العدسة – ياسين وجدي :

تصريحات رسمية ووفود تطبيعية كشفت عن أن المخطط الصهيوني الأبرز التي يحلم بـ” إسرائيل الكبرى” من النيل إلى الفرات ، بدأ يتبلور بشكل واضح في زمن الخريف العربي بقيادة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بعد موجة قمع دموية لبلاد الربيع العربي لازالت مستمرة.

“العدسة” يدق ناقوس الخطر ، في ظل الوتيرة المتسارعة للتطبيع والمؤشرات الصهيونية الواضحة بالتزامن مع الحراك المستمر لتمرير صفقة القرن بمواصفاتها المتداولة ، ويسلط الضوء على مؤشرات تدعم إقرار “اسرائيل الكبرى” في ظل الصعود الموالي لدولة الاحتلال الصهيوني في بلاد الربيع العربي.

“إسرائيل” الكبرى !

رئيس الكنيست الصهيوني يولي إدلشتاين ممثل حزب الليكود الحاكم، عزز عودة المخطط الصهيوني” إسرائيل الكبرى” بشكل ضمني عندما أكد في تصريحات رسمية الثلاثاء أن مصطلح “حل الدولتين” لم يعد صالحاً ولا يلائم الواقع السياسي الحالي وهو ما يعيد للواجهة بنود المخطط التي استبعدت قيام دولة فلسطينية وهو ما ينسف كل المزاعم الرائجة عن السلام التي تقودها دول الحلف الرباعي “مصر والسعودية والإمارات والبحرين”وفق مراقبين.

المسئول الصهيوني البارز قال :”كل هذه التصريحات حول دولتين لشعبين، وأن الحل الوحيد هو حل الدولتين، هي بكل بساطة غير صالحة ، ولا أعتقد أن أي شخص بوسعه أن يرسم على الخريطة حدود الدولتين بشكل صحيح للحصول على وضع مثالي”.

المخطط الصهيوني أكد مرارا على هذا البند خاصة في عام 1982عندما كشف باحثون عن خطة المنظمة الصهيونية العالمية للعمل على تفتيت الدول العربية المحيطة بإسرائيل، إلى دويلات صغيرة تقوم على أساس العرق والدين، منها دولة للشيعة، وأخرى للسنة، وثالثة للأكراد، وشملت هذه الدول: مصر والعراق وسوريا ولبنان واليمن والأردن والسعودية.

معهد “جلوبال ريسيرش الدولى للدراسات”، أعاد في العام 2016 نشر مقالي الباحثين  ميشيل تشوفيدسكى، ومهدى داريوس نازيمورايا، يشرحان فيه تفاصيل تفكيك الكيان الصهيوني المتعمد للدول العربية فى إعادة تشكيل جيوسياسى للمنطقة، بما يحقق أهدافها فى الامتداد الجغرافى من النيل للفرات، وتستهدف الخطة تحطيم القوى العربية العسكرية، وتحويل الدول العربية إلى دويلات على غرار دول “البلقان” التي تقوم دولها الصغيرة على أساس ديني وعرقي ضمن ما سمي بخطة “بلقنة” الدول العربية، كما تتضمن الخطة إعادة توطين وتوزيع الفلسطينيين فى الضفة الغربية وغزة في كل من سيناء والأردن وبعض أجزاء السعودية، والعراق ولبنان، مع استبعاد وجود الدولة الفلسطينية نهائيا.

عراقنة التطبيع !

المخطط الإجرامي للتطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل ، وصل إلى أهم نقاط المخطط وهي العراق ، حيث الفرات الاسم البارز في خارطة “إسرائيل الكبرى” المزعومة.

صفحة “إسرائيل بالعربية” الصهيونية الرسمية على تويتر أعلنت عن أن ثلاثة وفود عراقية زارت دولة الاحتلال في العام الفائت، كان آخرها خلال الأسابيع الماضية.

الصحف العبرية كشفت عن أن الضيوف العراقيين زاروا متحف ياد فاشيم، الذي يخلد ذكرى ضحايا الهولوكوست، والتقوا أكاديميين ومسؤولين حكوميين صهاينة ، فيما كشفت عن أن وزارة الخارجية الصهيونية تدعم هذه المبادرة، ولفتت إلى أن الوفود ضمت شخصيات عراقية سنية وشيعية لها تأثير في العراق.

كما أوضح تقرير تلفزيوني عبري أن الهدف من هذه الزيارات السرية كان وضع “البنية الأساسية لعلاقات مستقبلية” بين العراق ودولة الاحتلال، وأن التركيز خلال الزيارات “غير الرسمية” كان على مسائل ثقافية واجتماعية وأن أعضاء الوفود ناقشوا مسائل تتعلق بالتاريخ اليهودي العراقي.

بدوره كشف وزير المالية الصهيوني موشيه كحلون خلال الساعات الأخيرة عن تحول آخر في العلاقات مع العراق ، هذه المرة كان رسميا ، حيث أعلن شطب العراق من قائمة “دول العدو” (التي تشمل لبنان وسوريا والسعودية واليمن وإيران)، حيث وقع مرسوما يجيز التبادل التجاري مع بغداد، وينص المرسوم على أن العراق ليس دولة معادية.

 

عزز ذلك بحسب مراقبين  إطلاق وزارة الخارجية الصهيونية في وقت سابق صفحة على فيسبوك باسم “إسرائيل باللهجة العراقية”، في محاولة قالت إنها لخلق”تواصل وحوار مثمر بين الشعبين “، لكنها لفتت الأنظار وقتها إلى تفاصيل مخطط “إسرائيل الكبرى” حيث زعمت أن ” هناك تاريخا حافلا يجمع اليهود ببلاد الرافدين بعد أن عاشوا فيها أكثر من 2500 عام، إذ أن المنحدرين من بلاد الرافدين لا يزالون يحملون ذكرياتهم ومساهماتهم في بناء العراق الحديث”.

