يستمر تجمع المتظاهرين في الحراك السوداني إلى ساحة الاعتصام، اليوم الجمعة، أمام مبنى القيادة العامة للقوات المسلحة في الخرطوم، بعد رفض المحتجين لبيان قادة المجلس العسكري الانتقالى.
نادت قوى إعلان الحرية والتغيير في بيان لها، السودانين للمشاركة في الاعتصام، وقالت فيه إن “الاعتصام سيستمر ولن ينفض حتى تحقيق أهداف وتطلعاتنا المشروعة بتسليم السلطة لحكومة انتقالية مدنية وفقا لإعلان الحرية والتغيير الذي تواثقت عليه جماهير شعبنا الأبي”.
ومن المقرر أن تقام صلاة الجمعة اليوم في ساحة الاعتصام بالقيادة العامة للقوات المسلحة، ويليها صلاة الغائب علي أرواح ضحايا الحراك السلمي.
وناشد البيان كل سكان العاصمة والمناطق القريبة منها للمشاركة في الاعتصام وأداء الصلاة من ساحة الاعتصام.
ودعا البيان المواطنين في قرى ومدن الأقاليم، ذهاب المحتجين إلى مقار ووحدات القوات المسلحة المختلفة، والاعتصام وأداء صلاة الجمعة وصلاة الغائب في ساحات اعتصاماتهم.
وعلى الجانب الآخر، أدى وزير الدفاع السوداني “عوض بن عوف” القسم رئيسا للمجلس العسكري الانتقالي الذي تولى السلطة في البلاد بعد الإطاحة بـ”عمر البشير”.
بث التلفزيون السوداني أمس مشاهد أداء وزير الدفاع للقسم رئيسا للمجلس العسكري الانتقالي في حضور رئيس القضاة “عبد المجيد إدريس”. كما أدى رئيس أركان الجيش “كمال عبد المعروف الماحي” القسم أمام “بن عوف” نائبا له.
كسر الحظر
جاء ذلك أثناء بدء الساعات الأولى من حظر التجول الذي فرضه المجلس العسكري، إلا أن المتظاهرون تحدوا حظر التجول في الخرطوم الذي دخل حيز التنفيذ في الساعة العاشرة مساء بالتوقيت المحلي، معلنين رفضهم لقرارات الجيش ويطالبون بتسليم السلطة للمدنيين.
وقد دعا الجيش المواطنين إلى الالتزام بحظر التجول، وقال في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية إن “القوات المسلحة تلفت انتباه المواطنين الكرام بأن حظر التجول يبدأ من العاشرة مساء وحتى الرابعة صباحا”.
وأضاف أن “على المواطنين الالتزام بذلك للمحافظة على سلامتهم ونظرا للمخاطر التي قد تترتب على عدم الالتزام، وحتى تؤدي القوات المسلحة واللجنة الأمنية واجبها في حفظ الأمن”.
كسر المحتجين حظر التجول، واستمروا في الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش السوداني، وهتف مئات آلاف من السودانيين ضد وزير الدفاع السوداني “بن عوف”.
وأطلق المتظاهرين “تسقط تاني”، بعد أن كان شعارهم “تسقط بس”، تعبيرا عن رفضهم للقرارات الجديدة، والبيان الذي تلاه المجلس العسكري الانتقالي.
وتحولت مشاعر عشرات الآلاف من المحتجين، الذين كانوا يحتفلون في وقت سابق برحيل البشير إلى الغضب.
ونادى المعتصمون أمام مقرات الجيش السوداني بسقوط الوزير “بن عوف”، وقالوا إنهم “لن يستبدلوا انقلابا بانقلاب”.
وفي سياق متصل، طالب قائد قوات الدعم السريع “محمد حمدان دقلو” في بيان رسمي مساء أمس، قيادة تجمع المهنيين ورؤساء الأحزاب وقادة الشباب إلى فتح باب الحوار والتفاوض للوصول إلى حلول ترضي الشعب السوداني وتجنيب البلاد الانزلاق والفوضي.
بعد إعلان البيان العسكري، عبرت المعارضة السودانية عن رفضها للحكم العسكري وطالبت بتسليم السلطة لحكومة انتقالية مدنية، مؤكدة على مواصلة التظاهرات إلى حين تحقق مطالب الحراك الشعبي.
