دخل إمام وخطيب مسجد الشيخ زايد في أبوظبي الداعية “وسيم يوسف”، على خط التشكيك في صحيح البخاري ووصفه بأنه كتاب متخلف.

وعلى الرغم من الهجوم الشديد عليه، إلا أنه عاد وأكد “يوسف” -في تغريدة له عبر حسابه على “تويتر”- تشكيكة في كتاب “صحيح البخاري” من خلال مقطع فيديو.

وقال الداعية المقرب من ولي عهد أبو ظبي: “منح العصمة لأحد دون الأنبياء هو انتقاص للأنبياء، ومعاداة لدين الله سبحانه، يأبى الله الكمال إلا له، والعصمة لمن عصمه الله، فمن منح العصمة لغير الأنبياء فقد تطاول على دين الله وتعدى، فنصر دين الله ليس بالغلو ولا بالتقديس لأحد إلا من أخبرنا الله عنهم ونبينا نهانا عن الغلو به”.

ويأتي ذلك بعد أيام من تصريحات مشابهة أطلقتها الأكاديمية الإماراتية “موزة غباش”، بشأن صحيح البخاري، قالت فيها: “لا يمكننا أن نسجن أنفسنا في كتب عمرها 1400 عام”.

وعلى عكس “يوسف”، عادت “غباش” واعتذرت عبر صفحتها على تويتر: “قد أكون أخطأت التعبير في الحديث عن كتاب البخاري في خضم نقاش حول القوانين ومصادر التشريع وكان ذكر الكتاب مثالا على بعض مصادر القوانين ولم يقصد الكتاب بعينه، واعتذر عن ذلك”.

وفور انتشار تصريحات “يوسف” توالت ردود الفعل عبر مواقع التواصل، والتي جاءت معارضة ومنتقدة في أغلبها عبر هاشتاج #البخاري_خط_أحمر .

وسبق للداعية المثير للجدل “عدنان إبراهيم” أن اتخذ موقفا تشكيكيا مشابها من الإمام البخاري، وخاصة في الفترة التي أصبح فيها مقربا من دوائر الحكم الإماراتية.

وغير بعيد عن هذه الأجواء، قضت المحكمة الإدارية المصرية العليا، في 27 أكتوبر الماضي، بقبول طعن قدمه المحامي أحمد عبده ماهر يتهم فيه الأزهر “بالإهمال والمماطلة في تنقية صحيح البخاري من الأحاديث المدسوسة والمنسوبة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)”.

وجاء قرار المحكمة في أعقاب دعوة قائد الانقلاب المصري “عبد الفتاح السيسي”، مرات عدة لمراجعة كتب التراث وتجديد الخطاب الديني.

ودعا “السيسي” أيضا من أسماهم “الأساتذة المستنيرين” للقيام بثورة دينية لتجديد الخطاب الديني الذي ظل رهينة تراث محدود بمعطيات الماضي وأبعاده.

من هو “وسيم يوسف”؟

الأردني المقيم في الإمارات والحاصل على جنسيتها “وسيم يوسف”، تردد اسمه بقوة خلال الآونة الأخيرة، وخاصة بالتزامن مع الحملة السعودية الإماراتية ضد قطر.

ووظفت أبوظبي “يوسف”، لتبرير حصار قطر في كافة الفضائيات ووسائل الإعلام، حيث يلعب دورا كبيرا في تبرير قرارات الحصار.

هذا الرجل أردني الجنسية، لكن أبوظبي منحته الجنسية الإماراتية وجعلته خطيب جامع الشيخ زايد الكبير، ليكون عونا لها في أذية الآخرين وتشويههم.

كما يعد واحدا من أبرز عملاء جهاز أمن الدولة في الإمارات حاليا، وينفذ خططا ممنهجة لمنح قرارات وسياسات النظام الإماراتي غطاء شرعيا ودينيا، ابتداء من تشويه ثورات الربيع العربي، وشن الهجوم على الثورات والثوار، وصولا إلى مهاجمة مشايخ وكبار علماء الأمة.

وبحسب وثيقة نشرها موقع “أسرار عربية”، في 9 أبريل 2016، فإن  “يوسف” سافر من الأردن إلى أبوظبي في إطار تعاون استخباري بين جهازي الأمن الأردني والإماراتي، حيث إن أغلب ضباط جهاز أمن الدولة الإماراتي من الأردن، كما أن وزير الخارجية الأردني الحالي أيمن الصفدي كان قد عمل سابقًا في مكتب ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، وهو أحد رجال الأمن مزدوجي الولاء للأردن والإمارات معًا”.

وفي عام 2014، عاشت الإمارات حالة من السخط بعد تجنيس وسيم يوسف، خاصة أن الإماراتيين وصفوه بالمنافق وداعي الفتنة.

وفي عام 2015 وصف وسيم يوسف الدعاة السعوديين بأنهم أصحاب فكر متطرف وإرهابي وعلى إثر ذلك شنت حملات ضده في تويتر اتهم خلالها أنه متاجر في الدين ولا يستحق منحه جنسية خليجية.

 

لماذا البخاري؟

ويعد محمد بن إسماعيل البخاري أهم علماء الحديث في التاريخ الإسلامي، واشتهر بكتابه الجامع الصحيح المعروف بـ”صحيح البخاري”، الذي قضى 16 عاما في جمعه وتصنيفه، وبلغت أحاديثه بما فيها المكرر الآلاف. وقبل تأليفه لصحيحه، كتب حول الحديث وأصنافه ورواته ورجاله.

وولد الإمام البخاري يتيما في مدينة بخارى، وطاف أرجاء العالم الإسلامي لطلب الحديث، ومع ذلك لم يعرف عنه مذهب فقهي محدد، ولم يكن له كذلك هوى سياسي معين.

وخلال الآونة الأخيرة لا يكاد يتوقف الهجوم على البخاري حتى يتجدد في مناسبة أخرى، والملفت للنظر أن الهجوم المتكرر يضم شخصيات اجتماعية وثقافية وسياسية وإعلامية مختلفة لكن يجمعها موقف سياسي متقارب.

وتسعى الإمارات من خلال شبكة مؤسساتها “التنويرية” والصوفية على حد سواء إلى مواجهة الإسلام السياسي ثقافيا، وتفكيك الخلفية الثقافية المرتبطة بالإسلام السياسي والربيع العربي على حد سواء.

ويقود البحث عن نشاط المؤسسات الثقافية الإماراتية وكتاب صحيح البخاري مباشرة لمؤسسة “مؤمنون بلا حدود” التي تعتبر أهم حلقات ما يسمى الجناح التنويري في المؤسسات الثقافية الإماراتية.

ويضم الجناح الآخر شبكة من المؤسسات الدينية الصوفية وأهمها “مجلس حكماء المسلمين” ومؤسسة طابة ومنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة وغيرها من المؤسسات، التي تتبنى رؤية صوفية تقليدية تتناقض ظاهريا مع “الجناح التنويري” لكنها تتفق معه في الموقف من الإسلام السياسي والربيع العربي والعديد من المواقف الإقليمية الأخرى.