إبراهيم سمعان
بينما يحتفل دونالد ترامب بالذكرى الثانية لوصوله للبيت الأبيض، يزداد احتمال ألا يكون الرئيس الأمريكي موجودا خلال الذكرى السنوية الثالثة لولايته.
ووفقا لصحيفة ” alencontre” الفرنسية: هذا هو على الأقل الاستنتاج الذي توصلت إليه أعداد متزايدة من مؤسسات واشنطن، نظراً للتهديدات القانونية المتعددة والأزمات السياسية التي يواجهها ترامب وأسرته وإدارته، وذلك لعدد من الاعتبارات.
أولا أدى التحقيق الذي أجرته وزارة العدل (بقيادة المدعي الخاص روبرت مولر) حول التواطؤ المحتمل بين فريق ترامب والوكالات الروسية في انتخابات عام 2016 إلى الملاحقة القضائية واعتراف بالذنب لمدير الحملة بول مانافورت ونائب مدير الحملة ريك جيتس وأيضا وجورج بابادوبولوس، مستشاره السابق للأمن القومي ومايكل فلين، المستشار القانوني الرئيسي لترامب والعديد من الجهات الفاعلة الثانوية الذين اعترفوا على رئيسهم أو سوف يفعلون.
ثانيا الإقرار بالذنب من قبل مايكل كوهين، حول انتهاك تمويل الحملة الانتخابية، واتهامه الرئيس “بالتآمر” في خطة لدفع أموال للنساء اللواتي كن على صلة به حتى لا ينشرن قصصهن في الصحافة قبل انتخابات 2016.
ثالثا فتح التحقيق الذي أجراه مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق روبرت مولر عدة طرق للتحقيق في عدة تهم تتعلق بترامب وحاشيته وإدارته، بما في ذلك النفوذ الذي تمارسه ممالك الخليج وغسل الأموال والفساد.
رابعا مع وصول الديمقراطيين إلى مجلس النواب في الثالث من يناير، سيواجه البيت الأبيض والوكالات الإدارية موجة من أوامر الاستدعاء التي ستجبر الموظفين على الاستجابة لطلبات متعددة للحصول على وثائق، كذلك يهرب الموظفون الإداريون الرئيسيون، من البيت الأبيض ككيفن سويني ووزير الدفاع جيم ماتيس ، مما يبدو أن سفينة تغرق ، ويكافح ترامب ملء الشواغر.
كما عانت الأسهم المدرجة في وول ستريت ونتائج بورصة شيكاغو من أكبر انخفاضات في ديسمبر 2018 منذ الكساد الكبير، وأعرب محللو “وول ستريت” عن قلقهم من سياسات ترامب التجارية وركود محتمل، والذي انتهي بالإغلاق الحكومي بسبب جدار المكسيك.
لكن بدا أن شيئًا ما قد تغير في ديسمبر 2018، عندما أعلن ترامب انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، فهذا العمل أدى إلى استقالة وزير الدفاع جيمس ماتيس وبريت ماكجورك ، المبعوث الأمريكي للتحالف الذي تديره الدولة مع سوريا، وفجأة حذر الجمهوريون والديمقراطيون من العواقب الوخيمة لهذا القرار وعبروا عن قلقهم من أن ترامب قد يذهب بعيداً.
كذلك عندما رفض الرئيس انتقاد دعاة تفوق البيض في شارلوتسفيل في ولاية فرجينيا، بعد اندلاع اشتباكات في بين متظاهرين من القوميين البيض ومحتجون مناوئين لهم، ما تسبب بحالة من أعمال العنف قتل على أثرها شخص بعد أن صدمت سيارة حشداً من المتظاهرين، والفصل بين العائلات المهاجرة على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك أو محاولة إزالة التغطية الطبية لملايين من الناس، كل ذلك كشف أن ترامب يمثل تهديدا لحقوق الجمهورية خاصة بعد استقالة ماتيس.
