أكد خبير في الشأن الجزائري أن الدعوة التي أطلقها رئيس أركان الجيش لرحيل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، المستمر منذ 20 عاما، لها أسبابها، لكنها إشارة واضحة على أن فرص الرئيس، الذي يبلغ من العمر 82 عاما ونادرا ما ظهر إلى العلن منذ إصابته بجلطة عام 2013، في الاستمرار في الحكم باتت ضعيفة أو ربما معدومة.
وقالت صحيفة “لوباريزيان” الفرنسية: تعاني عشيرة بوتفليقة منذ أسابيع من المظاهرات الحاشدة ومن العزلة المتزايدة، فالثلاثاء أطلق رئيس أركان الجيش الجزائري، أحمد قايد صلاح، الباب أمام الرئيس للخروج من السلطة.
واقترح رئيس أركان الجيش تطبيق إجراء دستوري يمكن أن يشكل مخرجا للأزمة التي تشهدها الجزائر منذ أسابيع، ويتمثل في استقالة الرئيس أو تفعيل المادة 102 من الدستور، والتي تنص على أنه “إذا استحال على رئيس الجمهوريّة أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدّستوريّ وجوبا، وبعد أن يتثبّت من حقيقة هذا المانع بكلّ الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التّصريح بثبوت المانع”.
ويفترض أن يعلن البرلمان بغرفتيه “ثبوت المانع لرئيس الجمهوريّة بأغلبيّة ثلثي أعضائه، ويكلّف بتولّي رئاسة الدّولة بالنّيابة مدّة أقصاها خمسة وأربعون يوما، رئيس مجلس الأمّة”.
وأوضحت الصحيفة أن دخول الجيش في القضية المتنازع عليها منذ أكثر من شهرين بين السلطة والمتظاهرين هو استجابة “للضغط المزدوج”، ونقلت عن أنطوان بصبوص، العالم السياسي ومدير مرصد الدول العربية: الشارع، أولاً وقبل كل شيء، لا يبدو أنه قد انخفض تصميمه، بل وأيضًا تصميم الضباط الذين لا يريدون القيام بالقمع نيابة عن شخص لا فائدة منه”.
ومن أجل الحفاظ على أسس النظام الحالي وتماسك المؤسسة العسكرية، يفضل أحمد قايد صلاح، قطع “رأسه” لإنقاذ الجسم، لكن ربما هذا لا يكفي لتلبية توقعات المحتجين الذين تتجاوز مطالبهم قضية بوتفليقة وحدها.
كما أن الحسابات الشخصية ليست بعيدة عن هذا التدخل، فصلاح ، 79 عاماً، مدين لبوتيفليقة، الذي نصبه كرئيس أركان للجيش في عام 2004 لكن الجزائريون “ينظرون إليه على أنه الضمان العسكري للرئيس بوتفليقة”.
بحسب حسني عبيدي مدير مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي والمتوسط بجنيف (CERMAM).
والأسوأ من ذلك هو أنه على مدى الأسابيع الماضية انقطعت العلاقة بين بوتفليقة وقايد صلاح ، بسبب شقيق الرئيس سعيد، ومن وجهة نظر أنطوان بصبوص، ربما لم يتم إبلاغ عشيرة بوتفليقة بتحذير رئيس الأركان الجزائري.
لكن حسني عبيدي يفسر خطوة الجيش بأنها تعود لأسباب تاريخية، ومن بينها، المكان المنفصل الذي يحتله الجيش على الساحة السياسية منذ الاستقلال، والذي حصل عليه بعد صراع مسلح طويل “فحتى اليوم، يزعم أنه ورثة جيش التحرير الوطني ولديهم هذه الشرعية الثورية”.
الجيش ، ممثل سياسي بارز
على مدى عقود، كان للجيش في كثير من الأحيان رأي في الفترات الانتقالية السياسية، كما هو الحال حاليا، فعلى سبيل المثال، عام 1965، خلال الانقلاب بقيادة العقيد بومدين، أو عام 1992، عندما أنهى العملية الانتخابية ودفع الرئيس شادلي بن جديد إلى الاستقالة بعد اختراق الجبهة الإسلامية.
وتقول “لوباريزيان” من المفارقات أن عبد العزيز بوتفليقة أطاح بـ “صانعي القرار” في الجيش عندما انتخب رئيسا عام 1999. ومن جانبه، قام أحمد قايد صلاح جزئيا بالقضاء على القوى المضادة، ويبين حسني عبيدي أن رئيس الأركان الحالي “هو الذي وضع حدًا للامتيازات المهمة جدًا لإدارة الاستخبارات والأمن (DRS)” كما تم حل دائرة الاستعلام والأمن في 2015.
وبالنسبة لحلفاء بوتفليقة، فإن تدخل قايد صلاح يمكن أن يمثل بداية حركة لإنقاذ الموقف. في يوم الأربعاء، دعا أحمد أويحيى ، رئيس الوزراء السابق والأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي (RND) ، إلى استقالة الرئيس، لكنه غير متأكد من أن صوته سيسمع، والسبب في ذلك يوضحه أنطوان بصبوص وحسني عبيدي: “أويحيى ربما يكون الرجل الأكثر كرهًا في البلاد”.
اضف تعليقا