مرت الساعات الأولى من زحف “خليفة حفتر” على العاصمة الليبية طرابلس، بعد إعلانه عن عملية عسكرية على طرابلس، وذلك قبل 10 أيام من انطلاق مؤتمر الملتقى الوطني الجامع بمدينة “غدامس” جنوب غربي ليبيا، تحت رعاية الأمم المتحدة.
وردا عليه أمر “فايز السراج” رئيس المجلس الرئاسي لحكومة “الوفاق” في طرابلس، سلاح الجو بـقصف كل من يهدد الحياة المدنية، بالتزامن مع تقدم قوات حفتر في غربي البلاد.
ويعتبر زحف قوات “حفتر” على العاصمة الليبية، لتحدي الحكومة -المعترف بها دوليا- تطورا خطيرا في الصراع على السلطة الذي تشهده البلاد منذ الإطاحة بـ”معمر القذافي” في عام 2011.
وفي سياق متصل، قال “أنطونيوغوتيريش” الأمين العام للأمم المتحدة بعد لقاءه مع “حفتر”، إنه يشعر بقلق عميق بعد اجتماع مع “حفتر” القائد العسكري لقوات شرق ليبيا، وذلك لتجنب تجدد الحرب الأهلية.
وقال “غوتيريش” على تويتر إنه “يغادر ليبيا بقلق عميق وقلب مثقل”. وأضاف أنه “ما زال يأمل في أن يكون من الممكن تجنب المواجهة الدموية في طرابلس وما حولها”.
وأكد أنه مهما حدث من تطورات في المشهد، ستظل الأمم المتحدة ملتزمة بدعم الشعب الليبي.
وذكر أن “حفتر” أبلغ “غوتيريش” في لقاءهم، أن العملية نحو طرابلس مستمرة حتى القضاء على الإرهاب.
والجدير بالذكر، أن هذه التحركات العسكرية لقوات حفتر تزامنت مع وصول الأمين العام للأمم المتحدة “غوتيريش”، إلى ليبيا، لدفع الجهود من أجل تنظيم مؤتمر الملتقى الوطني الجامع، المقررله في إبريل/ نيسان الجاري.
ويطرح الآن تساؤلات عن أسباب إصرار”حفتر” على هذا الزحف، رغم الرفض الدولى؟
هل تعتبر مصر والإمارات والسعودية حلفاء إقليميين لحفتر؟
كشف “فتحي باشاغا” وزير الداخلية في حكومة الوفاق، أن قوات “حفتر” تحركت نحو طرابلس بعد تلقيها ضوءا أخضر لتدمير العاصمة من دولة عربية، وأن هذه الدولة دخلت على الخط حديثا أو كانت موجودة من فترة، وأنه جاري التأكد من المعلومات لكشف هذه الدولة.
وتوقع مراقبون أن تكون هذه التحركات جاءت بعد دعم سياسي و عسكري من قبل الإمارات والسعودية ومصر، خاصة بعد زيارة “حفتر” للرياض.
ويمتاز “حفتر” بدعم مصر والإمارات اللتين تعتبرانه حصنا في وجه الإسلاميين وتدعمانه عسكريا.
السيسي
ورغم أن دولة الإمارات طالبت بالتهدئة في لقاء أبو ظبي، إلا أن مصر لم تعلن أي رد فعل.
نشرت مجلة “جون أفريك” الفرنسية، تقريرا سلطت من خلاله الضوء على أبرز دوافع دعم “عبد الفتاح السيسي” لـ “خليفة حفتر”.
وقالت المجلة، في تقريرها، إن “حفتر” الملقب “بالسيسي الليبي” من طرف معارضيه، يحظى بدعم زعيم النظام المصري منذ سنوات.
ويتشارك القائدان مفهوم السلطة العسكرية، ومعارضة الإخوان المسلمين، وذلك من أجل استقرار البلد المجاور من أجل تعاون أوثق.
وأشارت المجلة إلى أن الجنود المصريين يقاتلون على خط المواجهة في بلدة درنة القديمة شرق البلاد. ولا يعرف ما إذا كان هؤلاء من أعضاء الجيش الرسمي أم من بين المرتزقة، لكن أزياءهم ولهجتهم تؤكدان أصولهم.
قد تصريحات سابقة للنائب المصري في البرلمان الإفريقي “مصطفى الجندي” بأن مصر تدعم الجنرال لأنها تساند الشخص الذي يعيد الاستقرار للبلاد، والذي يملك جيشا، فدولة دون جيش لا يمكنها الاستمرار.
