ساعات تفصلنا عن حملة عسكرية على مدينة طرابلس، بعد إعلان “خليفة حفتر” قائد قوات شرق ليبيا تقدم قواته نحو العاصمة الليبية “طرابلس”، فيما سماها عملية “تحرير طرابلس”.

جاءت تحركات حفتر وقواته لتحرير العاصمة من المليشيات والجماعات المسلحة كما وصفهم، إذ قال في كلمة مسجلة سبقت انطلاق العملية إن “ساعة الزحف المبين لطرابلس قد حانت”.

وخاطب “حفتر” قواته في تسجيل صوتي، انتشر على الانترنت، موجها لقواته “تقدموا بثقة وادخلوها بسلام، مرافق العاصمة أمانة في أعناقكم”.

 

ويمثل هذا الهجوم تصعيد جديد لصراع “حفتر” مع الحكومة الليبية المعترف بها دوليا إلى مستوى ينذر بالخطر، من بعد الإطاحة “بمعمر القذافي”.

 

ونظرا لتلك التحركات، دفعت مدينة مصراتة بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى طرابلس، معلنة حكومة “فايز السراج” المعترف بها دوليا، الاستنفار العام  بمدينة طرابلس وبدءا بالتحرك. وأغلقت كل المنافذ والمداخل المؤدية إلى طرابلس.

 

ومن جانب “حفتر”، سيطرت قواته على بلدة غريان التي تبعد نحو 80 كيلومتر عن العاصمة.

ونقلا عن وكالة “رويترز” قال مسؤولون من شرق ليبيا، إن قوات حفتر اقتربت من الجنوب والغرب لتطويق طرابلس، وسيطرت على مدينة جنوبي العاصمة قبل أن تتوقف بسبب حلول الليل على مسافة نحو 60 كيلومترا جنوبي طرابلس.

غريان

وتتمتع مدينة غريان بأهمية استراتيجية لأنها آخر مدينة قبل سهل ساحلي، وتمثل قاعدة للمقاتلين إذا استمرت المعركة من أجل السيطرة على العاصمة لفترة طويلة.

 

وذكر سكان أن قوات متحالفة مع حفتر سيطرت على نقطة تفتيش على بعد 27 كيلومترا غربي العاصمة أملا في قطع الطريق الساحلي المؤدي إلى تونس والذي يمثل أهمية حيوية لطرابلس.

 

ويأتي هذا التصعيد بعد يوم من وصول “أنطونيو غوتيريش” الأمين العام للأمم المتحدة، إلى ليبيا في إطار زيارة تهدف لعقد هدنة بين الأطراف المتنازعة في البلاد.

 

وعبر “غوتيريش” عن قلقه العميق إزاء التحركات العسكرية وخطر وقوع مواجهات في ليبيا

.

وقال في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “إني أشعر بقلق عميق إزاء التحرك العسكري الذي يحدث في ليبيا، كما أني قلق من مخاطر المواجهة”. وأضاف” أنه لا يمكن إنهاء مشاكل ليبيا باستخدام الحل العسكري”.

وطالب “السراج” في رسالة إلى رئيس الأركان العامة التابع لحكومة الوفاق، وإدارة الاستخبارات العسكرية، بـاتخاذ الإجراءات العاجلة بتكليف رئاسة أركان القوات الجوية بتنفيذ طلعات جوية واستعمال القوة للتصدي لكل ما يهدد حياة المدنيين والمرافق الحيوية.

 

وذكرت صحيفة “بوابة الوسط” الليبية، أن “السراج” أرسل برقية إلى أمراء المناطق العسكرية سبها، والمنطقة الغربية، والوسطى، وطرابلس الكبرى، برفع درجة الاستعداد القصوى، وإعادة تمركز وحداتهم، لضمان تنفيذ التعليمات واستعمال القوة إذا تطلب الأمر، للتصدي لكل ما يهدد حياة المدنيين والمرافق الحيوية.

 

 

ويذكر أن قوات مصراتة وصلت إلى العاصمة الليبية لمساندة قوات حكومة الوفاق في تصديها لقوات “حفتر”، ستتوجه قوات مصراتة نحو منطقة وادي الربيع، وبلدية قصر بن غشير جنوب طرابلس.

