العدسة- باسم الشجاعي:
تقدمت مصر في مؤشر مدركات الفساد لعام 2018، 12 مركزا، لتحتل المرتبة الـ 105 من أصل 180 دولة بعدما كانت تحتل المرتبة الـ 117 في مؤشر العام الماضي.
وبحسب منظمة الشفافية الدولية، المعنية بمكافحة الفساد، تقدم وضع مصر على مؤشر مدركات الفساد 3 درجات في 2018، حيث سجلت 35 نقطة على مائة، مقابل 32 نقطة العام الماضي، وكلما اقتربت درجة الدولة على المؤشر، الذي يشمل 180 دولة حول العالم، من صفر كلما دل ذلك على أن هذه الدولة أكثر فسادا وكلما اقتربت من 100 كلما عكس ذلك زيادة نزاهتها.
واحتلت مصر المركز الـ 105 في مؤشر الفساد لعام 2018، بعدما كانت تحتل المرتبة الـ 117 في 2017، وكما في السنوات الماضية، تتصدر هذا التصنيف الدنمارك، تليها نيوزيلندا ثم فنلندا وسنغافورة والسويد وسويسرا.
أخطبوط الفساد
ولكن في ظل هذا التقدم، لماذا لا يوجد انعكاس مباشر على الأرض، خاصة في ظل تتابع اللجان والهيئات الرسمية التي تشكل من أجل مناقشة كيفية القضاء على الفساد؟
تحسن تصنيف مصر بتقرير منظمة الشفافية الدولية، المعني بمكافحة الفساد، لعام 2018، لا يعكس بالضرورة أن هناك تقدما بمجال مكافحة الفساد الرسمي، على الرغم من كثرة التقارير الرقابية التي تنشرها مصر من حين لآخر، وتشير لضبط عدد من المسؤولين في قضايا فساد.
وبحسب ما أعلنت هيئة الرقابة الإدارية (حكومية وتابعه للرئاسة)، فقد حصلت الحكومة على عوائد مالية لخزانة الدولة من خلال بعض قضايا الفساد التي حققت فيها حوالي 590 مليون جنيه، وذلك من خلال تنفيذ 39 قضية متنوعة بإجمالى 137 متهما فى العديد من المحافظات المختلفة.
التقارير الرقابية التي تعمدت مصر نشرها خلال الفترة الأخيرة، تكشف جانب مظلم للأوضاع في الدولة، وهي ترسخ ظاهرة الفساد في قطاعات بعينها كوزارات التموين والصحة والتعليم والأوقاف والزراعة والمالية والإسكان والعدل، وهي وزارات خدمية ذات صلة مباشرة بالجمهور.
التقارير الرسمية تؤكد أيضا أن جهود مكافحة الفساد في مصر هزيلة ولا تتناسب مع حجم الفساد الموجود في البلاد، فبحسب ما كشف رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، وهو الجهاز الذي يتبع لرئاسة الجمهورية مباشرة مثله مثل الرقابة الإدارية، هشام جنينة، في منتصف 2016، أن وقائع فساد أجهزة الدولة تجاوزت قيمتها 600 مليار جنيه خلال عام 2015 وحده.
ورغم أن مصر تقول إنها تحارب الفساد، إلا أن تلك التصريحات أثارت غضب أجهزة الدولة، وأصدرت الرئاسة المصرية قرارا في خضم هذا الجدل بإعفائه من منصبه.
وجرى التحقيق مع رئيس الجهاز السابق بتهم من بينها أن ما قاله عن الفساد “من شأنه تعريض السلم العام للخطر وإضعاف هيبة الدولة والثقة في مؤسساتها”، وتقرر حبسه، ومازال قيد الاحتجاز حتى كتابة تلك السطور.
القصة باختصار أنها حرب على الفساد الصغير، يشنها الفساد الأكبر، كلما استشعر أن الصغير ينمو عن الحجم المسموح له به، وفقًا للبناء الهندسي لمنظومة الدولة العميقة في مصر.
صعوبة كشف الفساد
ومما يصعب الكشف عن الفساد في مصر، غياب قانون الحق في الحصول على المعلومات رغم أن الحديث عن أهميته بدأ قبل ثورة 25 يناير، لكن تراجع الحديث عنه بعد انقلاب على الرئيس الأسبق “محمد مرسي”، في الثالث من يوليو 2013.
فالكثير من المنتمين لصاحبة الجلالة في مصر يعانون من الانتهاكات والتنكيل؛ بعدما قُصفت أقلامهم، وصودرت كاميراتهم.
وصنفت لجنة حماية الصحفيين مصر كواحدة من بين أربع دول هي أكبر سجون للصحفيين في العالم، وذلك بحبس 25 صحفيًا بما يتجاوز الرقم القياسي للصحفيين المحبوسين في العام السابق والذي بلغ 20 صحفيًا.
حسابات سياسية
ويعتمد نظام قائد الانقلاب “عبد الفتاح السيسي”، في محاربة الفساد على حسابات سياسية، بدليل أن البرلمان أول وأقوى مؤسسة رقابية، وقد منحه الدستور والقانون آليات رقابية من شأنها محاسبة كبار المسؤولين والوزراء باستخدام آلية الاستجواب، إلا أن البرلمان الحالي لم يستخدمها إطلاقا خلال دوراته الخمس.
فبحسب تقارير إعلامية، فإن القيادات السابقة في الجيش المصري والمخابرات والشرطة، تشكل 10% من مجلس النواب الحالي، أما الباقي من أعضاء المجلس صنعت على أعين الأجهزة الاستخباراتية والأمنية.
ضف إلى ذلك إنهاء الدور الحيوي والهام الذي كان يقوم به الجهاز المركزي للمحاسبات، والذي كانت تقاريره رافدا أساسيا للمنظمات الدولية في تقييم أداء الحكومة المصرية بمواجهة الفساد، وإسناد تلك المهمة لهيئة الرقابة الإدارية.
ففي أغسطس الماضي، وبقرار مفاجئ عين “السيسي”، اللواء شريف “سيف الدين” رئيسا لهيئة الرقابة الإدارية، بدلا من اللواء “محمد عرفان” الذي عرف عنه أنه الصندوق الأسود للجنرال العسكري.
وقدم “السيسي”، ابن عمه اللواء “سيف الدين حسين خليل”، كرئيس لهيئة الرقابة الإدارية، خلفا لـ”عرفان” الذي كان ملاصقا لجولات وزيارات الجنرال على مدار 13 شهرا منذ توليه الهيئة في أكتوبر 2017 برغم توقيع السيسي على قرار بتجديد ولاية عرفان في منصبه للهيئة لأربع سنوات جديدة تنتهي في أبريل 2021.
اضف تعليقا