وذكرت المجلة أنه في شهر شباط/ فبراير من سنة 2015، نشرت صحيفة “المصري اليوم” تقريرا بعنوان “حق الرد”.
وأوضحت الصحيفة المصرية آنذاك أن مصر “تتدخل عسكريا في ليبيا بحجة الإعدام الوحشي لـ29 عاملا قبطيا مصريا”.
وفي تصريحات سابقة لمصادر مصرية في اللجنة المعنية بالملف الليبي أن “ما يحدث هناك في العاصمة طرابلس يؤكد وجهة النظر المصرية، التي ترى ضرورة دعم الجيش الليبي.
وشددت على رفض مسار الانتخابات مبررة إنه غير مناسب، وإنها حال إجرائها ستؤدي إلى مزيد من الفوضى، وأن هناك شركاء غربيين يتفقون معنا في نفس الموقف.
وفي سياق متصل، عزز “حفتر” علاقته مع السعودية بعد زيارته للرياض الأسبوع الماضي وألتقى مع الملك “سلمان بن عبد العزيز”.
ولم تتكشف أي تفاصيل عن الاجتماع غير أنهم ناقشوا مستجدات الأوضاع الليبية.
طرحت الزيارة في هذا التوقيت، تساؤلات حول أهدافها، وما إذا كان”حفتر” يبحث عن داعمين جدد، خاصة قبيل انعقاد الملتقى الوطني الجامع الذي سيرسم المشهد السياسي المقبل.
لقاء أبو ظبي
والجدير بالذكر، أن “السراج” أشار لأهم النقاط التي جرى التوافق عليها مع “حفتر” في اجتماع “أبو ظبي”، وهي عدم إطالة الفترة الانتقالية، وضرورة توحيد مؤسسات الدولة، وإنجاز انتخابات رئاسية وبرلمانية قبل نهاية هذا العام وتوفير المناخ الملائم لإجرائها.
وأكد “السراج” أن اجتماع أبوظبي مع “حفتر” جاء من أجل حقن الدماء، والوصول إلى صيغة تجنب ليبيا الصراع والتصعيد العسكري، وأنه كان لقاء يمكن البناء عليه.
وأضاف “السراج” في لقاء سابق مع عمداء بلديات المنطقة الغربية، في العاصمة الليبية طرابلس، أن هناك مبادئ في لقاء أبوظبي غير قابلة للتنازل، أهمها مدنية الدولة، والفصل بين السلطات، والتداول السلمي على السلطة.
وشدد على عدم وجود حل عسكري أو مكان لعسكرة الدولة، وضرورة وقف خطاب التأجيج والتحريض على العنف والكراهية وبث الفتن، مؤكدا أنه لن يسمح بأي محاولات من أي جهة لخلق فتن من شأنها إدخال المدن الليبية في حرب أهلية.
وفي تصريحات لـ”عبد الرحمن السويحلي” الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة، أكد أن قوات “حفتر” خسرت المناطق التي تسللت إليها مؤخرا، موضحا أن هناك جهات خارجية اعلنت الحرب على الشعب الليبي.
وشدد على أن الحكومة في طرابلس لن تقبل التهدئة أو وقف التصعيد إلا بعودة هذه العصابات إلى مكانها، ولا بد أن نحسم الموضوع هذه المرة مهما كلف الثمن.
وعن زيارة “حفتر” للسعودية، علق “كنا ننظر إليها بقدر من الاحترام، ولكن استقبال خادم الحرمين لضابط متهم بارتكاب جرائم حرب، يعني أن السعودية انضمت لمشروع حفتر”.
أما الإمارات فهي الحربة الأولى في دعم “حفتر” ومعها فرنسا. وأضاف أن أبو ظبي والقاهرة وباريس عطلت مشروع التوافق الذي أقره الليبيون في الصخيرات برعاية الأمم المتحدة.
واستنكر من إعلان أبو ظبي الحرب على الليبيين، قائلا ” يفصلنا عنهم آلاف الأميال. ولم نسع يوما للإضرار بنظامهم”.
وقال إن الإمارات نقلت معركتها مع الإسلام السياسي إلى ليبيا، وإنها تريد القضاء على الإخوان المسلمين، وتتخذهم “شماعة” لإجهاض الثورة الليبية رغم محدودية تأثيرهم في المشهد السياسي.
اضف تعليقا