 

وفي هذا السياق، أكد “إبراهيم بن رجب” رئيس المجلس العسكري لمصراتة، أن قواته لديها الجاهزية التامة والقدرة على الحفاظ على المنطقة الغربية في ليبيا من أي هجوم.

 

وتعد مدينة مصراتة مركزا لقوات مقاتلة، تمتلك أيضا طائرات وتمثل أكبر تحد لحفتر. واشتهرت المدينة بمقاومة شخصيات من النظام القديم، في عام 2011 عندما حاصرتها قوات موالية للقذافي لمدة ثلاثة أشهر.

 

كشف “فتحي باشاغا” وزير الداخلية في حكومة الوفاق، أن قوات “حفتر” تحركت نحو طرابلس بعد تلقيها ضوءا أخضر لتدمير العاصمة من دولة عربية، وأن هذه الدولة دخلت على الخط حديثا أو كانت موجودة من فترة، وأنه جاري التأكد من المعلومات لكشف هذه الدولة.

 

وأكد أن طرابلس بها 3 ملايين شخص، وأن قواته جاهزة لصد أي هجوم، وأن بلاده ستعتمد على نفسها وفقط.

 

المستوى الدولى

وعلى المستوى الدولى، اعربت كل من حكومات، فرنسا، وإيطاليا، والإمارات، وبريطانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، “أنها تشعر بقلق بالغ بشأن القتال”.

 

وتعد هذه التطورات انتكاسة للأمم المتحدة والدول الغربية التي تحاول الوساطة بين “السراج” و”حفتر”، اللذين اجتمعا في أبوظبي الشهر الماضي لبحث اتفاق لتقاسم السلطة.

وأعلنت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا أن رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية وقائد الجيش الوطني الليبي، اتفقا على إنهاء المرحلة الانتقالية في ليبيا،من خلال انتخابات عامة.

 

وأكدت البعثة أن الاتفاق تناول أيضا سبل الحفاظ على استقرار ليبيا وتوحيد مؤسساتها.

 

أعرب رؤوساء البعثات الدبلوماسية لدول الاتحاد الأوروبي في ليبيا، عن قلقهم إزاء التحشيدات العسكرية الجارية في ليبيا والخطاب التصعيدي، الذي قد يؤدي بشكل خطير الى مواجهة لا يمكن السيطرة عليها.

 

وناشد رؤوساء البعثات الأوروبية في بيانهم، جميع الأطراف على ضرورة تهدئة التوتر على الفور، ووقف جميع ألاعمال الاستفزازية، وأنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للأزمة الليبية.

 

وأكد البيان على حق الشعب الليبي في العيش بسلام وأمن، طالبا من صناع القرار في ليبيا التصرف بمسؤولية واضعين المصلحة الوطنية أولا وأخيرا.

 

وكان من المقررعقد مؤتمر وطني هذا الشهر، للاتفاق على خارطة طريق لإجراء انتخابات لوضع حد لعدم الاستقرار في ليبيا.

 

ويمتاز “حفتر” بدعم مصر والإمارات اللتين تعتبرانه حصنا في وجه الإسلاميين وتدعمانه عسكريا، بينما يرى فيه معارضوه صورة جديدة لـ”لقذافي”.

 

وتوقع مراقبون أن تكون هذه التحركات جاءت بعد دعم سياسي و عسكري من قبل  الإمارات والسعودية ومصر، خاصة بعد زيارة “حفتر” للرياض.

 

ورغم أن دولة الإمارات طالبت بالتهدئة في لقاء أبو ظبي، إلا أن مصر لم تعلن أي رد فعل.

 

ويذكر أن الأمين العام للأمم المتحدة زار القاهرة قبيل زيارته للعاصمة طرابلس أول أمس،ويدعونا ذلك لطرح تساؤلات حول صمت مصر.

 

وفي نفس السياق، عزز حفتر علاقته مع السعودية بعد زيارتع للرياض الأسبوع الماضي وألتقى مع الملك “سلمان بن عبد العزيز”.

 

ولم تتكشف أي تفاصيل عن الاجتماع غير أنهم ناقشوا مستجدات الأوضاع الليبية.