لم يغير إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب حول الجولان المحتل من حقائق الأمور شيئا ، فقد تجدد التأكيد على عروبة الجولان ولصوصية “ترمب” ، ولكنه فتح ملف الأراضي العربية التي يطمع فيها الأخير ضمن صفقة القرن المزعومة.
في مصر والأردن والأراضي الفلسطينية المحتلة تدور الحكايات عنهم كثيرا ضمن خارطة جديدة مع صفقة القرن تستقطع منها الولايات المتحدة الأمريكية أراضي من هنا وهناك لإعلان وطن بديل للفلسطينين، ولكن يبدو أن المواجهة المفتوحة باتت هي الحل الواقعي بحسب ما أعلنت فصائل المقاومة في ظل تغييرات متوقعة في المنطقة تتوقع اشتعال موجة ثانية موسعة للربيع العربي قد تطال “الكيان الصهيوني”.

المؤامرة على “الجولان”

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ، في تغريدة على حسابه على موقع تويتر، بأن الوقت قد حان للاعتراف بما يسميه “السيادة الإسرائيلية” على هضبة الجولان، وأكد لاحقا في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” أنه قرر المضي قدما في الاعتراف بالأمر.

 

ونقلت وكالة رويترز عن مصادرها الجمعة أن مسؤولين أميركيين يعدون وثيقة رسمية باعتراف واشنطن بسيادة الكيان الصهيوني على الجولان، مرجحة أن يوقعها ترمب الأسبوع المقبل أثناء زيارة رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو لواشنطن.
وجاء قرار ” ترمب ” بعد أيام من تقرير سنوي لوزارة الخارجية الأمريكية بشأن حالة حقوق الإنسان في أنحاء العالم، أشار إلى الجولان باعتبارها أرضاً “تسيطر عليها إسرائيل” بدلاً من استخدام مصطلح، “تحتلها إسرائيل، الذي دأبت عليه قبل ذلك.
وفي المقابل استنكرت المؤامرة ردود أفعال غربية وأمريكية وعربية ، منها ريتشارد هاس، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية والرئيس الحالي لمجلس العلاقات الأجنبية، الذي أكد أن اعتراف ترمب بالسيادة “الإسرائيلية” على الجولان من شأنه انتهاك قرارات مجلس الأمن الذي يستبعد الاعتراف بأراض أُخذت عن طريق الحرب.
وتواترت البيانات العربية المنددة من العراق ومصر وقطر و جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي ووزارة الخارجية التابعة للنظام السوري ، و الأردن، بجانب مواقف أوروبية متناغمة تصدرها موقف الاتحاد الأوروبي الذي أكد بوضوح أنه لا يعترف بسيادة الكيان الصهيوني على هضبة الجولان ، وتركيا وروسيا وفرنسا وماليزيا ، وتعزز ذلك كله بموقف واضح من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الجمعة برفض التوسع الاستيطاني الصهيوني في هضبة الجولان المحتلة.

التهام “القدس”

التمهيد الأمريكي الجديد نحو ابتلاع”الجولان” سبقه قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الذي وقع في عام 2017 باعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني ، ثم نقل السفارة الأمريكية إلى هناك، رغم الإدانة العربية لهذه الخطوة، ودعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى إلغاء هذا القرار.

ولم يتورع “ترمب” هذه المرة عن تحدى العالم مجددا حيث ربط بين قراره المشبوه عن الجولان بقرار نقله السفارة الأمريكية إلى القدس ، زاعما أنه يأتي في إطار “وعد انتخابي له تمكن من تنفيذه، فيما لم يتمكّن أي من أسلافه من الإقدام عليه، لدى وصولهم إلى البيت الأبيض”.
هي معركة متواصلة إذن بحسب تحليل بموقع “ميدل إيست آي” البريطاني ربط بين مساع البيت الأبيض في الجولان وبين منح الحكومة الصهيونية مجالا مفتوحا لتوسيع مشروعها الاستيطاني ومصادرة مزيد من الأراضي خاصة في القدس ونقل السكان والقضاء على أي فرصة لدولة فلسطينية، مما يمهد الطريق لضمّ الكيان الصهيوني الرسمي للأراضي الفلسطينية.
وأشار التحليل إلى أن القرار الأميركي المزعوم يعمل على إعداد الرأي العام لاستيلاء الكيان الصهيوني النهائي على الأراضي المحتلة الذي يقوم على إدارة الشعب دون الأرض، كما يعمل على نزع ملكية الفلسطينيين وتجاهل حق العودة للاجئين.
وفي هذا الاتجاه وثقت الهيئة الإسلامية المسيحية نصرة القدس والمقدسات إصدار “ترمب” 12 قرارا خلال عام 2018 تستهدف تأكيده الانحياز الأمريكي للكيان الصهيوني مؤكدة أن ما يحدث بداية لعملية تهويدية كبيرة ضد مدينة القدس المحتلة، وطمس ما بقي من عروبتها، وتدنيس مقدساتها لتكون عاصمة لليهود وحدهم.