وأصدر تجمع المهنيين السودانيين “باسم قوى إعلان الحرية والتغيير”، قال فيه إن “سلطات النظام نفذت انقلابا عسكريا تعيد به إنتاج ذات الوجوه والمؤسسات التي ثار شعبنا العظيم عليها”.
وأضاف: “يسعى من دمروا البلاد وقتلوا شعبها أن يسرقوا كل قطرة دم وعرق سكبها الشعب السوداني العظيم في ثورته التي زلزلت عرش الطغيان”.
وأعلن التجمع رفض “ما ورد في بيان انقلابيي النظام هذا وندعو شعبنا العظيم للمحافظة على اعتصامه الباسل أمام مباني القيادة العامة للقوات المسلحة وفي بقية الأقاليم وللبقاء في الشوارع في كل مدن السودان مستمسكين بالميادين والطرقات التي حررناها عنوة واقتدارا حتى تسليم السلطة لحكومة انتقالية مدنية تعبر عن قوى الثورة. هذا هو القول الفصل وموعدنا الشوارع التي لا تخون”.
وعلى الصعيد الدولى، علقت الولايات المتحدة المحادثات مع السودان بشأن تطبيع العلاقات بين البلدين.
وامتنعت وزارة الخارجية الأمريكية عن إعلان ما حدث انقلابا، وقالت إنها تدعم الديمقراطية والسلام في السودان وتعتقد أنه ينبغي أن تكون الفترة الانتقالية المتاحة للشعب السوداني أقل من عامين.
وقال “روبرت بالادينو” المتحدث باسم الوزارة في مؤتمر صحفي، “ينبغي أن يقرر الشعب السوداني من يقوده في مستقبله”، مضيفا “الشعب السوداني كان واضحا في أنه يطالب بعملية انتقالية بقيادة مدنية. ينبغي السماح له بذلك في فترة أقل من عامين من الآن”.
كما دعا وزير الخارجية البريطاني “جيريمي هنت” إلى انتقال سريع إلى قيادة مدنية شاملة وممثلة للجميع. وأضاف في تغريدة على “تويتر” “أن مجلسا عسكريا يحكم لمدة عامين ليس الحل”.
طالبت المحكمة الجنائية الدولية السلطات السودانية بتسليم “البشير”، تنفيذا لقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي.
وقال المتحدث باسم المحكمة “فادي العبدلله”، “أن المحكمة لا تعلق حول الأوضاع الداخلية في أي بلد، أما “البشير” فقد أصدرت المحكمة أمرين بالقبض عليه ولا يزالان ساريي المفعول”.
أضاف أن المحكمة تطلب من السلطات السودانية التعاون في شأن هذه الأوامر، لتنفيذ قرار مجلس الأمن الذي ألزم السودان بالتعاون مع المحكمة.
يواجه البشير اتهامات من المحكمة الجنائية الدولية في “لاهاي”، وأصدرت أمرا باعتقاله لارتكابه جرائم حرب في منطقة دارفور بالسودان.
وذلك أثناء تمرد بدأ في عام 2003 وأودى بحياة ما يقدر بنحو 300 ألف شخص.
وعلقت “جيهان هنري” المديرة المشاركة لقسم أفريقيا في منظمة “هيومن رايتس ووتش”، قائلة “أنه يجب ألا يضطر ضحايا أخطر الجرائم، التي ارتكبت في دارفور، للانتظار أكثر من ذلك لتحقيق العدالة”.
بدأت المظاهرات في السودان منذ ديسمبر/ كانون الأول، تفجرت بسبب رفع الحكومية لأسعار الخبز والوقود وتدهور الوضع الاقتصادي، وتطورت طلبات المحتجين بعد تعامل البشير بعنف أمنى معهم، للإطاحة به.
تصاعدت الأزمة الأخيرة في مطلع هذا الأسبوع، بعدما بدأ آلاف المحتجين الاعتصام أمام مجمع وزارة الدفاع حيث مقر إقامة البشير.
ويذكر أن وزير الدفاع السوداني “بن عوف” تلا أمس الخميس البيان الأول للجيش، معلنا اقتلاع النظام والتحفظ على الرئيس ” البشير” في مكان آمن.
كما أعلن “بن عوف” تعطيل الدستور وإعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر وتشكيل مجلس عسكري لإدارة شؤون البلاد لفترة انتقالية مدتها عامان تجرى في نهايتها انتخابات.
اضف تعليقا