العدسة – ياسين وجدي:
الاستعداد الصهيوني لضرب قطاع غزة لا يتوقف ، ولكن تحكمه في كل مرة سياقات وسياسات ومصالح ، وبعد سقوط مشروع القرار الأمريكي الهادف لإدانة حركة حماس والمقاومة عبر الأمم المتحدة ، تجددت تلك الاحتمالات.
“العدسة” يرصد دلالات السقوط المدوي للإدارة الأمريكية في نيويورك ، ويبحث في كواليس المشهد خاصة ما يذهب له البعض متمسكا بمؤشرات جديدة حول أن ضرب غزة بات وشيكا مالم تتغير الحسابات في آخر لحظة.
خيبة أمل !
سقطت واشنطن في اختبار الأمم المتحدة في مواجهة حركة تحررية وداعمي الضمير في العالم ، وكانت الخسائر باهظة، كما طالت خيبة الأمل سفير الكيان الصهيوني لدى الأمم المتحدة داني دانون الذي قال :” إن الدول التي رفضت مشروع القرار ينبغي أن تخجل من نفسها” بحسب زعمه.
ووفق حركة “حماس” فإن الانتصار ينسب للحق الفلسطيني، وللحاضنة العربية والإسلامية، ولأحرار العالم، ولمحبي الشعب الفلسطيني، ويعد فشلا ذريعًا لسياسة الهيمنة والعربدة الأمريكية، وهزيمة مدوية للإدارة الأمريكية وسياساتها في المنطقة.
لقد سقطت الدولة العظمى سقوطا كبيرا بحسب د.أسامة الأشقر المحلل الفلسطيني ، موضحا أن معادلة ” دولة عظمى في مواجهة حركة” تعني أن الكيان الصهيوني عاجز عن مواجهة حرب العصابات وأنه عاجز عن مواجهة الرأي العام الإنساني الدولي في مجال الحقوق والحريات الذي يعدّ من الملفات الحاضرة بقوة لدى المجتمعات الغربية وله أثر قوي على سياسات هذه البلدان، فضلا عن فضح الانحياز الأمريكي الكامل للكيان الذي يستخدام ترامب وفريق إدارته في تغطية حاجات الكيان وحماية ظهره، كما فشلت مؤامرة تقويض دعم المقاومة وحماس عبر الدول والمنظمات الدولية التي تتزايد في أوروبا ، وتحولت نجاحاتها إلى إجراءات وقوانين تستهدف منظومة الاستيطان والمستوطنات .
خيبة الأمل جاءت بعد تكتل ما أسماه رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” إسماعيل هنية،” الضمير العالمي” في مواجهة المشروع الأمريكي في الجمعية العامة في الأمم المتحدة ، وهو ما نتج عنه وقوف أطراف متصارعة في مواجهة الإدارة الأمريكية ، كالسعودية والإمارات ومصر والبحرين من جهة وإيران وقطر وتركيا في جهة أخرى ، حيث صوتوا جميعا لصالح رفض القرار ، وهي بادرة إيجابية بحسب مراقبين تبرد محاولات الإدارة الأمريكية حشد أطرافها ضد بعضهم البعض، خاصة بعد توحد الصف الفلسطيني في مواجهة الإدارة الأمريكية.
ما زاد الطين بلة لدى الإدارة الأمريكية ، تلقيها الصفعة الثانية دوليا عقب السقوط المدوي ليلة الجمعة، حيث اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالأغلبية الساحقة، مشروع قرار إيرلندي ، ويدعو لإقامة “سلام دائم وشامل وعادل” في الشرق الأوسط وإنهاء الاحتلال “الإسرائيلي” الذي بدأ عام 1967، بما في ذلك احتلال القدس الشرقية”، وذلك بعد موافقة 156 دولة، مقابل اعتراض 6 دول، وامتناع 12 دولة عن التصويت. وعدت الحركة فشل الإدارة الأمريكية في تمرير هذا القرار انتصارًا كبيرًا
ماذا تقصد “الشمطاء”؟!
ولكن يبدو أن إدارة “ترامب ” كانت تعلم وتستعد لما هو ما بعد وفق مضمون ما قالت مندوبة واشنطن المنتهية ولايتها لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي ، حيث كتبت إلى الدول الأعضاء الاثنين الماضي لتحثهم على التصويت لصالح مشروع القرار الذي صاغته الولايات المتحدة محذرة إياهم بقولها :” الولايات المتحدة تتعامل مع نتيجة هذا التصويت بمنتهى الجدية“!.
