أحمد حسين
يواجه تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” أبرز المكونات الجهادية بالمنطقة، ضغوطا قوية خلال المرحلة الحالية، لا سيما مع تصاعد حدة العمليات العسكرية التي تشنها الأطراف المنخرطة في الحرب ضده.
وعلى الرغم من تلك العمليات إلا أن التنظيم يعلن عن نفسه مجددا بعملية نوعية، تأتي في خضم أزمات سياسية واقتصادية تعج بها دول المنطقة، لتبقيها على حافة المواجهة مع تنظيم يسعى لعودة أمجاده.
ظهور بعد خمول
الظهور الأخير للتنظيم، جاء أمس الأحد، عندما أعلن تبنيه للهجوم الذي قُتل فيه 10 جنود تشاديين من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في مالي.
وبحسب الوكالة التي تتلقى وتبث عادة بيانات للتنظيم، فقد أكد بيانه أن الهجوم جاء كرد على زيارة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى تشاد، وفق تقارير إعلامية.
العاصمة التشادية نجامينا شهدت إعلان إسرائيل وتشاد استئناف العلاقات الدبلوماسية المقطوعة بين البلدين منذ 1972.
وينتشر أكثر من 13 ألفا من قوات حفظ السلام في مالي في إطار بعثة الأمم المتحدة التي أنشئت بعد أن سيطرت تنظيمات مسلحة على شمال مالي في 2012، لكن تم طردهم بدعم من القوات الفرنسية في عام 2013.
(عبدالمالك دروكدال)
الظهور السابق للتنظيم كان في ديسمبر الماضي، عندما نفى في بيان منسوب لزعيمه الجزائري “عبدالمالك دروكدال”، أن يكون أمير جبهة “تحرير ماسينا” قد قُتل في هجوم فرنسي نهاية شهر نوفمبر الماضي، وسط مالي.
وقال “دروكدال” إن “كوفا” – أمير أحد أفرع تنظيم القاعدة – لم يكن موجودا في المكان الذي هاجمه الفرنسيون أمام البرلمان المالي.
وهاجم التنظيم مقر بعثة الأمم المتحدة في “ميونيسما” شمال مالي، في 27 أكتوبر الماضي، ما أدى إلى مصرع جنديين وإصابة 11 آخرين تابعين للبعثة، سبقه هجوم آخر استهدف مقر القوة العسكرية في وسط مالي، في 30 يونيو، وأسفر عن مقتل 6 أشخاص.
وفي آخر يوليو الماضي، نفذ مسلحو التنظيم كمينا محكما ضد عسكريين جزائريين في منطقة بيسة الجبلية، ما أسفر عن مقتل وإصابة نحو 20 عسكريا.
النشأة والتطور
انبثق التنظيم الذي يتزعمه عبد المالك درودكال الملقب بـ”أبي مصعب عبد الودود” في 25 يناير 2007 بعد أن غير اسمه من الجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر، إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
ويقول التنظيم إنه “يسعى لتحرير المغرب الإسلامي من الوجود الغربي والموالين له وحماية المنطقة من الأطماع الخارجية”.
يتولى قيادة التنظيم عبد المالك درودكال الذي تزعم الجماعة السلفية للدعوة والقتال منذ 2004 وهو في الثلاثينيات من عمره، ويعرف بخبرته في صناعة المتفجرات.
ومن القادة البارزين الآخرين عمار سيفي نائب قائد الجماعة الذي يقضي حكما بالسجن المؤبد في الجزائر لاتهامه بخطف 32 سائحا ألمانيا.
أما القيادي “مختار بلمختار” فأشرف على الجماعة في منطقة الصحراء الكبرى على الحدود مع كل من مالي والنيجر، ثم انشق عنها.
(التنظيم يواجه ضربات متتالية ويحاول استعادة قوته)
ولا توجد إحصائيات دقيقة لعدد مقاتلي الجماعة وأغلبهم من الجزائريين, فيما يتوزع الباقون على جنسيات مختلفة أبرزها موريتانيا وليبيا والمغرب وتونس ومالي ونيجيريا.
تنشط هذه الجماعة بصفة أساسية في الجزائر ويمتد نفوذها إلى جنوب الصحراء, كما تتولى تدريب عناصر من دول الجوار.
عمليات وتوسعات
وبجانب ما سبق ذكره من هجمات، شن التنظيم عدة عمليات تفجير واختطاف أجانب أبرزها:
– 11 أبريل 2007: هجوم مزدوج بالسيارات المفخخة على قصر الحكومة ومركز للشرطة -بالجزائر العاصمة- يخلف 30 قتيلا و220 جريحا.
– 5 سبتمبر 2007: عملية انتحارية تستهدف تجمعا شعبيا كان في انتظار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في مدينة باتنة تخلف 22 قتيلا، وأكثر من مائة جريح.
– 11 سبتمبر 2007: هجوم بمنطقة الأخضرية بولاية البويرة يخلف عشرة قتلى.
– 11 ديسمبر 2007 هجوم مزدوج بالجزائر العاصمة يخلف 67 قتيلا.
– 22 فبراير 2008 اختطاف سائحين نمساويين من جنوب تونس.
– يناير 2009: اختطاف أربعة سياح بريطانيين في مالي.
– 23 يونيو 2009: الأميركي كريستوفر لاغت الناشط في منظمة إنسانية يقتل في العاصمة الموريتانية نواكشوط على يد التنظيم الذي اتهمه بالتنصير.
في أكتوبر 2012 بدأ التنظيم خطة لتوسيع نشاطه في منطقة الساحل الأفريقي وخاصة بمنطقة شمال مالي، تحت اسم مغاير.
وتذكر مصادر الأمم المتحدة أن درودكال اختار إياد غالي لقيادة الجماعة الجديدة، علما أن العلاقة بين الطرفين كانت قوية جدا، حيث سبق لتنظيم درودكال أن دعم تنظيم أنصار الدين الذي كان يقوده غالي بالمال والسلاح.
(مواجهة خفية لتجنيد المقاتلين بين تنظيمي القاعدة وداعش)
وفي نوفمبر 2012 تحالف التنظيم وحركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا وأنصار الدين لرسم معالم خطة استراتيجية مشتركة.
وانضم إياد غالي بشكل نهائي إلى تنظيم درودكال مع انطلاق الحملة الفرنسية على التنظيمات المسلحة في مالي يوم 11 يناير 2013.
عرف التنظيم تطورا مفصليا في شهر سبتمبر عام 2014 بإعلان عدة كتائب مرتبطة به انشقاقها عنه ومبايعتها لتنظيم الدولة الإسلامية وزعميه أبو بكر البغدادي.
وذكر المنشقون في بيان نشرته الصحافة الجزائرية يحمل شعار تنظيم الدولة واسم “جند الخلافة في أرض الجزائر” أن الكتائب تأكد لها انحراف منهج تنظيم القاعدة الأم، ما جعلها تبايع البغدادي وتشكل تنظيما جديدا تحت اسم جند الخلافة، بقيادة قوري عبد المالك، الملقب بخالد أبي سليمان.
اضف تعليقا