استيقظ الشارع الفلسطيني، “الخميس” 13 ديسمبر، على يوم صعب، وذلك بعد أن تمكنت قوات الاحتلال الإسرائيلي من اغتيال الشابين “أشرف نعالوة” منفذ عملية إطلاق النار التي وقعت في المنطقة الصناعية “باركان” بنابلس قبل ما يقارب الشهرين، و”صالح عمر البرغوثي” منفذ عملية إطلاق النار في مستوطنة “عوفرا” برام الله قبل عدة أيام.

أيقونة نضال جديدة

وتردد اسم الشهيد “أشرف نعالوة”، في سماء فلسطين في الشهرين الأخيرين بعد تنفيذ عمليته البطولية في مستوطنة بركان في السابع من شهر أكتوبر الماضي، وقتل فيها مستوطنين، وتمكن من الانسحاب من المستوطنة بسلام ما أثار جنود الاحتلال أكثر من العملية ذاتها.

وبعد تنفيذ عمليته بدأ “نعالوة” رحلة مطاردة واسعة استخدمت فيها قوات الاحتلال وأجهزته الأمنية كل الوسائل للوصول إليه، وفاقت عمليات الدهم المباشر أكثر من ستين عملية عسكرية.

وتحول منزل “نعالوة” في حارة أبو شيخة لأيقونة نضال في طولكرم؛ حيث دبت روح المقاومة من جديد مع كل اقتحام يومي، وشهدت طولكرم منسوبًا مرتفعًا من المواجهات، وبات اسم “أشرف” حديث كل لسان.

وتعرضت عائلة أشرف نعالوة لتنكيل وضغط غير عاديين؛ فوالده ووالدته تلقيا خبر استشهاده فجر الخميس من خلال قوات الاحتلال داخل سجون الاحتلال التي يقبعان بها منذ أكثر من شهر؛ حيث إن والدته معتقلة في سجن الدامون، ووالده في سجن مجدو.

وبحسب مصادر طبية فلسطينية، فإن قوات الاحتلال استهدفت نعالوة بوابل من الرصاص  في أحد المنازل في المخيم، ومنعت طواقم الهلال الأحمر من الدخول إلى المكان.

ولفتت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إلى أنه “لم يعثر الجيش الإسرائيلي حتى اللحظة على السلاح المستخدم في عملية “عوفرا”، والقوات تواصل عمليات البحث عنه في رام الله”.

وشوهدت آثار كبيرة للدماء وطلقات رصاص في المكان الذي استشهد فيه “نعالوة”، بالإضافة إلى تخريب كبير لحق في المنزل الذي استشهد فيه.

حفيد المجاهدين

أما منفذ عملية “عوفرا” الشهيد القسامي “صالح عمر البرغوثي”، فينحدر من منزل القيادي البارز أبو عاصف البرغوثي، فعائلته ذات رمزية خاصة في مجتمع المقاومة الفلسطينية.

أبو عاصف البرغوثي هو شقيق أقدم معتقل في العالم، الأسير نائل البرغوثي، والمعتقل منذ 40عاما في سجون الاحتلال الإسرائيلي.

و”صالح” أسير محرر من سجون الاحتلال ويعمل سائقا لمركبة عمومية، كما أن جميع أشقائه أسرى محررون، فشقيقه عاصم حكم بالسجن 12 عاما لمحاولته أسر مستوطن لمبادلته بأسرى، ويعرف صالح بنشاطه في حركة حماس، كما أنه وللأسف كان عرضة للملاحقة الأمنية من أمن السلطة.

تزوج “صالح” منذ ستة أعوام، ولديه ابن في الثالثة من عمره اسمه قيس، كان يتنقل بين المعزّين في المنزل حاملا “سلاحا بلاستيكيا”، وقال “بحكي لبابا سلامتك”.

وعن ظروف استشهاده، نقل شهود العيان لعائلة البرغوثي أن صالح اختطف من السيارة، ثم قام أفراد القوة الخاصة بتقييده واعتقاله دون إصابة.

وقال ابن عمه عبيدة البرغوثي -الذي وصل للمكان بعد اختطافه بقليل- إن صالح ترجل من السيارة، وقاموا برميه على الأرض وتقييده دون أن يُصاب.

ولذا تعتقد العائلة جازمة أن الشاب تعرض للإعدام بصورة انتقامية بعد اعتقاله.

 وحدة “دوفدفان”

وسائل إعلام عبرية، كشفت عن الوحدة الخاصة الإسرائيلية التي نفذت عملية اغتيال الشابين “أشرف نعالوة”، و”صالح عمر البرغوثي”.

