رفضت روسيا بيانا من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يطالب فيه القائد العسكري الليبي “خليفة حفتر” إلى وقف تقدمها لوسط العاصمة طرابلس.
وقال وزير الخارجية الأميركي “مايك بومبيو” في بيان “إن واشنطن تشعر بقلق عميق من القتال قرب طرابلس، وتحث على إجراء محادثات لوقف القتال”.
وأضاف بومبيو “لقد أوضحنا اعتراضنا على الهجوم العسكري الذي تشنه قوات “حفتر” ونحث على الوقف الفوري لهذه العمليات العسكرية ضد العاصمة الليبية”.
وفي المقابل رفضت موسكو إصدار بيان عن مجلس الأمن بشأن الأوضاع في ليبيا، وأصرت على أن يحث البيان الرسمي كافة القوات الليبية على وقف أعمال القتال، لكن التغيير الروسي المقترح قوبل بالرفض من الولايات المتحدة.
ويذكر أن روسا اعترضت على ذكر قوات “حفتر” بالاسم في البيان، وأصرت على إبقاء البيان موجها لكل الأطراف.
ودعا مجلس الأمن قوات “الجيش الوطني الليبي” إلى وقف نشاطها العسكري، وذلك في بيان صحفي متفق عليه. ثم اقترحت بريطانيا على المجلس بيانا أكثر رسمية بهدف أن يوافق عليه الأعضاء الخمسة عشر، لكن روسيا عارضت البيان. ومن المعلوم أنه يجب أن تحظى كافة بيانات المجلس بالموافقة الإجماعية.
ودعا البيان البريطاني المقترح “حفتر” وقواته إلى وقف كافة التحركات العسكرية ، ويدعو كافة القوات لوقف التصعيد.
وطالب بمحاسبة كافة الأطراف التي تقوض عملية السلام والأمن في ليبيا، مؤكدة على ضرورة عقد مؤتمر وطني في وقت لاحق من الشهر الجاري للدعوة إلى إجراء انتخابات.
وكانت الأمم المتحدة دعت إلى هدنة لمدة ساعتين، حتى يمكن إجلاء المصابين والمدنيين، لكن لم تلق دعوتها استجابة.
وطالبت “فيدريكا موجيريني” مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي اليوم الاثنين إلى هدنة إنسانية في ليبيا والعودة إلى المفاوضات في الوقت الذي تشهد فيه البلاد مواجهات بين فصائل متناحرة.
وقالت “موجيريني” إن رسالة أوروبا يحب أن تكون من أجل تطبيق كامل لهدنة إنسانية… وتفادي أي عمل عسكري وتصعيد آخر والعودة إلى المسار السياسي.
وأضافت “موجيريني” أن وزراء الاتحاد الأوروبي كان لهم موقف موحد وهو تكرار دعوة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى إلى “حفتر” لوقف زحفه نحو طرابلس.
وبعد هذه الدعوات والمساعي لم تتوقف قوات “حفتر”، وتسعى اليوم للوصول إلى وسط العاصمة طرابلس بعد أن تقدمت بسهولة عبر الصحراء ووصلت إلى مناطق حضرية تشكل مرحلة أصعب، بينما يزداد عدد القتلى وعمليات نزوح المدنيين.
وقال الجيش الوطني الليبي “إن قواته وصلت إلى المشارف الجنوبية لطرابلس وبسطت سيطرتها على المطار الدولي السابق للعاصمة، وذلك يشكل تهديدا لحكومة ” الوفاق” المعترف بها دوليا في المدينة”.
وأكد وزير خارجية لوكسمبورج “جان أسيلبورن” للصحفيين يجب أن نحاول عمل كل ما يمكن لوقف العملية العسكرية حتى لا تندلع حرب أهلية في ليبيا.
وزادت حدة القتال جنوبي طرابلس أمس، بعد ثلاثة أيام من شن قوات “حفتر” هجوما يهدف للسيطرة على “طرابلس” التي تخضع لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة.
وشنت قوات” حفتر” ضربات جوية على جنوبي طرابلس، فيما تسعى للتقدم صوب وسط المدينة من ناحية المطار المهجور.
والجدير بالذكر، يحظى “حفتر” وجيشه بدعم كل من روسيا ومصر والإمارات العربية المتحدة.
وأعلنت حكومة “الوفاق”، أن 32 شخصا لقوا مصرعهم، بينما أصيب 50 آخرين في اشتباكات مع قوات “حفتر” قرب طرابلس. وقالت قوات “حفتر” إن 14 من مقاتليها لقوا مصرعهم حتى الآن”.
وتستمر المواجهات العسكرية رغم دعوات الأمم المتحدة والولايات المتحدة إلى وقف فوري لإطلاق النار.
