العدسة – ياسين وجدي:
بين معسكرين تقف فلسطين ترقب مستقبلها ، الذي يحاول لاعبون محليون ودوليون رسمه على الهوى الصهيو أمريكي بينما يحاول فرسان المقاومة والممانعة تطويق المخططات المرسومة لتصفية القضية الفلسطينية واسقاطها.
نرصد في هذا التقرير مفاتيح الإغواء والممانعة في المشهد الفلسطيني المتوتر مع انطلاق خطى حثيثة تقودها الولايات المتحدة الأمريكية لتمرير الصفقة بأسرع ما يمكن.
الداخل الفلسطيني !
يتحكم في المشهد الفلسطيني الداخلي وفق المراقبين معسكر السلطة وفي القلب منها فتح بجانب تيار القيادي المفصول منها والهارب في دولة الإمارات النائب محمد دحلان ، ومعسكر المقاومة وفي مقدمته حركة حماس.
السلطة ليست على قلب رجل واحد ، ففريق أبومازن يحاول انتزاع شرعية له في مواجهة حركات المقاومة وهو ما ظهر في تصريحات تحاول إلصاق صفقة القرن بحركة حماس والحديث عن دور السلطة في مقاومتها ، وهو ما ألمح له المتحدث باسم حركة حماس عبد اللطيف القانوع في تغريدة عبر (تويتر) قائلا : إن “إيهام شعبنا من قِبل قيادات فتح بأن رئيس السلطة، يتعرض لضغوط ويخوض معركة لمواجهة (صفقة القرن) تدليس وكذب لا ينطلي على أحد ، وهذه محاولة لتجميل موقفه المتسق مع (صفقة القرن) وفصل قطاع غزة عن الضفة”.
وفي منافسة فريق أبو مازن يقف النائب محمد دحلان الذي ظهر بالتزامن مع جولة المسئول الأمريكي البارز “جاريد كوشنر” في منطقة الشرق الأوسط، مؤخرا ، بخطاب تعبوي فلسطيني رافضا صفقة القرن ومنتقدا الإدارة الأمريكية و مؤتمر وارسو والانفجار القادم في غزة جراء الحصار ، وهو ما اعتبره مراقبون ” ستارا للعبة تقوم بها دول “مصر ، وإسرائيل، والإمارات والسعودية”، تهدف إلى استعادة السيطرة على غزة من حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، وفصائل المقاومة.
أما في المقابل يقف معسكر المقاومة وفي مقدمته حركة حماس وكتائب عزالدين القسام ، واضحا في مواجهة المخططات الصهيو أمريكية وتمدداتها العربية ، وفق مكتب سياسي يحاول مسك كل الخيوط في يده قدر الاستطاعة كما يقول بعض المراقبين.
وبجانب رفض صفقة القرن ومحاولة رفع الحصار عن غزة والدفاع عن المسجد الأقصى، طرحت حركة حماس الكرة في الملعب السياسي مجددا ، وصرح عضو المكتب السياسي لحركة حماس خليل الحية أن حركته جاهزة فورًا لانتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني في غزة والضفة والقدس المحتلتين؛ “للخروج من الحالة الوطنية الراهنة والتداول السلمي للسلطات” فيما كشف رئيس لجنة الانتخابات حنا ناصر أن موقف رئيس السلطة محمود عباس؛ وهو التوجه لإجراء انتخابات تشريعية، خيار حماس هو الوحدة بحسب رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس)، إسماعيل هنية، الذي أكد أن القضية الفلسطينية تواجه خطراً استراتيجياً حقيقيا وضرورة تحقيق الوحدة الوطنية للتصدي له.
اللاعبون الدوليون!
وفي خارج فلسطين ، زاد عدد اللاعبين الدوليين في مشهد بات يحاول الجميع أن يتداخل فيه مع اقتراب تمرير صفقة القرن وفق ما هو معلن أمريكيا.
وتربع صهر الرئيس الأمريكي المدلل ومستشاره “ جاريد كوشنر ” ، في الصدارة بعد كشفه مؤخرا خلال جولته الشرق أوسطية الأخيرة عن ملامح صفقته التي تحتوي رشاوي اقتصادية واضحة قال أنها لن تقتصر على دولة الاحتلال والفلسطينيين فقط ، بل ستشمل المنطقة برمتها، بما في ذلك الأردن ومصر ولبنان بجانب إلغاء للحدود وإعادة ترسيم جديد للمنطقة.
