العدسة – ياسين وجدي:
الهجمة الصهيونية المدعومة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد النائبة الديمقراطية المسلمة في الكونجرس “إلهان عمر” ، سلطت الضوء بوضوح على ضحايا فزاعة معاداة السامية حول العالم.
“العدسة” يستعرض أبرز ضحايا المذبحة المعنوية التي تقام من حين لآخر بسبب مواقف صريحة لدعم القضية الفلسطينية، ورفض جرائم الكيان الصهيوني الغاصب، والتي طالت حتى مقربين من الكيان بسبب زلات لسان.
إلهان عمر .. أحدث الضحايا !
في مرمى نيران فريق فزاعة معادة السامية، وقفت إلهان عمر النائبة الديمقراطية الأمريكية، كضحية جديدة تتلقى سهام نقد غير مسبوقة وصلت إلى مزايدات من الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”.
وقادت لجنة الشؤون العامة الأمريكية “الإسرائيلية” (إيباك) الموالية للكيان الصهيوني حملة واسعة ضدها رغم اعتذارها عن تعليق لها زعم أنه “معاديا للسامية”، وعززها تصريح الرئيس الأمريكي الذي زعم أن اعتذارها غير كاف وطالبها بالاستقالة!
وتحت ضغط واسع سارعت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وعدد من القادة الجمهوريين والديمقراطيين لمطالبة إلهان عمر بالاعتذار عن استخدامها مصطلحات قيل أنها معادية للسامية في تغريداتها، رغم أنها تحدثت عن أن الدعم الأمريكي للكيان الصهيوني وراؤه أموال لجنة الشؤون العامة الأمريكية “الإسرائيلية “(إيباك)، وهي تصريحات معروفة بالضرورة عن السياسة الأمريكية بحسب المتابعين.
اعتذار إلهان عمر كان إجراءً تكتيكياً فيما بدا لاعتبارات حزبها الديمقراطي ، ولكنها طالبت الآخرين بأن يتحركوا عندما يهاجمها البعض من أجل هويتها ، لكن ترامب المتهم بنشر خطاب معادي للإسلام قال للصحفيين إن “معاداة السامية ليس لها مكان في كونجرس الولايات المتحدة .. ما قالته متجذر في قلبها”!.
رشيدة طليب .. فلسطينية الكونجرس!
صوت فلسطين موجود كذلك بحسب المراقبين في عضو الكونجرس رشيدة طليب، أول مسلمة وامرأة من أصل فلسطيني تنتخب عضوا فيه، والتي تعرضت لاغتيال معنوي باستخدام تلك الاتهامات.
القصة بدأت عندما أجرت طليب تغييرا مطلع يناير 2019 على خريطة مكتبها في الكونغرس في واشنطن، وحذفت بموجبه الكيان الصهيوني واستبدلتها بفلسطين، ما أثار الاتهام نفسه لها وهجوما واسعا شنه سياسيون جمهوريون وصهاينة أمريكيون على رشيدة طليب، ضمن فزاعة معاداة السامية.
وكانت “رشيدة طليب” ظهرت بجلباب فلسطيني أثناء تواجدها داخل الكونجرس الأمريكي لأداء اليمين الدستوري كنائبة ديمقراطية منتخبة عن ولاية ميتشجن في 4 يناير ، كما أعلنت أنها ستقود وفدا من نواب الكونجرس لزيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة، في سابقة غير معهودة.
جيريمي كوربين.. البريطاني الفلسطيني!
وفي مارس 2018 ، كان زعيم حزب العمال المعارض في بريطانيا، جيريمي كوربين، ضحية أخرى للابتزاز المستمر باسم معاداة السامية ، حيث أعلن هذه المرة عن الاعتذار عن معاداة السامية ولكن باسم حزبه كله تحت وطأة الابتزاز والانتقاد الصهيوني .
واتهم كوربين بشخصه وحزبه بمعاداة السامية من قبل الأوساط اليهودية، واعتبرت صحف عبرية مؤخرا أن حزب العمال البريطاني يشكل “خطرا وجوديا على حياة اليهود” في المملكة المتحدة إذا فاز بالسلطة، ووصلت الحملة أوجها عندما شارك فيها رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، عبر انتقاد كوربين على موقع التواصل الاجتماعي تويتر وطالب بتوحد الجميع ضده.
وأرجع مراقبون السبب الرئيسي لتلك الحملة إلى وضع حزب العمال تعريفًا لعداء السامية، لا ينسجم مع تعريف اللوبيات الصهيونية، فضلا عن دعم صريح وكامل للقضية الفلسطينية عبر عنه جيريمي كوربين بتصريحات واضحة في تأييد الحقوق الفلسطينية منها :”سنعترف بالدولة الفلسطينية فور تشكيلنا لمجلس الوزراء”.
وفي هذا الشأن كشفت تقارير عن أن “أزمة معاداة السامية” المزعومة متعلقة بتسليط الضوء من قبل أشخاص نقّبوا في حسابات المؤيدين لكوربين على مواقع التواصل الاجتماعي، مركزين في بعضها على فترة العدوان الصهيوني على غزة في نهاية عام 2014 فضلا عن زيارات” كوربين” مقبرة الشهداء في العاصمة التونسية، في العام 2014، ووضعه أكاليل من الزهور على قبور فلسطينيين، هم ضحايا غارة صهيونية غاشمة على مقر منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1985.
