ماذا تتوقع أن تجد في محركات البحث حين تنقب عن “قطريون يهاجمون بلادهم”؟ النتائج صادمة، فبعيدا عن الصحافة الصفراء التي لن تذكر اسم قطري واحد، مكتفية بأوصاف عمومية نحو الشعب القطري والشارع القطري.. فإن اسما واحدا سيبرز بقوة : خالد الهيل مسيطرا على نتائج البحث كلها، فمن هو خالد الهيل؟ وأي دور يلعبه لصالح الدول التى تحاصر وطنه و شعبه؟

لا يوجد الكثير المتاح عن الهيل، ولا حضور له في منصات التواصل والإنترنت قبل تاريخ قريب. حتى ويكيبيديا الموسوعة الحرة لا تذكر عنه سوى أنه رجل أعمال مقيم في بريطانيا ويصف نفسه بأنه “المتحدث الرسمي باسم المعارضة القطرية”.

لكن وفجأة، سطع نجم الهيل قويا في إعلام دول الحصار باعتباره قائدا لـ “الحراك الشعبي الواسع” الذي يعم أرجاء قطر وشوارعها ضد نظام الدوحة، وبلغ حضوره ذروته بعد المؤتمر الصحفي الذي عقده في مقر نقابة الصحافيين المصريين بوسط القاهرة (أحد دول الحصار)، وأعلن فيه تدشين ما وصفه بـ«أول حركة قطرية معارضة» تحت مسمى: «الحركة الشبابية لإنقاذ قطر»، عندها بدأ الكثير من القطريين أنفسهم يتساءلون عن هويته.

مطلوب قضائيا

بدورهم، تحدث عدد من المحامين وأصدقاء الهيل السابقين في قطر عن مشاهد من حياته في الدوحة قبل هروبه إلى بريطانيا قبل سنوات. وبحسب ما تم نشره على منصات تواصل أصداقاء الهيل، فإنه كان يعمل في إحدى الشركات وتم فصله، لـ«عدم أمانته».

وأكدت الإعلامية القطرية إلهام بدر، في حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعى تويتر، أنه « نصاب هارب من العدالة»، و «ومزور ومحكوم قضائياً»، فيما أكد المحامي عبدالله طاهر في حسابه على تويتر أن خالد «هارب من تنفيذ حكم» لم يوضح ما هو قائلا: «لقاء معك قريبا في الدوحه وانت تنفذ الحكم اللي عليك يا خالد الهيل».

ونشرت إلهام بدر بيانا قالت إنه وصلها من بعض أقارب الوليد الهيل والد خالد أعلن فيه «براءته من ابنه». وقال الوليد، في البيان المنسوب له، «كان لدي ابن يدعى خالد وهذا المعتوه ـ بحسب تعبير البيان ـ للأسف كان يحمل اسمي، و أتبرأ أنا وعائلتي الكريمة من هذا المدعو (الرخيص) الذي تطاول على الوطن ورموزه»، مبينا أنه «لا يمثل إلا نفسة الدنيئة ويمثل سحرة فرعون في مصر» ، على حد تعبير البيان.

جماعة وهمية

ويثير الإعلان عن الحركة القطرية “الوهمية” الجديدة عدة تساؤلات لدى مراقبين للشأن القطري خاصة أنه لم يعلن عنها من قبل ولا تتوفر معلومات عن حقيقتها، فضلا عن مغزى اختيار القاهرة لإطلاقها، بجانب أنها تظهر في وقت لا تشهد فيه قطر تظاهرة واحدة تعكس هذا الغضب الذي تحدث عنه رئيس الحركة “المفترضة” من سياسة العائلة الحاكمة في قطر.

وقال الهيل في مؤتمر القاهرة، إن عدد أعضاء «الحركة الشبابية لإنقاذ قطر»  التي يقودها يصل إلي حوالي 32 ألف معارض داخل قطر. لكن، لم ينشر أي من هؤلاء الآلاف أية معلومات على مواقع التواصل أو منصات الإعلام تؤكد ما نشر عنه، أو معلومات عن سيرة رئيس حركتهم.

بل إن أحد المغردين، صاحب معرف «نواف تلفت»، استغرب مما فعل الهيل، لافتا إلى المميزات التي يتمتع بها المواطن القطري، وقال إن من بينها أن «الماء والكهرباء بالمجان، التليفون الأرضي بالمجان، قسائم تعليمية لكل ابن بقيمة 28 ألف ريال (نحو 8 آلاف دولار)، العلاج والتأمين الصحي مجانا، توافر الوظائف لجميع القطريين».

حين تحدثت “المعارضة القطرية” الإنجليزية..!!

انطلق المؤتمر “المشبوه” ، لكن المتحدثين تكلموا بالإنجليزية، فالحضور أجانب، والمتحدثون أجانب، والقطري الوحيد الحاضر هو الهيل، ومجهول آخر لم يُكشف عن اسمه حتى الآن، وظهر كمشارك سري في كواليس المؤتمر “الشجاع”.

فشل ذريع مني به الهيل في حشد الأصوات ضد بلاده، وخيبة أمل كبيرة لاحقت دول الحصار بعدما عمرته بالأموال ورأت فيه فرصة استثمارية كبيرة للتشنيع على الجارة الخارجة عن الهيمنة، قطر.

وقال الهيل، رئيس الحركة المزعومة، إن السلطات القطرية ألقت القبض على العشرات من أعضاء الحركة في مطار الدوحة، قبل مغادرة البلاد للمشاركة فى المؤتمر الأول لها. الأمر الذي لم تثبته أية كيانات حقوقية أو تتحدث عنه العائلات الكبرى التي تشكل هوية المجتمع القطري الذي يبدو أن الهيل أصبح لا يعرف الكثير عنه.

يشيد الهيل بالسعودية والحريات فيها، في وقت ربما يكون عدد المعتقلين في السعودية وقت كتابة هذه السطور قد تضاعف، لكن الهيل يشير إلى أن لديهم ما يقرب من 9 آلاف وثيقة تثبت تجاوزات بلاده بحق حالة حقوق الإنسان.

ثقة الهيل في تهديداته لنظام بلاده في أول الأزمة، بدت واضحة إثر استناده على ظهير دول الحصار.. حتى إنه بعدما كان يتحدث عن الخيارات السلمية “عن طريق الضغط الشعبي على النظام” راح يتحدث مؤخرا عن أن حركته لا تستبعد اللجوء إلى طرق أخرى –لم يسمها– إذا فشلت الأساليب الديمقراطية والإصلاحية في إسقاط نظام بلاده.

تهديدات اعتبرها نشطاء مواقع التواصل تذكِّر بالكادر الفلسطيني المشبوه محمد دحلان في “نضاله” ضد بلاده، تشبيه اعتبره رواد المنصات يلخص حالة الهيل، وقياسا يوفر الكثير من التحليل والتصورات، ويبرز بوضوح المساحة التي سيحظي بها من التاريخ، واللعنات التي ستلاحقه حين يتذكره القطريون ك”أيقونة للخيانة”.