العدسة – أحمد حسين

يبدو أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مستمر في التضحية برجاله الأقربين، على خلفية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، أكتوبر الماضي.

فبعد سعود القحطاني وأحمد عسيري وغيرهما، جاء الدور على رجله الأشد قربا في مجال الإعلام، وهو “تركي الدخيل” صاحب المحطات المثيرة للجدل، والمتعلقة جميعا بعلاقة مريبة ربطته بابن سلمان.

لعنة خاشقجي

الإطاحة بالدخيل من منصب المدير العام لقناتي “العربية” و”العربية الحدث” التابعتين لمجموعة “إم بي سي”، كان الخبر الأكثر إثارة للجدل في الأوساط السياسية والإعلامية العربية خلال الساعات الماضية.

ربما كان مثار الجدل يتعلق بشخصية الدخيل الذي كان يوصف بأحد أبرز الأذرع الإعلامية لولي العهد السعودي، فضلا عن علاقات وثيقة ربما سبقت تعيينه في هذا المنصب قبل 3 سنوات.

تضمنت التغييرات التي أعلنها مالك مجموعة “إم بي سي” وليد الإبراهيم، تعيين نبيل الخطيب خلفا للدخيل، وتأسيس مجلس تحرير للقناتين برئاسة عبدالرحمن الراشد وعضوية كل من مازن تركي السديري، وعلي الحديثي، وسلمان الدوسري رئيس التحرير السابق لصحيفة الشرق الأوسط، وفيصل عباس.

واتفق محللون على أن هذه الإقالة تأتي في إطار التغييرات التي يجريها ابن سلمان في الدائرة الصغيرة المحيطة به في مجالات مختلفة، على خلفية فضيحة بلاده في إدارة ملف جريمة مقتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول التركية.

موقع “إيلاف” الإخباري القريب من دوائر السلطة في السعودية، نقل عن مصادر لم يسمها إنه تمت المصادقة على قرار تعيين تركي الدخيل سفيرا جديدا للرياض في أبو ظبي خلفا لمحمد بن عبدالرحمن البشر، الذي أُعفي من منصبه فبراير الماضي.

عرّاب التقارب مع ابن زايد

لم يوصف الدخيل يوما أنه الإعلامي الأقرب لابن سلمان أو حتى مستشاره غير الرسمي، لكنه كذلك كان يلعب دور مهندس التقارب بين الأمير الشاب وجاره محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي.

فقبل توليه منصبه السابق في العربية، أسس الدخيل في 2005 مركز المسبار الإماراتي للدراسات والأبحاث ويوصف بأنه أحد أذرع دولة الإمارات العربية المتحدة الإعلامية.

ومع وفاة الملك عبدالله بزغ نجم “الدخيل” على ساحة الإعلام السعودي بشكل قوي خاصة مع توليه منصب مدير عام أحد أقوى الفضائيات الإخبارية السعودية “العربية” بعد أسبوع واحد من تولي الملك الجديد سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم.

مع صعود ابن سلمان في هيكل السلطة الداخلية في المملكة كولي لولي العهد ووزير للدفاع وأمين عام للديوان الملكي، بدأ تركي الدخيل في صعود الواجهة مع ابن سلمان، حيث أصبح أشبه بالمستشار الأقرب لدى الأمير الشاب.

ويرافق “الدخيل” الأمير في معظم رحلاته بالخارج، كما أجرى المقابلة الحصرية مع “ابن سلمان” بعد إعلانه عن رؤية 2030 للمملكة، وهي المقابلة التي عرّف بها الأمير نفسه للشعب.

وتربط وثائق نشرتها تقارير إعلامية بين الدخيل ومحمد بن زايد، الذي على ما يبدو كان يعمل على استمالة الدخيل في تلك الفترة، ويعتقد كثيرون أن للدخيل دورًا كبيرًا في التقارب بين الرياض وأبوظبي، نظرًا لعلاقاته الجيدة مع ولي عهدها.

وكان المغرد السعودي الشهير “مجتهد” نشر تغريدة سابقة على حسابه قالت إن المهمَّة الثانية للدخيل هي الترويج لـ”ابن سلمان” في الإعلام العربي ووسائل الاتصال.

تضخم الثروة

قال الدخيل، في مقابلة ترجع لعام 2014، عن علاقته بابن زايد: “أنا لا أعمل مستشارا له ولكن لدي علاقات جيدة معه”، مضيفا: فضل محمد بن زايد عليّ كثير وهناك العديد من النعم التي كان يغدقها عليّ”.

وعلى الرغم من الاعتراف الذي يمكن من خلاله استنتاج تأثير تلك العلاقة المريبة على تضخم ثورة الدخيل، إلا أن المحطات المتسارعة لهذا التضخم تلت اعتلاء الملك سلمان عرش المملكة واقتراب الدخيل من ابن سلمان في 2015.

موقع “ميدل إيست أوبزرفر” نشر في نوفمبر 2016 تقريرًا بالوثائق عن التحول السريع في ثروات الدخيل منذ اعتلاء الملك سلمان السلطة في يناير2015، منها محفظة استثمارية في “الاستثمار كابيتال” بقيمة 8 ملايين ريال سعودي بتاريخ 15 فبراير2015، وصلت إلى 94 مليونًا في أغسطس من العام نفسه.

وخلال هذه الفترة، اشترى الدخيل عدة عقارات في مدينة دبي مقابل 17 مليون درهم إماراتي، وجاء ذلك بوضوح في الوثائق التي نشرها الموقع، والتي توضح تاريخ الشراء وهو 21 يونيو 2015.

ويتضح من الوثائق أيضًا شراء عقارين في مشروع يسمى “ريفير لايت” لا يزال قيد الإنشاء في العاصمة البريطانية لندن، حيث اشترى الدخيل شقتين بقيمة تزيد على 3 ملايين يورو.