أحمد حسين

يبدو أن روسيا أعطت الضوء الأخضر من أجل أن يلعب سيف الإسلام نجل العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، دورا كبيرا في المشهد السياسي بالبلاد، مع قرب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في 2019.

ولعل أول ما يتبادر إلى الذهن، هو موقف اللواء خليفة حفتر قائد القوات المنبثقة عن برلمان طبرق شرق ليبيا، والذي يتمتع بعلاقات وثيقة مع الروس ويتمتع بدعم كبير منها.

فهل تريد موسكو أن ترسم مستقبلا سياسيا يتعاون فيه الرجلان، كأن يكون ابن القذافي رئيسا وحفتر وزيرا للدفاع، أم أن الأمر يحتمل عملية مفاضلة يتنافس فيها كلاهما لنيل رضا الدب الروسي والاستئثار بدعمه؟.

موسكو ترحب بالقذافي

وكالات الأنباء الروسية نقلت، الثلاثاء، عن “ميخائيل بوغدانوف” نائب وزير الخارجية الروسي، قوله إنه ينبغي أن يلعب سيف الإسلام القذافي ابن الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي دورا في المشهد السياسي الليبي.

وذكرت أن مندوبا عن سيف الإسلام سلم رسالة منه إلى موسكو هذا الشهر، حدد فيها أفكارا لمستقبل سياسي لليبيا، وقالت إن سيف الإسلام على تواصل مستمر مع روسيا.

ونسبت الوكالة الرسمية إلى بوغدانوف قوله: “ندعم الجميع. نعتقد أنه لا ينبغي عزل أحد أو إقصائه عن أداء دور سياسي بناء”.

وأضاف: “لهذا السبب نتواصل مع كل الجماعات المتمركزة في غرب وشرق وجنوب البلاد… يتمتع سيف الإسلام بدعم قبائل محددة في مناطق محددة من ليبيا وكل هذا ينبغي أن يكون جزءا من العملية السياسية الشاملة بمشاركة القوى السياسية الأخرى”.

يبدو أن الأمر ينطوي على تعاون بين القذافي وحفتر إذن، ولعل ما يشير إلى ذلك التواصل المستمر والقوي بين الأخير وروسيا، حيث زارها أكثر من مرة ويتم استقباله كقائد عسكري وسياسي ذو شأن.

واستبق حفتر انعقاد المؤتمر الدولي حول أزمة ليبيا في مدينة باليرمو الإيطالية، نوفمبر الماضي، والذي غاب عنه، بزيارة موسكو لتأكيد دعمها له.

وقالت وسائل إعلام روسية إن وزير الدفاع “سيرغي شويغو” التقى حفتر بموسكو، في مؤشر على دعم الكرملين له، ونقلت عن بيان للدفاع أن الوزير وحفتر بحثا الأزمة الليبية والوضع الأمني بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وقال مكتب حفتر إن اجتماع موسكو “شمل بحث سبل إنهاء الأزمة الليبية والحرب على الإرهاب”.

ولطالما أبدى الجيش الروسي الدعم لحفتر الذي سبق وزار موسكو من قبل واستضافته وزارة الدفاع العام الماضي على متن حاملة الطائرات الروسية الوحيدة.

خليفة والده الأنسب

وقتل معمر القذافي بعد الإطاحة به في ثورة 2011، ولطالما ينظر كثيرون إلى سيف الإسلام، الذي احتجز بعد ذلك قبل الإفراج عنه في وقت لاحق، على أنه خلف إصلاحي محتمل لوالده في السنوات التي سبقت 2011 كما أنه لا يزال شخصية مهمة بين أنصار القذافي.

نجل القذافي بات اسمه يتردد في الأوساط الليبية كمرشح رئاسي، بعد الإعلان الرسمي عن نيته الترشح في الانتخابات الرئاسية.

ودعت المحكمة الجنائية الدولية، في يونيو 2017، إلى اعتقال نجل القذافي أو تسليم نفسه، بعد 4 أيام على إطلاق جماعة مسلحة في غرب ليبيا سراحه منذ احتجازه عقب الثورة.

وطالبت المدعية العامة للمحكمة “فاتو بنسودا”، ليبيا ودول أخرى باعتقال سيف الإسلام، الذي يواجه تهما بارتكاب جرائم حرب خلال حكم والده للبلاد.

وكانت “كتيبة أبوبكر الصديق” في مدينة الزنتان، التابعة لقوات مجلس النواب في مدينة طبرق (شرق) بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، أخلت سبيل سيف الإسلام، بعد نحو عامين من إصدار برلمان طبرق قانون العفو العام، الذي منح جميع المسجونين العفو عن الجرائم المرتكبة، خلال الفترة من فبراير 2011، وحتى صدوره.

لكن القذافي الابن الذي احتار الجميع في معرفة مكان إقامته منذ إطلاق سراحه، تواترت أنباء عن تواجده في العاصمة الإماراتية أبو ظبي.

المغرد الإماراتي الشهير “مجتهد الإمارات”، قال إن سيف الإسلام القذافي متواجد في أبوظبي “تحت حماية الدولة”، وغرد عبر حسابه في تويتر يونيو الماضي أن نجل القذافي وصل على متن طائرة عسكرية خاصة، فيما يفرض تكتيما إعلاميا على الأمر.

وأشار المغرد إلى أن مصدر المعلومات شخص مقرب من القيادي الفلسطيني “محمد رشيد” صديق القيادي الفتحاوي المفصول “محمد دحلان” والذي يعمل مستشارا أمنيا لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.

القذافي الابن يتمتع بخبرة ربما لا تتوفر لغيره في الدراية بشؤون الحكم والبلاد نظرا للمسؤوليات التي تولاها في حقبة والده، فضلا عمن يمكن أن يسانده من بقايا النظام في المواقع المؤثرة.

“فرج الشريفي” الدبلوماسي السابق في نظام معمر القذافي، لفت في تصريحات صحفية إلى أن هناك أكثر من مليون ونصف ليبي خرجوا من البلاد في أعقاب الثورة، ينتظر أن يعودون حال ترشح سيف الإسلام، لمناصرته وترجيح الكفة لصالحه.

كما أن الرغبة في الانتقام من الإسلاميين باعتبارهم من قادوا الثورة ضد والده وقتلوه في نهاية الأمر، تقود إلى تعزيز فرصة سيف الإسلام في أن يكون رجل المرحلة القادم.