والأجهزة الاستخباراتية، وهذا ما أظهرته المواقف الأخيرة للجزائر والتي جاءت متباينة للموقف الإماراتي في بعض الأزمات،

وبدأت الفجوة بين البلدين تتسع شيئا فشيئا خلال العاميين الماضيين، وخاصة بعد أن انحازت الجزائر للدوحة، بخلاف الموقف الإماراتي المشارك في حصار قطر.

لم يكن الموقف من الأزمة الخليجية وحده هو عنوان الأزمة بين “الجزائر والإمارات”، لكن سبقها أيضا موقف البلدين المتباين من الأزمة الليبية، وبعدها من الأحداث التونسية، ومن ثم حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، ثم الموقف من “حزب الله” اللبناني، وأخيرا الموقف من إيران.

لماذا “إسرائيل”؟

يسعى دائما أبناء زايد نحو التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وذلك لكسب ودها كحليف إقليمي قادر على ترسيخ أركان الحكم في دولة الإمارات في إطار السير بعيدا عن قضبان قطار الربيع العربي، ذلك بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية، ورئيسها “دونالد ترامب”، فضلا في اتفاقهم على عدد من القضايا المشتركة كعدائهم لجماعة الإخوان الملسمين ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية من مضمونها وضرب المقاومة في قطاع غزة.

وظهر ذلك من خلال التعاون في مجال التكنولوجيا وبرامج التجسس؛ حيث قدمت شركات الأمن والتكنولوجيا المرتبطة بـ”إسرائيل” المساعدة التكنولوجية للإمارات.

ففي عام 2014 وقعت شركة (Verint Systems – فيرينت سيستمز)، المتخصصة في الأمن الإلكتروني وتدار بصورة كبيرة من “إسرائيل، ” عقدا مع الإمارات بقيمة تزيد عن 100 مليون دولار.

كما أنه وفقا لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية فإن شركة (NSO Technologies Ltd– شركة إن إس أو المحدودة للتكنولوجيا) الإسرائيلية، قد باعت برنامجها الخاص بالمراقبة إلى الإمارات، ويقدر ما اشترته الإمارات من خدمات أمنية بقيمة 6 مليارات دولار بين أعوام 2007 و2015.