توماس فريدمان، أحد الكتاب البارزين قال في صحيفة نيويورك تايمز يوم 24 ديسمبر 2018 ” إنه حتى الآن لم أُفضِّل عزل الرئيس ترامب من منصبه، شعرت بقوةٍ بأن رحيله بالطريقة التي جاء بها سيكون هو الأصلح لوطننا، من خلال صناديق الاقتراع. لكن الأسبوع الماضي كان لحظةً فارقةً بالنسبة لي، ولكثيرٍ من الأميركيين بظنِّي، بمن فيهم بعض الجمهوريين”.
وأضاف” كانت اللحظة التي أجبرتنا على أن نتساءل إن كنَّا قادرين على تحمُّل عامَين آخرَين من رئاسة ترامب، وإن كان هذا الرجل وسلوكه الملتوي -الذي لن يزداد إلا سوءاً بانتهاء تحقيق مولر- سيؤدِّيان إلى زعزعة استقرار دولتنا، وأسواقنا، ومؤسَّساتنا الرئيسية، وبالتالي العالم أجمع. ولهذا يجب أن نطرح مسألة عزله من المنصب على طاولة النقاشات”
ومنذ توليه السلطة تقريبًا، حذر المراقبون السياسيون من أن إدارة ترامب قد تنتهي بفصله أو إجراء يتعلق بفصله من منصبه، وبعد أن أصبح الديمقراطيون على رأس مجلس النواب، يمكن أن تتغير حساباتهم ويطالبون بإقالة الرئيس وهي الخطوة التي حاولوا تجنبها قبل انتخابات التجديد النصفي خوفا من أن يستخدم ترامب هذا الأمر لتعبئة مؤيديه الرئيسيين.
وباعتراف الجميع ، فإنه مع إدارة ترامب الرأسمالية الرثة، سيكون لدى محققي الكونجرس قائمة كاملة من الفساد والفاسدين التي يمكن أن تؤدي إلى الملاحقة القضائية، وستشهد البلاد زلزالًا سياسيًا إذا وثق تقرير روبرت مولر تورط الإدارة في جرائم غير قانونية وغير قابلة للتقادم.
قد لا يكون مستشاري ترامب الجمهوريين مستعدين للتخلي عنه بعد في الوقت الراهن، لكن هذا لا يعني أنهم لن يضطروا إلى القيام بذلك في وقت قريب.
في المرة الأخيرة التي واجهت فيها حكومة الولايات المتحدة أزمة كهذه ، كانت خلال فضيحة نيكسون ووترجيت، وحينها كانت الولايات المتحدة على وشك أن تعاني من أكبر هزيمة عسكرية لها حتى الآن في فيتنام.
وعلى الرغم من أن الأزمة الحالية في السياسة الإمبريالية الأمريكية قد لا تكون خطيرة مثل تلك التي واجهها “المحاربون” في فيتنام ، فهناك بعض أوجه التشابه التي تستحق أن تؤخذ بعين الاعتبار.
فشلت خطة الولايات المتحدة لإعادة رسم الشرق الأوسط بسبب الحرب في العراق فشلا ذريعا، وتشارك القوات الأمريكية في أفغانستان بالفعل في أطول حرب أمريكية ، ولا تبدو لها نهاية في الأفق.
إذا بدأ المؤيدون الرئيسيون لنخبة الحزب الجمهوري، من الإدارة العليا في البنتاجون إلى المديرين التنفيذيين في البنوك الكبرى ، في استنتاج أن ترامب يشكل عقبة أمام القوة الاقتصادية والعسكرية الأمريكية ، وكذلك نأي سياسيون منتخبون في الحزب الجمهوري بنفسهم عن ذلك، فمن الممكن أن تحدث الإقالة قبل نهاية هذا العام.
طالع النص الأصلي من المصدر الأصلي من خلال الضغط هنا
اضف تعليقا