أصدرت هيومان رايتس ووتش تقريرًا كتبه دايفد ميفام في الحادي عشر من سبتمبر عن أهمية دعم بريطانيا للحقوق والحريات في مصر. وبحسب ما ورد في التقرير أن بوريس جونسون وزير الخارجية قال في مقدمة تقريره السنوي عن حقوق الإنسان و الديمقراطية الصادر عن مكتب التحقيقات الاتحادي هذا العام، إن “تعزيز القيم التي تعتز بها بريطانيا ليس خيارًا إضافيًا: فهي تتماشى مع قرون من التقاليد التي تشكل شخصيتنا “.

وعَقب الكاتب أن هذه مشاعر جميلة، ولكن يتم تجاهلها كثيرًا بواسطة المملكة المتحدة حيث تهمل في علاقاتها مع البلدان الرئيسية في جميع أنحاء العالم، وقد تجلى ذلك بوضوح مزعج هذا الشهر في حالة مصر.

و أوضح التقرير أن السيسي يرأس دولة تعاني أزمة غير مسبوقة في حقوق الإنسان بعد أن أبعد مرسي قسريًا من الرئاسة، وقتلت قوات الأمن الكثير من الناس في عهده. و وثقت هيومن رايتس ووتش مقتل ما لا يقل عن 817 شخصا، وربما أكثر من ألف متظاهر في ساحة رابعة العدوية بالقاهرة في يوم واحد – 14 أغسطس / آب 2013 – أكثر من عدد الذين قتلوا في ساحة تيانانمن في عام 1989، وجريمة محتملة ضد الإنسانية. فبعد ما يقرب من أربع سنوات ولم يتعرض مسؤولا حكوميا أو ضابط أمن للمساءلة عن هذه الجريمة، والرجل المسؤول بشكل فعال عن قوات الأمن في ذلك الوقت هو الآن الرئيس المنتخب في البلاد.

وفي السنوات الأربع الأخيرة في عهد السيسي، تم سجن ما يزيد عن 60،000 شخص، وحظرت الاحتجاجات بشكل فعال، وحُظِرت جماعة الإخوان المسلمين أكبر جماعة معارضة في البلاد، وقد حكمت المحاكم المصرية على مئات القتلى – بمن فيهم الرئيس السابق مرسي – وتم إرسال آلاف المدنيين إلى المحاكم العسكرية، وقد فرضت الحكومة قيودًا صارمة على حرية التعبير وأدت إلى إضعاف عمل الجماعات الدولية والمجتمع المدني.

وقدم التقرير أدلة أخرى لسوء الأوضاع الإنسانية في مصر حيث تفيد الأبحاث الجديدة التي نشرتها المنظمة هذا الأسبوع أن قوات الأمن في البلاد مسؤولة عن التعذيب الواسع والمنهجي في مراكز الشرطة ومكاتب الأمن القومي. حيث أجريت العديد من المقابلات مع المعتقلين السابقين، وشهاداتهم تقشعر لها الأبدان. وقالوا إن جلسات التعذيب بدأت مع قوات الأمن باستخدام الصدمات الكهربائية على المشتبه به معصوب العينين ومقيد اليدين، وتم ضربه بالعصي والقضبان المعدنية. وإذا أخفق المشتبه فيه في إعطاء الضباط الإجابات التي يريدونها، زاد المحققون من قوة ومدة الصدمات الكهربائية، في كثير من الأحيان إلى الأعضاء التناسلية للمشتبه به. واضطر المحتجزون أيضا إلى التشديد على المواقف لفترات طويلة من الزمن لإحداث ألم مبرح.

ومن جهة أخرى ورد في التقرير أنه في شبه جزيرة سيناء الشمالية، تصاعد القتال بين القوات الحكومية المصرية وشبكة تابعة للدولة الإسلامية المتطرفة، بشكل كبير، مع انتهاكات حقوق واسعة النطاق من كلا الجانبين. وتشارك القوات المصرية في اختفاء مئات المدنيين، وعمليات الاعتقال التعسفي الجماعي، والتعذيب، والوفيات في الاحتجاز العسكري السري، وعمليات القتل خارج نطاق القانون.

وعلى إثره وفي مواجهة هذه الأزمة التي لم يسبق لها مثيل، والمستوحاة من تأكيد بوريس جونسون الأكيد على أن “تعزيز حقوق الإنسان هو هدف أساسي للسياسة الخارجية لبريطانيا العالمية”، يتوقع المرء استجابة قوية ومبدئية من الحكومة البريطانية للحقوق الخطيرة والمتفاقمة الوضع في مصر.

ومما ورد أيضًا أن صحيفة الأهرام المصري نشرت مقالًا قبل أسبوعين عن وضع وزير الخارجية في الشرق الأوسط، أليستير بيرت وسياسة الحكومة البريطانية الفعلية تجاه مصر. كما يدافع بيرت عن دعمه لجهود الحكومة المصرية في مكافحة الإرهاب، ولا يوجه أي انتقاد مهما كانت وحشية عملياتها في سيناء، على الرغم من أن الإرهاب وأفضل السبل للتصدي له هو موضوعه الرئيسي. ولا يوجد اعتراف بأن نهج الحكومة المصرية – الذي وصفه بيرت بأنه “ضرب قبضة الحديد” – يؤجج عدم إضعاف التطرف. كما لو أن المملكة المتحدة لم تتعلم شيئًا من العقدين الماضيين من عمليات مكافحة الإرهاب.

وعلى ذلك اختتم التقرير بأن سياسة المملكة المتحدة تجاه مصر، كما حددها أليستير بيرت هذا الشهر، لا علاقة لها بالسياسة الخارجية التي تستند إلى القيم التي عبر عنها بوريس جونسون قبل ثلاثة أشهر فقط. وإذا كانت المملكة المتحدة جادة في مجال حقوق الإنسان – كما ينبغي – يجب أن توضح على وجه السرعة سياستها تجاه مصر وأماكن أخرى. ولابد من التأكيد دون أي شك على أن بريطانيا تقف على قيم أساسية معينة في العالم، وليس فقط واقعية سياسية ساخرة وباردة، مما يقلل من مكانة المملكة المتحدة عالميًا، وسيؤدي إلى مزيد من البؤس والصراع والقمع لشعب مصر.