إبراهيم سمعان

وسط الاضطرابات التي تشهدها منذ مقتل الصحفي جمال خاشقجي في 2 أكتوبر في قنصليتها بإسطنبول، من الواضح أن المملكة السعودية تحاول أن تقلب الصفحة، حيث قام الملك سلمان بإجراء تعديل كبير في الحكومة من خلال سلسلة من المراسيم، بما في ذلك وزير الخارجية عادل الجبير.

 

وقالت صحيفة “لوريون لوجور”: استمر الضغط على العائلة المالكة منذ اتهام ولي العهد محمد بن سلمان في قتل منتقد السلطة جمال خاشقجي، حيث تزعم السعودية أن الصحفي قتل في عملية “خارجة عن نطاق السيطرة” للدولة ، بقيادة نائب رئيس وكالة الاستخبارات أحمد العسيري، والمستشار في الديوان الملكي سعود القحطاني ، وكلاهما تم عزلهما من منصبه.

وأضافت: ورغم ذلك يظل ولي العهد محمد بن سلمان هو المتهم من قبل الإعلام التركي والأمريكي، وكذلك وكالة المخابرات المركزية، التي تشتبه في أنه من أمر بقتل هذا الصحفي المعارض.

وأوضحت كان من المتوقع أن يتأخر إعلان التعديل بضعة أيام ، وفقاً للإعلام السعودي ، بسبب وفاة الأمير طلال بن عبد العزيز آل سعود، لكن بيكا واسر، المحللة السياسية في مؤسسة راند كوربوريشن الأمريكية في واشنطن ، ذكرت للصحيفة أن “هذا التعديل الوزاري كان متوقعا نظرا لتداعيات قضية خاشقجي وفرصة النظام السعودي للرد على دعوات لمزيد من الشفافية، دون تغيير سيطرة ولي العهد على الحكومة”.

 

وعلى الرغم من الدعوات الكثيرة ، بما في ذلك بعض الأصوات الأمريكية، لاستبعاد ولي العهد من السلطة، إلا أنه يبقى رسميًا الطابع المركزي للمملكة  مع الاحتفاظ بملف الدفاع، بيد أن التغيير الأبرز في هذا الاضطراب هو أخذ وزير المالية السابق، إبراهيم العساف، مكان عادل الجبير ، الذي هبط إلى منصب وزير الدولة للشؤون الخارجية.

 

وتقول الصحيفة إن هذا المنصب يعتبر ترقية بالنسبة للسعودية، على الرغم من أنه في الواقع منصب شرف أكثر من أي شيء آخر، ويعتبر  ضربة لهذا الرمز المميز للسياسة الخارجية للمملكة، إذ كان يجسد هذا الدبلوماسي السابق رؤية أكثر حداثة للدبلوماسية السعودية لكنه أيضا قاد حملة معادية لإيران.

 

وبحسب بيكا واسر: “لقد كان وجه الحكومة السعودية بعد حادث خاشقجي، وفقده للمنصب يمكن أن يشير إلى تغيير في الصورة”، ففي الأشهر الأخيرة ، دافع الأخير بقوة عن ولي العهد الذي تعرض لعاصفة من الانتقادات بسبب خاشقجي.

 

وتابعت الصحيفة: ظلت الرياض بداية القضية في صمت، قبل أن تصدر روايات متناقضة، وهو ما رآه النائب اللبناني السابق فارس سويد، “شعر الكثيرون أن الجبير لا يدعم ولي العهد في هذه القضية، وفي الرياض، قالت مصادر مطلعة عديدة رغبت في عدم الكشف عن هويتها أن التعديل لم يأت من ولي العهد، رغم أن ظهوره المفرط في وسائل الإعلام خلال الأزمة مع قطر أثار غيرة محمد بن سلمان.

 

وبحسب الصحيفة إبراهيم العساف ، يجسد الحارس القديم الذي ربطت وسائل الإعلام السعودية تعيينه برغبة المملكة في إعادة تركيز الاهتمام على خطة تطوير رؤية 2030 ، وهي مشروع يحمله ولي العهد ، على نحو يكاد ينسى ، مع النكسات الكثيرة المنسوبة إليه، مثل: قضية الحريري ، حملة مكافحة الفساد ، قضية خاشقجي ، ولكن أيضا المستنقع اليمني.

 

وهكذا استفاد إبراهيم العساف من اعتقاله، حيث كان قد احتُجز لمدة شهرين خلال عملية مكافحة الفساد “ريتز كارلتون” في نوفمبر 2017 ، قبل أن يتم تبرئته من جميع الشكوك.

 

وزير الخارجية الجديد تكنوقراطي كما تقول بيكا واسر: ” إعادة تصميم هذه الوزارة بواجهة جديدة ، خاصة مع شخص أعيد تأهيله، يمكن أن تكون رسالة عامة”. فهذا التنوع الجديد في السلطة يتوافق مع الرغبة في إعادة التوازن للحكومة ، والسماح للشباب أعضاء عشيرة سعود بالدخول إليها ، وأيضا عودة قدامى المحاربين السياسين.

 

وتقول الخبيرة الأمريكية “يهدف هذا التعديل إلى تأكيد قوة ولي العهد التي تواجه العديد من التحديات الداخلية والخارجية”، كما يبين فارس سويد أنه مع هذا التعديل ، يبدو أن النظام يريد أن يحمي نفسه من خلال تأطير المزيد من ولي العهد.

لكن هذا التسلسل يؤكد أنه طالما كان الملك سلمان في موقع القيادة ، يبدو أن ولي العهد لا يمكن فصله عن السلطة السعودية.