يأتي هذا متوازيا مع ما كشفته مصادر إعلامية عبرية الجمعة، عن سجال دار بين وزير الحرب السابق أفيغدور ليبرمان وقادة الجيش مؤخرًا، حول عملية عسكرية برية في القطاع قبل عدة أسابيع، وحديث موسع عن ضرورة توجيه ضربة لحماس في الفترة الأخيرة، أفشلتها المقاومة الفلسطينية منتصف الشهر الماضي، كما أجبرت ليبرمان على الاستقالة من منصبه، بعد فشل العملية الأمنية لقوة خاصة تسللت للقطاع ومقتل قائدها، إضافة إلى فشله في جولة التصعيد الأخيرة، والتي سجلت فيه المقاومة عبر غرفة عملياتها المشتركة انتصارا بإصابتها أهدافا عسكرية ومباني مباشرة وبدقّة، الأمر الذي دفع حكومة الاحتلال للقبول بالعودة إلى حالة الهدوء.
لكن مع ذلك ، لازالت الاستعدادات فيما يبدو تجهز لجولة مواجهة جديدة ، قد تحفزها آلام السقوط في اختبار الأمم المتحدة ، وهو ما كشفته زلة لسان وثقتها صحيفة “يسرائيل هيوم” مؤخرا نقلا عن قائد الجبهة الداخلية في الجيش الصهيوني الجنرال تمير يداعي ، تحدث فيها عن “الجولة القادمة من القتال” منتقدا سكان “تل ابيب” وهو ما استدعى توضيح من الناطق بلسان جيش الاحتلال لكنه استخدم نفس العبارة ” الحرب القادمة”!.
وكان موقع “0404” العبري، كشف عن تدريبات في نهاية الشهر الماضي يجريها لواء الكوماندوز في الجيش الصهيوني في مناطق مختلفة، تهدف إلى القتال في جبهتين، حزب الله في الشمال وحماس في الجنوب (غزة)، وقد بدأت عملية الكيان الصهيوني ضد لبنان تحت عنوان “درع الشمال”، فيما لازال الحديث مستمرا داخليا حول غزة وفق البعض.
وشيكة بشروط!
ووفق تقدير موقف صادر عن معهد واشنطن للدراسات في الشرق الأدنى ، فإن أي قرار لحرب محتملة بين الكيان الصهيوني والقطاع، سيعتمد على مجموعة من العوامل وهي: الإجراءات العسكرية التي يتخذها الطرفان؛ وكيفية تقييم كل طرف لنوايا الطرف الآخر؛ وأين ستدفع الضغوط الداخلية صناع القرار في الكيان الصهيوني و”حماس”؛ ونطاق المحاولات الخارجية لتحسين الوضع الاقتصادي في غزة ومدى فعاليتها؛ وقبل كل شيء، الديناميكيات على الأرض.
ولكن بعض المحللين يرون أن هناك ” سيناريو حرب برية وشيكة على غزة” يعد له قبل المشروع الأمريكي وقد يحفز السقوط الصهيوأمريكي في الأمم المتحدة تفعيل السيناريو وتحديد ساعة الصفر لتعزيز الردع الصهيوني واستعادة هيبة الدولة الصهيونية في مواجهة الحراك المتواصل عسكريا وشعبيا من القطاع.
المعركة القادمة لن تكون كأي حرب سابقة بحسب صحيفة “رأي اليوم” العربية البارزة ، حيث سيحاول رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتياهو تحقيق نصر وهمي بأنها شنت حملة عسكرية برية على غزة وهاجمت قواعد المقاومة فيها في محاولة لإرضاء اليمين الصهيوني بعد غياب الردع ، خاصة أنه قبل أيام قام بعقد عدة لقاءات مع وزراء الحرب الصهاينة السابقين وعقد عدة لقاءات معهم ، ومع مسؤلي الأجهزة الأمنيين السابقين في إشارة إلى وجود عملية غير مسبوقة عن ذي قبل بالتزامن مع انتشاره في الجنوب والمناورات التي تتبعها مناورات ونشر البطاريات للقبة الحديدية وغيرها من أنظمة الدفاع في المدن الصهيونية مع تسارع التطبيع العربي مع الاحتلال.
اضف تعليقا