وبجوار”كوشنر” في الصورة الخارجية يحاول كل من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي العهد الإماراتي محمد بن زايد ، لعب دور مؤثر لصالح الأجندة الصهيونية الأمريكية، وهو ما دفع رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، مرارا للتفاخر بما قال إنه تطور في العلاقات بين الكيان الصهيوني المحتل ودول عربية.
ويعتبر “بن زايد” هو الراعي الرسمي لصفقة القرن ، وبن سلمان هو المروج لها ، بجانب مساعدة رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي وفق ما كشف من وثائق وتقارير ، حيث تقود الإمارات لقاءات سرية بهدف تغيير ملامح القضية الفلسطينية وتمرير صفقة القرن ، بتوجيه مباشر من إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب يشارك فيها مسؤولون إماراتيون، وسعوديون، ومصريون، إضافة إلى شخصيات فلسطينية موالية للإدارة الأمريكية.
كما تعمل القاهرة بحسب تسريب موثق لعضو اللجنة المركزية في حركة “فتح”، اللواء جبريل الرجوب، كـ” أداة رئيسية لتنفيذ مشروع “صفقة القرن” ، والذي اعتبر ولي عهد أبوظبي “محمد بن زايد” هو المتحكم الأساسي بالأجهزة الأمنية المصرية، والداعم الأكبر للخطة الأمريكية، فيما اتهم الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالترويج لصفقة القرن الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية مقابل البقاء طويلا في السلطة قدرت بخمسين عاما ، وهو ما يعد الهدف الرئيسي لسلمان الابن الآن.
وفي معسكر الممانعة تقف قطر التي حذر وزير خارجيتها محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ” كوشنر ” في مقابلة مؤخرا من صفقة القرن مؤكدا أن قطر غير مهتمة بالموضوع طالما أنه لا يمثل حدود عام 1967، وحق العودة للاجئين الفلسطينيين، فضلًا عن تسمية مدينة القدس عاصمة فلسطين، وهي نقاط ثلاث واضحة في الأجندة القطرية بجانب دورها في رفع المعاناة عن غزة .
وتحتل تركيا مركزا مهما في التأثير في القضية الفلسطينية ، وهو ما جعل ” جاريد كوشنر” يركز في جولته الأخيرة على إجراء محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في محاولة لمواجهة معركة الوجود التي دشنتها تركيا ضد صفقة القرن وفق مراقبين.
الكويت كذلك لها دور بارز في دعم القضية الفلسطينية سواء عبر الأمم المتحدة أو في مواجهة التطبيع مع الكيان الصهيوني ، وهو ما أكده مرزوق علي الغانم رئيس مجلس الأمة الكويتي حيث شدد على أن موقف بلاده من القضية الفلسطينية ثابت وواضح ولا يتزعزع، وسيظل دائما في مقدمة سلم أولويات الكويت ، وهو ما ظهر في تركيز الكويت خلال هذه الفترة على تشكيل لجنة للمصالحة الفلسطينية لتوحيد الصف الفلسطيني وقد ورد ذلك في البيان الختامي لاجتماع الاتحاد البرلماني العربي الـ29 قبل أيام.
الأردن حاضر في مشهد القرار الفلسطيني من الخارج بحكم إشرافه على المقدسات الإسلامية واستهدافه ضمن مخطط صفقة القرن الاقتصادي ، ولازالت حتى الآن وفق تصريحات العاهل الأردني الملك عبد الله في معسكر الممانعة ولكنه تحدث مؤخرا عن الضغوط الاقتصادية التي تمارس على الأردن، نتيجة مواقفه من قضية القدس المحتلة، ورفض بلاده إعلانها عاصمة لدولة الاحتلال ، وكان صريحا أمام تجمع لطلاب الجامعة الأردنية عندما قال : “عمّان تتعرض لضغوط شديدة من أجل القبول بصفقة تقضم القدس لصالح إسرائيل”.
اضف تعليقا