العدسة- باسم الشجاعي:
“كأنها تُكشر عن أنيابها”، بدأ إيران مناورات عسكرية تحمل اسم “الولاية 97″، تستمر لثلاثة أيام وتجرى على مساحة تقدر بمليوني كيلومتر مربع (تفوق مساحة ايران نفسها)، وتمتد من شرق مضيق هرمز وبحر عمان إلى المدار رقم 10 من المحيط الهندي.
وتشارك في المناورات مختلف الوحدات التابعة للقوات البحرية من سفن حربية و مدمرات وغواصات وزوارق حربية، وقطع بحرية فوق سطح وتحت سطح ومروحيات، إضافة إلى التمرين على الحرب الإلكترونية والتصدي لعدو افتراضي في البحر والبر”، وذلك بحسب ما أعلن قائد القوات البحرية في الجيش الإيراني الأميرال “حسين خان زادي إن”.
وخلال المناورات سيتدرب المشاركين على تنفيذ خطط هجومية وأخرى دفاعية بهدف الدفاع عن الأراضي الإيرانية وحماية خطوط التجارة البحرية، كما سيتم اختيار عدد من المنظومات الصاروخية كصواريخ “كروز” المصنعة محليا والطوربيدات.
وتجري إيران سنويا ما بين “6 إلى  8” مناورات عسكرية ما بين برية وبحرية، وتحمل مناورات مضيق هرمز -الممر البحري التجاري الرئيسي قبالة ساحل إيران- دلالات هامة.
فما الذي تسعى له طهران، وما الرسالة التي تريد ارسالها، ولمن؟.

رسائل للحلفاء والأعداء

في البداية تريد إيران أن توصل رسالة إلى دول الدول الخليجية والإدارة الأمريكية بأنها مازالت تمتلك السيادة  والهيمنة على مضيق هرمز، دون منازع، وأن أمن الملاحة البحرية، والتجارة التي تشكل عصب الاقتصاد الإقليمي والدولي  بيد طهران من مياه الخليج العربي إلى بحر عمان، وحتى شمال المحيط الهندي، وفق ما يرى مراقبون.
ولكن الرسالة الأهم التي تريد أن تبعث بها إيران إلى دول المنطقة تحمل عنوانًا واضحًا، وهو عسكريًا بامتياز، يؤكد قدرة طهران على صد أي هجوم أو تهديد يطال أمنها القومي.
ومنذ عام 2002، وتصنف الولايات المتحدة إيران كجزء من ما يسمى “محور الشر”، وذلك بالرغم من التعاون غير المسبوق بين السلطات الإيرانية والأمريكية في الحرب ضد طالبان في أفغانستان.
ويمثل الاتفاق النووي مع إيران جوهر الخلاف الأمريكي الإيراني الذي يلوح به الرئيس “دونالد ترامب”.
كما تشهد العلاقات السعودية الإيرانية الكثير من التوترات لأسباب مختلفة، ومثل الملف النووي الإيراني، إلى جانب ما تعتبره الرياض، تدخلا إيرانيا في المنطقة في اشارة الى اليمن والعراق و سوريا، أحد أهم أوجه الخلاف.
وعلى مستوى الحلفاء والداخل تريد طهران إرسال رسالة، تؤكد من خلالها إيران أنها ما زالت تمتلك أوراق القوة ولديها الكثير من الإمكانيات والمقومات التي ستوفر لها و حلفائها،  وأنها ما زالت حاضرة وبقوة.
جانب آخر من الرسائل تريد طهران ارساله، هو أن قدراتها العسكرية التي تزايدت خلال السنوات لم تتأثر من العقوبات التي فُرضت عليها، ما يعني أن الغرب فشل في منع إيران من التقدم العلمي والعسكري.
وفي منتصف الشهر الجاري، كشفت إيران النقاب عن غواصة جديدة يتم تصنيعها محليا، ومزودة بصواريخ “كروز”.
ويعد أسطول الغواصات الإيراني رابع أكبر أسطول غواصات في العالم.
ويوجد في الأسطول الإيراني 5 فرقاطات، و3 طرادات، و10 كاسحات ألغام، إضافة إلى 230 سفينة دورية، وفقا لموقع “جلوبال فير بور”.
وأبرز الغواصات، الموجودة في الأسطول الإيراني غواصة “كيلو” الروسية التي تعمل بالديزل، وعددها 3 غواصات، إضافة إلى أنواع أخرى مثل غواصة “غدير”.
ويبلغ وزن الغواصة الإيرانية الجديدة “فاتح” أكثر من 500 طن في وضع الطفو، و593 طن، تحت الماء، وتعد غواصة متوسطة بين الغواصات الثقيلة (كيلو) وغواصات المياه الضحلة “غدير”.

هل يمكن لإيران إغلاق المضيق؟

عسكريًا يمكن لطهران غلق مضيق هرمز بشكل جزئي، عبر ما تمتلكه من سفن عسكرية، وألغام بحرية وصواريخ، لكن لن يمكنها تنفيذ ذلك لفترة طويلة، خاصة وأن الولايات المتحدة ومعظم دول العالم ستكون ضد ذلك الأمر، وستعمل لحماية مصالحها البترولية في المنطقة، ولو بالقوة.
فالمضيق يمر منه نحو 30 في المئة من النفط العالمي المنقول بحريا؛ حيث وصلت صادرات النفط المنقول عبر المضيق إلى 17,2 برميل يوميا، فيما وصلت خلال النصف الأول من 2018 فقط إلى 17،4 برميل يوميا.
ويعتبر معبرًا بحريًّا مهمًّا يسهل حركة مرور السّفن التّجاريّة القادمة من الهند والصين وتعبر بإتجاه دول أوروبا عبر دول غرب آسيا، ودول شمال إفريقيا، وسيتسبب غلق مضيق هرمز بالضرر الكبير لدولة إيران لأنها من أكبر الدول المصدرة للنفط إلي الصين، كما ستقوم بعض الدول مثل دولة السعودية بتصدير الغاز والبترول عبر الأنابيب، كما سيتضرر كلاً من أسبانيا وإيطاليا واليونان نظراً لاعتمادهم على النفط وعلى استيراده من إيران بعد أن أوقفت روسيا تصديره لهم.
ومنذ أن شهد مضيق هرمز معركة بحرية استمرت يوما كاملا في عام 1988، عندما ردت الولايات المتحدة على استهداف إيران سفينة “USS Samuel B. Roberts” الأميركية، وذلك من خلال إغراق سفينتين حربيتين إيرانيتين، وتهدد طهران دوما بغلقه إذا تعرضت مصالحها للخطر، ولكن دون جدوى.
ويبلغ عرض المضيق 55 كيلو متراً، وعرض أضيق نقطة فيه يصل إلى 45 كيلو مترًا، ويبلغ  عمقه حوالي 60 مترا، ويحيط بالمضيق عدد كبير من الجزر؛ مثل رأس مسندم، في الجانب العماني، وجزر قشام، وهجام في الجانب الإيراني.
وعلى مدخل المضيق توجد ثلاث جزر متنازع عليها بين إيران ودولة الإمارات العربية المتحدة، وهي: طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وجزيرة أبو موسى، وكل من الطرفين يعتبرها ضمن مياهه الإقليمية وتحت سيطرته.