إجراءات وقائية
وأشارت تقارير إلى أن سكان طرابلس بدأوا في تخزين الطعام والوقود.
وقالت الأمم المتحدة إن 2800 شخص نزحوا بسبب الاشتباكات وقد يفر عدد أكبر وإن بعض المدنيين محاصرون. كما تعتزم الأمم المتحدة سحب موظفيها غير الضروريين.
واعتبرت أن الإنتشار السريع للقوات المسلحة، يؤدي إلى نزوح أعداد كبيرة من السكان. وأضافت أن وكالات الإغاثة على الأرض لديها ما يكفي من الإمدادات الطبية الطارئة لعلاج ما يصل إلى 210 آلاف شخص والتعامل مع 900 حالة إصابة لمدة ثلاثة أشهر.
ونقلت القيادة الأمريكية العسكرية في أفريقيا وحدة من القوات الأمريكية بشكل مؤقت، وذلك بسبب تصاعد الاضطرابات في ليبيا.
وقالت خدمات الطوارئ التابعة للأمم المتحدة إنها لم تتمكن من دخول المناطق التي يدور فيها القتال.
ويهدد الصراع القائم من وقوع ليبيا في نفق الحرب الأهلية، بعد انقسامها إلى مناطق تخضع لسيطرة فصائل متناحرة منذ الإطاحة بمعمر القذافي عام 2011.
وعلى الجانب الآخر من الصراع، تحركت جماعات مسلحة قادمة من مدينة مصراتة القريبة من العاصمة طرابلس، لدعم حكومة طرابلس، التي يقودها رئيس الوزراء “فائز السراج” -المعترف به دوليا- للتصدي للجيش الوطني الليبي.
صحف بريطانية
خصصت الصحف البريطانية الصادرة أمس، عددا من تقاريرها عن الصراع في ليبيا بعد زحف قوات “حفتر” نحو العاصمة طرابلس، مقر الحكومة المعترف بها دوليا.
ونشرت صحيفة “صنداي تايمز” تقريرا كتبه”ماثيو كمبل” يقول فيه إن “الجنرال المارق يغتنم فرصة حصار طرابلس”.
ويقول “كمبل” “إن أمير الحرب الذي دربته الولايات المتحدة وتدعمه روسيا كانت عينه، منذ زمن طويل، على السلطة، وقد تحرك أخيرا لتحقيق هدفه”.
ويذكر الكاتب أن هجوم قوات “حفتر” على طرابلس تزامن مع زيارة “أنطونيو غوتيريش” الأمين العام للأمم المتحدة، في خطوة تدل على ازدراء حفتر لخطة تقاسم السلطة التي تقترحها الأمم المتحدة في ليبيا.
ويقول “ماثيو” إن “حفتر”، البالغ من العمر 75 عاما، مواطن أمريكي، وضابط سابق في جيش معمر القذافي يحب لقب المشير.
ويذكر أن “غوتيريش” ألتقى بـ”حفتر”، وقال “أنه يشعر بقلق عميق بعد اجتماع مع “حفتر”، وذلك لتجنب تجدد الحرب الأهلية. وابلغه “حفتر” في اللقاء، أن العملية نحو طرابلس مستمرة حتى القضاء على الإرهاب.
ونشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا كتبه محرر الشؤون الدبلوماسية “باتريك وينتور” يقول فيه “إن بعض الجهات الغربية لا تريد الوقوف في طريق الجنرال حفتر نحو السلطة”.
يقول “وينتور” بعد أكثر من 50 عاما في السياسة الليبية أصبح “حفتر” على أبواب طرابلس، وهو أقرب إلى فرض حكم عسكري في البلاد من أي وقت مضى خلال مسيرته المتقلبة والعنيفة.
ويذكر الكاتب أن ليبيا منقسمة اليوم إلى فريقين واحد منهما يدعم حفتر في الشرق وفريق آخر في طرابلس والغرب يدعم الحكومة المعترف بها دوليا.
ويرى الكاتب أن ليبيا قد تجد نفسها مرة أخرى، بعد 8 أعوام من سقوط نظام “معمر القذافي”، تحت سلطة مستبدة تشبه سلطة “عبد الفتاح السيسي” في مصر، وسيكون ذلك حسب معارضين لـ”حفتر” إدانة للمجموعة الدولية التي حاولت منذ مدة طويلة إدماج الجنرال في المسار الديمقراطي في ليبيا.
ويضيف أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تردد في إصدار بيان يدعو فيه قوات “حفتر” إلى وقف زحفها نحو طرابلس. ويفسر هذا التردد بالدعم الذي يتلقاه “حفتر” من مصر والإمارات، ومن بعض الأطراف في الحكومة الفرنسية.
اضف تعليقا