“لا تترك السلاح في يد الأطفال، فإنهم لن يميزوا العدو، وسوف يطلقون الرصاص في جميع الاتجاهات”.. هكذا تقول كتب التربية وتعليمات بيع وترخيص السلاح. وغير بعيد، حدث الأمر نفسه، لكن في أكثر الأماكن التي من المفترض أن يحظر على الأطفال ارتيادها: جامعة الدول العربية.

ربما دار بخلد قادة دول الحصار الثلاثة المفروض على قطر أن انضمام مصر الانقلاب إلى معسكرها سيكون أمرا له ضريبته، لكن لا بأس، فقد كانت دول الحصار تلهث وراء أي استجابة لدعوات المقاطعة، فيما لم تستجب لها سوى موريشيوس وجزر المالديف.

الطفل هذه المرة كان سامح شكري، وزير الخارجية المصري، والسلاح كان ميكروفون الكلمة في اجتماع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب.. التقط شكري الميكروفون، ليرد على مندوب قطر.. لكنه أطلق الرصاصات صوب شركائه!

 

تصريح ساذج

“نحن شعوب لها رصيد من التاريخ يمتد إلى سبعة آلاف سنة”.. هكذا لمز شكرى الوفد القطري، لكنه لم ينتبه إلى كون قطر أقدم تاريخيا وحضاريا من بعض شركاء معسكره.

ماذا تمتلك الإمارات العربية المتحدة، ودولة البحرين، من التاريخ؟ ومن كان يقصد شكري بـ”نحن”؟ ربما لا يدرك شكري أن تصريحاته أصابت شركاءه في مقتل.

 

التاريخ لا يكذب

استقلت قطر عام 1971 ميلادية. بعدها بأشهر، حصلت البحرين على استقلال صوري ظل بلا هوية، حتى عام 2002 حين جرى استفتاء شعبي استقر بعده نظام الحكم، وتم الإعلان يومها عن تغيير اسم البلاد إلى مملكة البحرين.

أما الإمارات، فكل ما يمكن تلمسه في التاريخ القريب عنها هو أن اسمها كان ساحل القراصنة، لاحقا سميت بساحل عُمان، نسبة إلى الجارة السلطنة.. ظل الأمر هكذا حتى حصلت على استقلالها عام 1971 أيضا، وكانت أسرع البلاد انقلابا، حيث سُجلت أول محاولة انقلاب فيها بعد عدة أسابيع فقط من إعلان الاستقلال.

 

أخطاء متكررة

الأمر لم يكن غريبا على شكري، الذي ارتبط ظهوره الإعلامي في كل مرة بسخرية رواد مواقع التواصل، بسبب ردوده المتهالكة وذهنه الغائب وتفاعلاته الشاذة عن البروتوكولات.

وتكررت مشاهد أخطاء شكري البروتوكولية عدة مرات، متجاوزا فيها لياقة المنصب الذي يمثله، وحجم الدولة التي يقف أمام علمها، بدءا من صراعه مع “مايك الجزيرة” ومرورا بـ “تجاهل أردوغان” وليس انتهاءً بـ end of text.

 

صراع مع مايك

فى منتصف شهر ديسمبر لعام 2015، أطاح شكرى، بـ”مايك” فضائية الجزيرة، أثناء الجلسة الختامية لاجتماعات سد النهضة فى الخرطوم، ورفض حضور مندوبى الفضائية القطرية الاجتماع.. الأمر الذي اعتُبر مراهقة سياسية.

وخاطب “شكرى” أعضاء الوفد والدكتور حسام مغازى، وزير الموارد المائية والرى، الذي كان بجانبه، قائلا: “شيلوا الميكروفون ده من قدامى” ثم قام بنفسه بالإطاحة بالمايك أسفل طاولة الاجتماعات.

 

عبده موتة في الوزارة

فى بداية شهر سبتمبر من عام 2015 أيضا، أثناء كلمته فى المؤتمر الصحفى، الذى جمعه مع نظيرته وزيرة خارجية المكسيك كلاوديا ماسيو رويس، لمتابعة مقتل سائحين مكسيكيين عن طريق الخطأ بالواحات المصرية.

وفى نهاية المؤتمر ختم “شكرى” حديثه بـ “end of text” الأمر الذي أثار سخرية واسعة حينها بعدما ترجمة إلى “مات الكلام” على طريقة المثل المصري محمد رمضان.

 

تجاوز بروتوكولي

 

آخر هذه المشاهد وقع مطلع العام، عندما تجاهل وزير الخارجية مصافحة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال تسليمه رئاسة مؤتمر قمة التعاون الإسلامي.

وبعدما أعلن وزير الخارجية المصري تسليم الرئاسة لأنقرة، قام بالابتعاد عن المنصة دون انتظار مجيء أردوغان لمصافحته لاستلام وتسلم الرئاسة.. الأمر الذي اعتبر خارج تماما عن اللياقة، سيما وأن مصر لم تعلن أي موقف سياسي رسمي تجاه تركيا.