ورقة اغتيال لعمدة لندن السابق
عمدة لندن السابق كين ليفنجستون كان من أبرز ضحايا الحملات المناهضة لمعاداة السامية كذلك حيث أجبرته على الاستقالة من حزب “العمال” مؤخرا ، مبرراً ذلك بأن قضية تعليق عضويته على خلفية تعليقاته التي صنفت بأنها معادية للسامية تشتت الانتباه عن القضايا الرئيسية للحزب.
أزمة ليفنجستون استمرت معه منذ عام 2016، حتى استقالته في 2018 ، على خلفية تصريحاته التي اعتبرت معادية للسامية، والتي قال فيها إن أدولف هتلر كان يدعم الحركة الصهيونية عندما وصل إلى الحكم في ثلاثينيات القرن الماضي.
تصريحاته وقتها كان تعليقا على صورة للنائبة البريطانية ناز شاه وضعتها على فيسبوك تظهر فيها “دولة إسرائيل محفورة على خريطة للولايات المتحدة تحت عنوان: “حل للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني: انقلوا إسرائيل إلى الولايات المتحدة”، مع تعليق :”حلت المشكلة”.
ورغم أن ليفنجستون اعتذر عن أية إساءة يمكن أن يكون قد وجهها لليهود البريطانيين في تصريحاته، ونفى أن يكون معادياً للسامية، والتي هي نوع من العنصرية الموجهة ضد اليهود، وغالباً في الدول الأوروبية إلا أن الحملة استمرت ضده بضراوة.
محمود عباس .. جزاء سنمار !
وفي مايو 2018 ، تلقى الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته محمود عباس أبو مازن “جزاء سنمار” من الكيان الصهيوني، بعدما شن هجوما غير مسبوق على الاحتلال الصهيوني ليكون مصيره أنه بات متهما بمعاداة السامية!
ولم يتأخر رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو وزعماء يهود آخرون عن اتهام “محمود عباس” بمعاداة السامية حينما تحدث أمام أمام المجلس الوطني الفلسطيني قائلا :”المسألة اليهودية التي كانت منتشرة في أوروبا ضد اليهود ليست بسبب دينهم بل بسبب الربا والبنوك” مضيفا أن “أدولف هتلر دعم هجرة اليهود إلى فلسطين عبر صفقة بين وزارة الاقتصاد الألمانية وبنك الأنجلو ـ الفلسطيني، وأنه من خلال هذه الصفقة كان بإمكان اليهود أن يأخذوا ثرواتهم معهم”.
“عباس” استدرك في كلمته قائلا :”لكني لا أقول هنا إنه يجب إزالة إسرائيل من الوجود، فإسرائيل تبقى موجودة، وكل ما أريده هو دولة نستطيع العيش فيها بسلام” ولكن لم يشفع له ذلك الاعتراف حيث تلقى سيل من الانتقادات من قبل شخصيات أمريكية وصهيونية ليخرج معتذرا منددا بمعاداة السامية بأشكالها كافة فضلا عن إدانة المحرقة النازية!!
ديودونيه مبالا .. عقاب الكوميديا
الممثل الكوميدي الفرنسي الكاميروني الأصل ديودونيه مبالا وضع تحت المقصلة هو الآخر في 2014 ، حيث قررت الحكومة الفرنسية غلق أبواب المسارح ضد الفنان الساخر بتهم إطلاق إشارات معادية للسامية في مسرحية له تدعى “الجدار”.
وزيرة الثقافة الفرنسية أوريليه فيليباتيه التي “سكتت دهرا ونطقت ظلما” بحسب الكاتب والصحفي الشهير إيدوين بلينال -الذي ترأس تحرير صحيفة “لوموند” قبل استقالته وأسس موقع “ميديا بار” الإلكتروني- رفضت اعتبار منع ديودونيه اغتيالا لحرية التعبير، كما جاء في تعليق بلينال في مواجهة ساخنة جمعتهما في مناظرة تلفزيونية، لتعلو اللافتة الصهيونية على حقوق الإنسان في قلب عاصمة تصنف بأنها داعمة للحريات وفق ما قال البعض.
خلط واضح!
ووفق الإحصائيات والاستطلاعات التي تستخدمها حملات نبذ معاداة السامية ، فهناك خلط واضح بين الدفاع عن الحقوق الفلسطينية والتهمة الرائجة، وهو ما ظهر بوضوح في استطلاع رأي صهيوني في 2014 نشر نتائجه موقع المصدر العبري زعم أن الدول الإسلامية تحتل المقدمة بنسبة لمعاداة السامية وكره اليهود في العالم، رغم أن هذه الفترة شهدت العدوان الصهيوني على غزة.
كما كشف أرقام الاستطلاع عن أن أكبر نسبة معاداة للسامية هي في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث صرح 93% بكرههم لليهود بمستوى معيّن، وفي المرتبة الثانية جاءت العراق، 88% نسبة معاداة السامية، واليمن في المرتبة الثالثة، فنسبة كره اليهود هي 87% وفق الموقع الذي يستخدم اليهود بديلا عن الصهاينة.
وفي السياق ذاته أظهر مسح رئيسي أجرته وكالة الحقوق الأساسية في الاتحاد الأوروبي لـ12 دولة في العام 2018 عن أن فرنسا تواجه أكبر مشكلة مع معاداة السامية، بينما شهدت ألمانيا والمملكة المتحدة وبلجيكا والسويد وهولندا حوادث متعددة، كما أفادت دراسة للاتحاد الأوروبي، في نفس التوقيت بأن أكثر من ثلث اليهود الأوروبيين فكروا في الهجرة خلال السنوات الخمس الماضية بسبب عدم شعورهم بالأمان نتيجة لتصاعد معاداة السامية.
اضف تعليقا