العدسة – ياسين وجدي :

لا يريد ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد الاكتفاء بسقوطه في جرائم عديدة دفعت به إلى نطاق المحاكمات الدولية ولكنه أضاف سطرا جديدا لجرائمه ، وهذه المرة عبر استخدام التجسس الإلكتروني.

ولم تكن فضيحة الغراب الأسود أو “بروجيكت رافن” هي الأخيرة ، فقد ضم سجله فضائح أخرى ، نرصدها في سياق هذا التقرير ، والتي كشفت عن تركيز “بن زايد” على قطر وتركيا وعمان والمعارضين والصحفيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان ونشطاء جماعة الإخوان المسلمين.

جريمة الغراب الأسود  

“رافن” أو “الغراب الأسود”،.. فضيحة جديدة تشارك فيها الإمارات الولايات المتحدة الأمريكية ، كشفها تقرير حصري لشبكة رويترز، حيث عمل فريق من ضباط المخابرات الأمريكية السابقين، لحساب الإمارات العربية المتحدة، لاختراق أجهزة آيفون الخاصة بنشطاء ودبلوماسيين وزعماء أجانب من خصوم الإمارات وذلك بالاستعانة بأداة تجسس متطورة تسمى (كارما)، وتقاضوا أموالهم من خلال شركة إماراتية للأمن الإلكتروني تسمى (دارك ماتر).   

لكن موقع “ذا ديلي بيست” الإخباري الأمريكي، كشف من جانبه عن أن الإمارات تعاقدت مع نحو 12 عميلا سابقا بالاستخبارات الأمريكية لمساعدتها في التجسس على خصومها من حكومات ونشطاء حقوقيين وأن أفرادًا بهذا الفريق السري الذي يحمل اسم “بروجيكت رافن” (دون الكشف عن هوياتهم) كانوا يمارسون نشاطهم من أحد قصور أبو ظبي.

وفق وثائق رويترز قام المرتزقة الأمريكان بمراقبة مئات الأهداف بدءا من عام 2016، ومنهم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ومحمد شيمشك النائب السابق لرئيس الوزراء في تركيا، ويوسف بن علوي بن عبد الله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان  وتوكل كرمان الناشطة اليمنية في حقوق الإنسان الحائزة على جائزة نوبل.

المرتزقة استمر نشاطهم باستخدام (كارما) في عامي 2016 و2017 للحصول على صور ورسائل بريد إلكتروني ورسائل نصية ومعلومات، لكن بحلول نهاية عام 2017، أدخلت أبل تحديثات أمنية على برمجياتها جعلت (كارما) أقل فاعلية بكثير قبل أن يجمعوا معلومات بشأن عشرات الأهداف، من النشطاء المعارضين للحكومة إلى الخصوم في المنطقة ومنهم قطر، وجماعة الإخوان المسلمين وفق تقرير رويترز.

اعتراف “إن إس أو”!

وفي منتصف يناير الجاري كانت الإمارات مع صدمة جديدة بعد أن اعترف مدير عام شركة “إن إس أو” “NSO” الإسرائيلية المتخصصة في صناعة البرمجيات التي تستخدم للاختراقات الإلكترونية، شاليف حوليو، بأن الإمارات استخدمت برمجيات طورتها الشركة للتجسس على أمير قطر تميم بن حمد، ووزير خارجيته محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.

وقال حوليو، في مقابلة مع صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، إنه في 27 ديسمبر الماضي، استعرض أمام اجتماع مغلق بمشاركة نحو 400 من موظفي “NSO”، اجتمعوا في قاعة بجامعة تل أبيب، بهدف كشف صورة لحالات تجسس متنوعة بواسطة البرامج الإلكترونية التي طورتها الشركة، تضمنت شريحة واحدة أظهرت عملية التجسس على المسؤولين القطريين.

وبحسب الصحيفة، ليست قطر وحدها التي كانت مستهدفة من عملية التجسس الإماراتية الواسعة، وإنما أظهرت رسائل البريد الإلكتروني أن الإمارات طلبت من الشركة اعتراض مكالمات هاتفية للأمير متعب بن عبد الله، الذي كان يعتبر منافسا قويا على العرش السعودي وكان وزيرا للحرس الوطني.

وكشف حوليو أن وكالة مراقبة صادرات الدفاع الإسرائيلية (DECA) أجازت ثلاث صفقات مع الإمارات العربية المتحدة لبيع برمجيات NSO، على الرغم من أن الوكالة من المفترض أن تعطي الإذن لـ “هدف مكافحة الإرهاب والجريمة”.

