بينما أعلنت دولة الإمارات العربية 2019 عاما للتسامح، تستمر أقنعتها البراقة في السقوط خلال العام نفسه، لتكشف مزيدا من وجه حكامها القبيح.
وفي الوقت الذي تنفق فيه أبو ظبي المليارات لتحسين صورتها والترويج لما يعتنقه “عيال زايد” من أفكار ومبادئ وما يطبقونه من مبادرات تعلي شأن حقوق الإنسان، يتأكد أنهم أول من يدهسون هذه الحقوق.
شقراء وعبدالنور
حدثان خلال اليومين الماضيين، سلطا الضوء على حقيقة ما يدعيه حكام الإمارات من أكاذيب، ويروجون له من افتراءات، تصادف تزامنهما مع إعلان 2019 عاما للتسامح في الدولة، وما تعنيه تلك الكلمة من أمور.
السلطات الإماراتية منعت مواطنتها “شقراء محمد عبيد”، من الالتحاق بزوجها القطري “فهد ذياب” رفقة طفليها، بعد زيارة ذويها في أبو ظبي.
واستنادا إلى قرار محكمة العدل الدولية بشأن تمكين الأسر المشتركة من حرية التنقل الصادر في يوليو الماضي، قررت شقراء زيارة أهلها في أبو ظبي، بعد فترة انقطاع جاوزت العام ونصف في أعقاب اندلاع الأزمة الخليجية.
غادرت الدوحة بالفعل في 23 يناير الماضي، ولكن عقب انتهاء زيارتها ورغبتها في العودة مع ولديها إلى زوجها في قطر مُنعت من مغادرة الإمارات.
وكان البرلمان الأوروبي استضاف الأسبوع الماضي جلسة علنية لعدد من ضحايا الحصار المفروض على قطر، من بينهم الطالبة القطرية جواهر محمد المير التي طردت من فرع جامعة السوربون في أبو ظبي رغم تفوقها الدراسي.
الحدث الثاني كان بصبغة دولية، حين طالب خبراء الأمم المتحدة، الإمارات على إطلاق سراح المعتقلة “علياء عبد النور”، التي تعاني من مرض فتاك، وأشاروا إلى تعرضها للتعذيب ومعاملة غير إنسانية ومهينة.
التقرير الذي أعده فريق خبراء أمميون في حقوق الإنسان برئاسة داينيوس براس، المقرر الخاص المعني بحق كل فرد في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، ندد بممارسات الإمارات حيال عبد النور.
ووفق ما نشره موقع أخبار الأمم المتحدة اعتقلت سلطات أمن الدولة عبد النور، في 28 يوليو 2015 واتهمت “بتمويل الإرهاب” بعد أن ساعدت في جمع الأموال للأسر السورية المحتاجة في الإمارات، والنساء والأطفال المتضررين من الحرب في سوريا.
“احتُجزت السيدة عبد النور رهن الاحتجاز السري وفي حبس انفرادي لمدة 6 أشهر. وتعرضت للإذلال الجسدي والنفسي الشديد وللتهديدات، وأجبرت على التوقيع على اعتراف مكتوب تم الحصول عليه تحت التعذيب”، بحسب التقرير.
وبلغ سرطان الثدي لدى السيدة عبد النور مرحلته النهائية وانتشر المرض الآن إلى أعضاء الجسد الحيوية، وفي نوفمبر الماضي أجبرت حالتها الصحية المتدهورة السلطات إلى نقلها إلى مستشفى المفرق، ورفضت السلطات جميع طلبات عائلتها لإطلاق سراحها مراعاة لحالتها الصحية.
فضائح بالجملة
اللافت أن الإدانة الأممية لانتهاكات الإمارات لحقوق والإنسان لم تكن الأولى، ويبدو أنها لن تكون الأخيرة، في ظل إصرار رسمي على تجاهل النداءات الداعية للكف عن هذا المسلك.
في يناير الماضي، أصدرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، تقريرًا قاتمًا عن الوضع الحقوقي في الإمارات يتناول قمع حرية التعبير وتعذيب السجناء وظلم العمال الأجانب والتمييز ضد المرأة وتبعية القضاء للسلطات التنفيذية وأجهزة الأمن.
التقرير تحدث عن سجن الأشخاص ومحاكمتهم لمجرد الإدلاء بآرائهم وانتقادهم بعض المؤسسات، واستنكرت المفوضية توقيف الأشخاص خارج الإطار القانوني وإخفائهم قسريا ونقلهم إلى سجون سرية بذريعة اتهامهم بالإرهاب وارتكاب جرائم ضد أمن الدولة، وقال التقرير إن سلطات الإمارات تستخدم التعذيب لإجبار المتهمين على الاعتراف بالتهم الموجهة لهم وتحرمهم من الرعاية الصحية.
وتحدث التقرير عن الناشط الحقوقي أحمد منصور، الذي صدر ضده حكم نهائي بالسجن 10 سنوات في ديسمبر الماضي، للتعبير عن آرائه في الإعلام وتعاونه مع المنظمات الحقوقية الدولية، كما دعت إلى الإفراج عن السجينين أسامة النجار وتيسير النجار وعن الأكاديمي ناصر بن غيث.
السجون تكشف الحقيقة
في أكتوبر 2017، سلط فيلم وثائقي بعنوان “سجن الرزين.. جوانتنامو الإمارات”، الضوء على السجن سيء السمعة والذي صنفه المركز الدولي لدراسات السجون العام الماضي ضمن أسوأ السجون العربية.
في قلب إمارة أبو ظبي وفي عمق 215 كيلومترا داخل الصحراء، أنشأ ولي العهد محمد بن زايد سجن الرزين ليكون مقبرة بحق المعارضين السياسيين، وبدأ البناء أوائل تسعينيات القرن الماضي ودُشن عام 2010.
وفي يونيو 2017، دخل معتلون سياسيون في إضراب عن الطعام أطلقوا عليه اسم “معركة الأمعاء الخاوية”، بسبب ممارسات عنيفة وحرمان من الحقوق من قبل إدارة السجن وجهاز أمن الدولة الإماراتي تجاه النزلاء، إلى جانب السجن لفترات طويلة بلغت خمس سنوات لبعضهم دون محاكمات.
(المعتقلون المضربون عن الطعام بسجن الرزين)
وفي تقرير له، رصد مركز الإمارات للدراسات والإعلام (إيماسك) 1491 انتهاكًا تعرض لها مواطنون ومقيمون في الدولة من قبل جهاز الأمن الإماراتي، أغلبها وقع في السجون السرية والرسمية بحق سجناء الرأي والتعبير.
ويقبع في السجون الرسمية والسرية 209 معتقلاً من (13 جنسية) كان الإماراتيون في المرتبة الأولى فيها بواقع 107 معتقلاً بينهم 79 من المطالبين بحرية الرأي والتعبير.ش
اضف تعليقا