وقالت صحيفة” يديعوت أحرنوت” العبرية، إن وحدة “دوفدفان” الخاصة التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، تتبعت الشهيد أشرف نعالوة ومنفذي عملية “عوفرا” التي وقعت قبل أيام، وانتشرت بشكل كبير في أنحاء الضفة الغربية للبحث عن المطلوبين.

ولفتت “يديعوت”، إلى أن ضباط من جهاز “الشاباك” الإسرائيلي كانوا يُشرفون على العملية من الناحية الأمنية، ويقوم بتنفيذها الوحدة الخاصة “دوفدفان” بمرافقة ضباط “الشاباك” للوصل لـ””نعالوة” و”البرغوثي”.

وأضافت، أنه حين وصلت معلومات استخباراتية عنهما تم استدعاء وحدة “يمام” التي يُطلق عليها البعض اسم “سوات” لتنفيذ مهمة اعتقال المُنفذين.

وتمكنت القوة الخاصة “دفدفان” الليلة الماضية، من اغتيال الشاب صالح البرغوثي، بزعم مشاركته في عملية “عوفرا”، بينما اعتقلت عدداً من الأشخاص تشتبه بعلاقتهم بالعملية، بينما حاولت ذات الوحدة من تنفيذ عملية اعتقال لـ”نعالوة”، إلا أن اشتباك مُسلح دار بين الوحدة الخاصة ونعالوة أدى إلى استشهاده.

وحدة “سوات”، أسست عام 1972 عقب عملية قتل البعثة الرياضية في ميونيخ بألمانيا، وذلك بعد فشل تحرير الرهائن من قبل قوة إسرائيلية خاصة حاولت تنفيذ عملية لتخليصهم، حيث تقرر فيما بعد إنشاء هذه الوحدة ليكون هدفها تنفيذ عمليات خاصة لاعتقال مطلوبين أو تحرير رهائن.

ويتلقى أفراد الوحدة تدريبات عالية وعلى جميع الأسلحة والسيناريوهات والتكتيكات العسكرية المختلفة، ويتم تدريبهم على اللغة العربية بشكل ممتاز، وينفذون عمليات ضد المقاومين لمحاولة اعتقالهم بلباس مدني مع وجود قوات بلباس عسكري قريبة من مكان الحدث الذي سيشهد تنفيذ العملية.

وتعتبر الوحدة بأنها واحدة من 4 وحدات خاصة تتبع لشرطة حرس الحدود، وتضم الوحدة 200 جندي، ومنذ اندلاع انتفاضة الأقصى الثانية، تركز عملها في الأراضي الفلسطينية بشكل كبير ونفذت عشرات العمليات لاعتقال واغتيال مطلوبين من المقاومة خاصةً في الضفة الغربية.

“حماس” تنعي

ومن جهتها، نعت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”،الشهيدين أشرف نعالوة وصالح البرغوثي منفذي عمليتي بركان وعوفرا، وتبنت المسؤولية عن العمليتين في نابلس ورام الله.

وقالت في بيان لها: “تزف حركة حماس لشعبنا وأمتنا اثنين من خيرة مجاهديها؛ الشهيد البطل أشرف نعالوة، الذي دوخ الاحتلال على مدار أكثر من 9 أسابيع بعد عملية بطولية نوعية في (بركان)، والشهيد البطل صالح البرغوثي منفذ عملية (عوفرا) الأسبوع الماضي شمال رام الله”.

وأضافت حماس، “إن جذوة المقاومة في الضفة لم ولن تنطفئ حتى يندحر الاحتلال عن كامل أرضنا، ونستعيد حقوقنا كاملة غير منقوصة، وإن خيار شعبنا الفلسطيني هو المقاومة، وبها ندحر الاحتلال ونحرر أرضنا ومقدساتنا”.

فيما حملت الحكومة الفلسطينية دولة الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن التصعيد الخطير ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته وأرضه وممتلكاته، وطالبت المجتمع الدولي بتوفير الحماية لأبناء شعبنا، وبالعمل الجاد لوقف اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه.

وقال يوسف المحمود المتحدث الرسمي باسم الحكومة “إن سلطات الاحتلال تواصل حصارها واقتحاماتها للمدن والبلدات والمخيمات والقرى وملاحقة أبناء شعبنا في الضفة الغربية، كما تواصل حصارها لقطاع غزة للسنة الثانية عشرة على التوالي”.