إبراهيم سمعان

تغير المشهد تماما في الجزائر، حيث أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الذي واجه تحديا غير مسبوق بعد 20 عاما من السلطة، أنه لن يترشح لولاية خامسة كما أجّل الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 18 أبريل إلى أَجَلٍ غير مسمى، غير أن القرارات التي أعلنها الرئيس لم تقنع الكثير من الجزائريين.

“مرة أخرى، بوتفليقة ينتهك الدستور!” يقول عبد الرحمن، وهو مهندس كمبيوتر في البليدة، عندما كان يقرأ بمرارة، على حسابه في الفيس بوك، آخر قرارات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي يتولى المنصب منذ عام 1999، بالتخلي عن فترة ولاية خامسة وتأجيل الانتخابات الرئاسية.

 

فرغم كل الصعاب، أعلن عبد العزيز بوتفليقة الاثنين 11 مارس سحب ترشحه لولاية خامسة وتأجيل الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 18 أبريل، وقال رئيس الدولة في خطاب نقلته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية: لا محلَّ لعهدة خامسة، بل إنني لـم أنْوِ قط الإقدام على طلبها”.

 

ويعاني الرئيس الجزائري البالغ من العمر 82 عاما من تداعيات جلطة دماغية أصيب بها في 2013، ولا يظهر علنا منذ مرضه إلا نادرا وهو لا يستطيع الكلام ويتنقل على كرسي متحرك.

 

في الوقت نفسه، أشار الزعيم الجزائري، الذي يواجه حركة احتجاج غير مسبوقة منذ ثلاثة أسابيع وإضراب جزئيًا منذ يوم الأحد 10 مارس، إلى عقد مؤتمر وطني شامل، مع استمرار التفويض حتى نهاية ديسمبر 2019 ، وسيكون هذا المؤتمر مسؤولاً عن صياغة دستور لجمهورية ثانية.

 

وسيتم تقديم هذا المشروع إلى الاستفتاء، يوضح الرئيس، دون تحديد موعد، كما سيحدد المؤتمر أيضًا موعدًا للانتخابات الرئاسية التي لن يشارك فيها، كما ذكرت “لوريون لو جور” الفرنسية.

 

وفي الوقت الذي احتفل فيه الجزائريون بهذه القرارات، يظل الكثيرون متشككون، وتقول سامية، طالبة الطب التي تعيش في سطيف “أحاول أن أرى حسن النية ولكن هذا ليس بالأمر السهل. بوتفليقة مثل الصديق الذي كذب علينا كثيرًا  ربما يكون اليوم على حق، لكنني لا أصدق ذلك”.

 

أما صبيحة، التي شاركت في مسيرات مناهضة لبوتفليقة نظمت يوم الجمعة الماضي في الجزائر العاصمة، لا تخفي خيبة أملها وتقول “للوهلة الأولى، قد يعتقد المرء أن حركة الاحتجاج بدأت تؤتي ثمارها. ولكن بما أن نظامنا قد كرر ذلك، فنحن نعرف أن هذه مناورة أخرى للتشبث بالسلطة. تركنا مع رئيس لا يزال في السلطة حتى موعد لا يعرفه أحد”.

من جهته يرى عبد الرحمن  أنه “لا يمكننا الفرح بهذه الإعلانات لأنها لا تتوافق مع إرادة الشعب. نحن ، كما طلبنا، أولاً وقبل كل شيء استقالة بوتفليقة”، ويضيف “ألمر أسوأ مما لو كان فاز بفترة ولاية خامسة، حيث هذا احتيال على الانتخابات. مدد لنفسه فترة رئاسية دون المرور عبر صندوق الاقتراع”.

 

وتؤكد سامية أنه رغم الإجراءات المعلنة، فلابد ألا تنتهي التعبئة لرحيل عبد العزيز بوتفليقة يتم بث الدعوات لمسيرة يوم الجمعة المقبل على الشبكات الاجتماعية.

 

من جهتها قالت صحيفة “لوباريزيان” الفرنسية، على الرغم من الابتهاج الذي شهدته الجزائر، هناك بعض المخاوف الملحوظة. كيف سيكون المستقبل؟ هل سيكون بوسع المجتمع المدني والأحزاب السياسية النجاح في تقديم زعيم في وجه السلطة؟.

وأوضحت أن رئيس الوزراء الجديد نور الدين بدوي، المقرب جدًا من بوتفليقة، وخاصة شقيقه ناصر (نفس الشخص الذي تم تصويره في أروقة مستشفى جنيف)، يشير بوضوح إلى استعداد النظام للبقاء كما هو، وتساءلت عن كيفية رد فعل الجزائريين على ما يشجبه البعض بالفعل باعتبار ما حدث “حفلة تنكرية” أو “عملية احتيال”؟، مؤكدة أنه سيكون من الضروري مراقبة ردود أفعالهم بعناية في الساعات والأيام القادمة.

ونوهت بأنه في هذه الأثناء، تراقب فرنسا باهتمام كبير ما يحدث على الجانب الآخر من البحر المتوسط. فخلال الفترة الماضية كانت حذرة للغاية في ردود أفعالها، حيث حافظت بشكل أساسي على نهج “لا تدخل أو عدم مبالاة” لعدم تعريضها للنقد.

طالع النص الأصلي للتقرير من المصدر عبر الضغط هنا و هنا