جاء ذلك بالتزامن مع تقارير صحفية، نشرت في سبتمبر 2018 أشارت إلى شراء أجهزة أمنية سيادية إماراتية منظومة “بيجاسوس” التجسسية على الهواتف النقالة، التي تنتجها الشركة الإسرائيلية، للتجسس على هواتف أمير قطر تميم بن حمد، والأمير السعودي متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، وشخصيات أخرى، وذلك في 2014.

منصور والعذبة والخميس !

وبحسب منظمة العفو الدولية ، سقطت الإمارات في فضيحة تجسس  مماثلة ولكن على المنظمات غير الحكومية، وعلى الصحفيين، وعلى العاملين في مجال حقوق الإنسان في العام 2016 على وجه التحديد .

كان المقصود هذه المرة في 2016 الحقوقي الإماراتي أحمد منصور( مسجون حاليا )  وهو عضو لجنة استشارية بشأن الشرق الأوسط في منظمة هيومان رايتس ووتش، حيث فتح وثيقة بها برنامج تجسس مررته له السلطات الأمنية الإماراتية ، وانتقل الفيروس الخبيث إلى حاسوبه الشخصي، الأمر الذي سمح للسلطات بتعقب حركته وقراءة بريده الإلكتروني.

منصور” قبل الحكم مؤخرا بسجنه في قضية رأي صعَّد حملته وتحدث عن محاولات السلطات الإماراتية التجسس على الإماراتيين، وكشف جنسيةَ شركة صهيونية قال إنّ الأجهزة الإماراتية الأمنية اشترت منها برنامج تجسس جديد، اعتبره ضمن التطبيع الإماراتي الصهيوني.

وكشفت منظمة “سيتزن لاب”، ومقرها تورنتو، في أغسطس  2016، تفاصيل أكثر ، حيث أفادت بأن منصور تلقى رسائل نصية مشبوهة على هاتفه “الآيفون” تعده بمعلومات عن محتجزين مُعرضين للتعذيب في سجون الإمارات وتدعوه للنقر على رابط في الرسالة.

واكتشفت سيتزن لاب أن الضغط على الرابط يؤدي إلى تنصيب برمجية خبيثة متطورة على هاتفه تسمح للغير بالسيطرة على الهاتف عن بُعد وعلى كاميرا الهاتف، وبمراقبة تطبيقات التراسل على الهاتف، وبتعقب تحركاته. تُقدر تكلفة السُبل المشابهة لاختراق هواتف الآيفون بمليون دولار، ما أدى بـ سيتزن لاب إلى تلقيب منصور بـ “مُعارض المليون دولار”.

كما استهدفت الإمارات بحسب تقرير “نيويورك تايمز” في سبتمبر 2018 عبر تقنية شركة “إن إس أو” (NSO) الصهيونية ، الكاتب الصحفي عبد العزيز الخميس (رئيس تحرير جريدة العرب اللندنية سابقا، وهو صحفي سعودي)، و الإعلامي القطري عبد الله بن حمد العذبة، رئيس تحرير صحيفة “العرب” القطرية، ومدير المركز القطري للصحافة الذي لاحق الشركة والإمارات بدعوى قضائية موضحا أن “القضية ستكشف المزيد من التفاصيل حول مؤامرة إمارة أبوظبي ضد قطر والسعودية للسيطرة على القرار السياسي في الرياض منذ 2014 أي قبل الأزمة الخليجية وحصار قطر الجائر”.

فضيحة “هيدجز”!

في أواخر العام الماضي ، كانت الإمارات على موعد مع فضيحة جديدة في نطاق التجسس على الغرب ولكن عبر الأشخاص وليست العمل التقني ، كشفها ماثيو هيدجز -الباحث البريطاني الذي أدانته سلطات الإمارات بالتجسس ثم أفرجت عنه بعفو رئاسي- إن الإماراتيين طلبوا منه خلال فترة احتجازه أن يتجسس لصالحهم على بريطانيا.

وصرح هيدجز بأن الإماراتيين طلبوا منه سرقة وثائق رسمية من وزارة الخارجية البريطانية ، مضيفا لصحيفة التايمز البريطانية : “اقترحوا عليّ سرقة وثائق رسمية من وزارة الخارجية، فأصبت بنوبة هلع، وقلت لهم حتى لو أردت ذلك فإنه غير ممكن لأنني لا أعمل في وزارة الخارجية”.