المخطط يبدو أنه لن يتوقف عن التصاعد في العراق ، حيث رجحت لجنة العلاقات الخارجية فى البرلمان العراقي، أن يكون ما أعلنته الخارجية الصهيونية عن زيارة ثلاثة وفود حزبية عراقية سنية وشيعية إليها “جزءاً من لعبة هدفها إيجاد فتنة داخل العراق” وطالبت جهازي المخابرات والأمن الوطني بتوضيح حقيقة ما جرى.

كما طالب عضو هيئة رئاسة مجلس النواب العراقي حسن كريم الكعبي وزارة الخارجية بالتحقيق في الأمر ، فيما أكد معنيون أن قانون العقوبات العراقي يعتبر زيارة الكيان الصهيوني “جريمة تصل عقوبتها إلى الإعدام”.

التنازل عن سيادة مصر !

على الضفة الأولى من شعار المخطط الصهيوني وهي “النيل” ، فجر اعتراف رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي بتعاون غير مسبوق مع الكيان الصهيوني فيما يخص شبه جزيرة سيناء موجة من الغضب والتحليلات التي تعزز دوره في إخضاع القاهرة التام لدولة الاحتلال الصهيوني، وهو ما كشفته صحيفة “نيويورك تايمز” قبل نحو عام، حيث وثقت أن دولة الاحتلال الصهيوني ساعدت مصر في أكثر من مائة غارة جوية ضد قوات تنظيم “داعش” الإرهابي في سيناء.

التنازل عن سيادة مصر للكيان الصهيوني ، ساهم بحسب تقرير نشره موقع “وللا” الإخباري الصهيوني ، في إحباط الكيان الصهيوني إرساليات السلاح التي تهرّب عبر الصحراء إلى “كتائب عز الدين القسام”، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، ووفق المعلق العسكري للموقع، أمير بوحبوط، فإن سماح السيسي لسلاح الجو الصهيوني بالعمل بحرية في سيناء مكّن تل أبيب من تدمير 15 ألف صاروخ متطور كانت في طريقها إلى مخازن “حماس” في القطاع.

مراقبون مصريون يرون أن المخطط الصهيوني الذي يستبعد فى كل الأحوال وجود دولة فلسطينية، يعمل على اقتطاع جزء من سيناء من مصر ضمن مخطط “صفقة القرن ” وخطة “إسرائيل الكبرى” ، وهو ما كشفته  صحيفة “المصري اليوم” في وقت سابق مؤكدة أن الصفقة المرتقبة تتحدث عن تنازل مصر عن 720 كيلومتراً مربعاً من أراضي سيناء لصالح الدولة الفلسطينية المقترحة.

ومؤخرا كشفت تقارير في يوليو 2018 عن أن “الجيش الثاني الميداني بدأ في تنفيذ تعليمات جديدة متعلقة بشمال سيناء ، في ضوء تفاهمات سياسية إقليمية متعلقة بتلك المنطقة ضمن صفقة القرن”، ومن شأنها فصل المنطقة المستهدف إقامة عدد من المشاريع عليها ضمن الخطة وعزلها عن باقي المناطق المحيطة”.

وفي هذا الإطار يؤكد باحثون في الأمن القومي المصري أن “سيناء تعد عاملاً أساسياً في “صفقة القرن” لأنها ستكون بمثابة ظهير طبيعي لحماية الأمن الصهيوني وبالتالي هناك محاولات لإقناع “حماس” تحديداً بقبول الصفقة مقابل إنهاء الحصار عن غزة من خلال إعادة فتحها على العالم مرة أخرى ولكن بضوابط تنفذها مصر وتمولها السعودية والإمارات وتضمنها أمريكا، ولذلك كان التنازل عن تيران وصنافير حتى يكون البحر الأحمر متعدد الجنسيات وليس عربياً خالصاً ، بجانب تغيير العقيدة العسكرية لدى الجيش المصري وتصدير سيناء باعتبارها أزمة لمصر، وإجبار أبناء سيناء على الهجرة من جانب أو القبول بشريك آخر غير مصر حتى إذا تمت الصفقة.

على الأبواب!

في العام 2014 بالتزامن مع صعود التطبيع العربي من محور”السعودية ومصر والإمارات والبحرين” مع الكيان الصهيوني ، نشر النشطاء الصهاينة على موقع التواصل الاجتماعى “فيس بوك” خريطة عما وصفوه بـ”مملكة إسرائيل الكبرى – مملكة داود”، وتضم الخريطة لإسرائيل الكبرى مصر وفلسطين والأردن وسوريا ولبنان وجزءا من العراق والسعودية.

ويرى مراقبون استندوا إلى ما نشرته مجلة The Atlantic عام 2008 ومجلة القوات المسلحة للجيش الأمريكي عام 2006 من خرائط متداولة قريبة جدًا من خارطة “إسرائيل الكبرى” يرون أن المخطط يمضي في هذه الأوقات عبر إنشاء دويلات وكيلة proxy states بإدارة صهيونية مركزية عن بعد.

ويشيرون إلى أن القادم في حالة إمكانية تنفيذه تفتيت تركيا ولبنان ومصر وليبيا والسودان ثم الانتقال إلى شمال أفريقيا وباكستان أيضًا، لتكون “إسرائيل” قوة احتلال إقليمية بعد تشظية الدول العربية والإسلامية، وفي كلتا الحالتين تكون “إسرائيل الكبرى” قد تحققت!!.