أرض الأردن

ووفقًا لكتاب حديث حول عائلة جاريد كوشنر يحمل عنوان ” شركة كوشنر.. الجشع والطموح والفساد” فإنّ خطة كبير مستشاري البيت الأبيض للسلام في الشرق الأوسط، وصهر الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، تتضمن أخذ أراض من الأردن تضاف للأراضي الفلسطينية، في مقابل حصول الأردن على أراض من السعودية، التي حصلت على جزيرتين من مصر.

وعزز صحة ما جاء في الكتاب تصريحات “كوشنر” نفسه في حديث مع “سكاي نيوز” في فبراير الماضي حيث أكد أن خطة البيت الأبيض، سوف تركز على “قضايا الحدود” موضحا أنها متعلقة بإنشاء الحدود وحل قضايا الوضع النهائي وأنها سوف يكون لها أثر كبير على المنطقة بأسرها، بما في ذلك الأردن ومصر .
وطبقا لمعلومات أخرى متواترة فإن المستهدف ضمن صفقة القرن ضم حوالي 20% من أراضي الضفة الغربية إلى الأردن لتكوين دولة الأردن الكبير ، وتستند المعلومات إلى تسريبات خرجت عن اجتماع الملامح الأولى لصفقة القرن في فبراير عام 2016 والذي ضم في قمة العقبة الملك عبدالله الثاني مع رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي ووزير الخارجية الأمريكية حينها جون كيري ورئيس وزراء دولة الاحتلال نتنياهو ،وسبقه اجتماع بين جون كيري ورئيس السلطة الفلسطينية المنتهية ولايته محمود عباس في عمان .

سيناء مستهدفة

وباتت سيناء رقم أساسي في كل معادلات الحديث عن صفقة القرن ، بحيث أصبح نفي النظام المصري لما يدور غير ذي جدوى في ظل تفريطه في جزيرتي صنافير وتيران.

ويتضمن التصور المحدد لسيناء ضمن صفقة القرن بحسب معلومات موثقة ، مبدأ استبدال الأراضي ضمن مخطط ترسيم للحدود وهو ما يطالب به رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو منذ أواخر عام 2014، ضمن خطة تدمج فيها دولة الاحتلال أجزاءً كبيرة من الضفة الغربية ، على أن يحصل الفلسطينيون في المقابل على أرض من شمالي سيناء في مصر، بحسب ما قاله أربعة مسؤولين أمريكيين كبار لصحيفة “هآرتس” العبرية.
وكشفت تقارير مصرية قبيل الانقلاب العسكري في مصر عن خطة أمريكية تم إعدادها فى الكيان الصهيوني لتبادل الأراضى بين مصر وفلسطين وإسرائيل، فى أن تتنازل مصر للفلسطينيين عن رفح والشيخ زويد لتتمدد غزة إلى حدود مدينة العريش، مقابل أن تحصل مصر على أراضٍ مماثلة فى صحراء النقب، ومميزات خاصة تتمثل فى إقامة شبكة طرق أهمها طريق يربط بين مصر والأردن والسعودية ويوصل الحجيج المصريين إلى مكة المكرمة، فضلاً عن منح مميزات لمصر منها ضخ نقدى يتراوح بين 100 و150 مليار دولار، بجانب محطة تحلية مياه ضخمة ممولة من البنك الدولى تغطي العجز الكبير في المياه الذى سيتسبب فيه سد النهضة الإثيوبى.

مواجهة مفتوحة 

وبحسب مراقبين فإن “ترمب” يسعى لإقامة”إسرائيل الكبرى” في ظل مناخ تاريخي موات لاستمرار قراراته المغتصبة للأرض والحقوق الثابتة بقرارات دولية ووثائق تاريخية، لكنه قد يفجر بركانا لا يتوقف من المواجهة بكل أشكالها.
الكاتب العربي عبد الباري عطوان يرى ذلك ، وقال في تعليق متلفز بعد تصريحات الرئيس الأمريكي :” بعد تهويد الجولان.. إسرائيل الكُبرى تتبلور بسرعة حيث يتعامل ترمب معنا كقطيعٍ من الغنم ونحنُ نستحق ذلك ” مضيفا أنه من المتوقع بعد نجاح نِتنياهو في الانتِخابات المُقبلة تطبيق صفقة القرن بتمويلٍ سعوديٍّ خليجيٍّ وإقامة الوطن البديل في الأردن.
ويستند البعض في هذا الشأن إلى تصريح من رئيس الكنيست الصهيوني يولي إدلشتاين ممثل حزب الليكود عزز مؤخرا عودة المخطط الصهيوني”إسرائيل الكبرى” عندما أكد في تصريحات رسمية أن مصطلح “حل الدولتين” لم يعد صالحاً ولا يلائم الواقع السياسي الحالي.

من جانبها أعلنت كبرى الفصائل الفلسطينية، الجمعة، أن دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، حول الاعتراف بـ”السيادة الكاملة” لإسرائيل على منطقة الجولان السورية المحتلة يقع ضمن “مخطط استعماري أمريكي ينفذ بأيادٍ صهيونية” مؤكدين أن ذلك ” يستوجب التعامل مع الإدارة الأمريكية باعتبارها عدوًا للأمة العربية ومصالحها التي لن تكون أي من بلدانها بمنأى عن قرارات مماثلة”.