عادة ما تلجأ الدول إلى بناء عواصم جديدة، كل على حسب احتياجاته، فبعض الدول تهرب من الظواهر الطبيعية، وبعضها هدفها التطور ومجاراة الدول المتقدمة، أما البعض الآخر فله مآرب سياسية من هذه الخطوة.
فعلى سبيل المثال تبني مصر عاصمةً من الصفر، وإندونيسيا أعلنت أنها ستنقل عاصمتها، والفلبين بدأت ببناء مدينة «احتياطية جديدة» لتكون عاصمة لها، وكوريا الجنوبية على نفس المنوال، فما الذي يدفع الدول لبناء عواصم جديدة؟
لماذا تبني مصر عاصمة جديدة؟
بدأت أعمال البناء في مصر لإنشاء «العاصمة الإدارية» الجديدة، وعند اكتمالها ستحتلُ مساحة 700 كيلومتر مربع، أي ما يعادل مساحة سنغافورة.
السبب المعلن لإنشاء هذه العاصمة يعود إلى تخفيف الضغط عن القاهرة المزدحمة، واستبدال العاصمة الحالية بمدينة ذكية في الصحراء بشوارع واسعة، وصفوف من المباني الشاهقة، وإسكان فاخر، ومساحات خضراء.
قد يكون ذلك هو أحد الأسباب، لكن ثمة سبب خفي قد يكون وراء خطوة القاهرة، على غرار ما جرى إبان ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، حيث اعتصم عدد كبير من المصريين في ميدان التحرير، مما تسبَّب في شلِّ مفاصل الدولة، لوجود المؤسسات الحكومية الرسمية في هذا الميدان، وهو ما أسهم في سقوط نظام الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك.
لكن مع العاصمة الإدارية الجديدة قد تهرب السلطات المصرية من تكرار سيناريو يناير، فوجود المؤسسات الحكومية الرئيسية بمكان بعيد عن التجمعات السكنية، يجعلها في مأمن من حراك مستقبلي، داخل القاهرة، ويجعلها مستمرة في العمل.
يعلق موقع موقع Quartz الأمريكي، على هذه الخطوة: «ليس مؤكداً ما إذا كان الناس العاديون يستطيعون بالفعل الانتقال إلى هناك. كما أنه من غير المعروف في الوقت الحالي كم سيكلف المشروع، وكيف ستدفع مصر تكلفته، وماذا سيحدث للقاهرة عندما تترسخ العاصمة الجديدة».
يُذكر أنه في الوقت الذي توقفت فيه المحادثات بين مصر وشركة «China Fortune Land Development»، لتطوير المدينة الجديدة بقيمة 20 مليار دولار أواخر عام 2018، وافق البنك الصناعي التجاري الصيني المملوك للدولة، على إقراض مصر 3 مليارات دولار لتطوير منطقة أعمال مركزية في العاصمة الجديدة.
جاكرتا تغرق، وهو سبب كاف للتفكير بنقل العاصمة لمكان آخر
يوم الإثنين الـ29 من أبريل/نيسان 2019، أعلنت إندونيسيا أنها ستنقل العاصمة خارج جزيرة جاوة، الجزيرة الرئيسية في البلاد. وطلب الرئيس جوكو ويدودو، الذي ضمن، بحسب ما تظهر النتائج الأولية فترة رئاسية ثانية، من وزرائه، وضعَ خطط للمدن المرشحة في الأشهر القادمة.
السبب الرئيسي لهذا الإعلان هو أن جاكرتا تُعد واحدةً من أسرع المدن غرقاً في العالم، وهذا وحده سبب كافٍ للتفكير في تغيير مكان العاصمة الإندونيسية، إلى منطقة أقل عرضةً للفيضانات في البلاد، بالإضافة إلى أنها واحدة من أعلى مدن العالم اكتظاظاً بالسكان، وفيها أسوأ تلوث للهواء بجنوب آسيا، وهو ما يجعل قضية العاصمة الجديدة أشدَّ إلحاحاً.
ووفقاً لصحيفة Jakarta Post، فإن وزير التخطيط بامبانج بروجونيجورو حدَّد ثلاث مدن بديلة محتملة للعاصمة الحالية.
قد تُبقي الحكومة جاكرتا عاصمة للبلاد، مع نقل المكاتب الحكومية إلى منطقة خاصة قرب القصر الرئاسي على بعد 30 ميلاً خارج المدينة. أو قد تنشئ عاصمة جديدة على بعد 30 أو 40 ميلاً من جاكرتا. لكن بسبب أن كلا الخيارين لا يعالج مشكلة اكتظاظ جاوة بالسكان، فإن الحكومة استقرَّت في النهاية على الخيار الثالث: نقل العاصمة الجديدة خارج جاوة كلها، لكن لم يُستقر على المكان الجديد.
مصر وإندونيسيا ليستا أولى الدول، هناك حكومات نقلت عواصمها منذ سنوات
تعاني العاصمة الفلبينية مانيلا من الفيضانات، وهذا هو السبب الذي جعل البلاد تبدأ بناء مدينة «احتياطية» جديدة، سمَّتها نيو كلارك سيتي، في حال ضربت مانيلا كارثة طبيعية.
أما في كوريا الجنوبية، فقد قررت الحكومة أن تكون مدينة سيجونغ العاصمة الإدارية الجديدة للبلاد.
وافتتحت كوريا الجنوبية العاصمة الجديدة عام 2012، وهو جزء من خطة يرجع تاريخها إلى عام 2002 لنقل الوظائف الرسمية من سيول.
منذ ذلك الحين أصبحت سيجونغ مدينة طفرات المواليد، ففيها أعلى معدل للخصوبة بين 17 مقاطعة ومدينة كورية، في بلد لديه معدل خصوبة منخفض بشكل قياسي بلغ 1.05 عام 2015، وهو الأدنى بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وتتوقع الحكومة أن يصل عدد سكان سيجونغ إلى 500 ألف بحلول عام 2030.
المصدر: عربي بوست
اضف تعليقا