توالت الأحداث في البحرين عقب الاتصال المفاجئ الذي أجراه رئيس الوزراء البحريني الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة، بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مطلع شهر رمضان الجاري، والذي أظهر انقسام مسؤولي البلاد في التعامل مع قضاياهم.

وبعد تملص المنامة من محاولة رئيس الوزراء التقارب مع قطر، التقى ملك البحرين حمد بن عيسى، يوم الأربعاء (8 مايو)، في قصر الصخير بالعاصمة المنامة كبار المسؤولين ورجال السلك الدبلوماسي بالمملكة، الذين قدموا لتهنئته بمناسبة شهر رمضان، في غياب لافت لرئيس الوزراء الذي اعتاد الحضور.

زيارة خاطفة للكويت

وفي الوقت الذي اختفى آل خليفة من تلك المناسبة الرسمية التي أقامها ملك البحرين، ظهر بشكل مفاجئ بعد ساعات من اللقاء في دولة الكويت، التي وصل إليها الخميس (9 مايو).

وقالت “وكالة الأنباء الكويتية” إن الأمير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح استقبل رئيس وزراء البحرين الأمير خليفة بن سلمان، عصر الخميس، في العاصمة الكويتية.

وذكرت “كونا” أن آل خليفة والوفد المرافق هنؤوا أمير الكويت بمناسبة حلول شهر رمضان، كما جرى خلال اللقاء “تبادل الأحاديث الودية والمشاعر الطيبة، في جو جسد روح الأخوة، وعمق العلاقات التاريخية الراسخة التي تربط قيادة دولة الكويت وشعبها بإخوانهم في مملكة البحرين الشقيقة، والسعي نحو دعم مسيرة التعاون الثنائي، وتعزيزها، وتنميتها بين البلدين الشقيقين في شتى المجالات”.

وذكرت أن آل خليفة غادر الكويت بعد زيارة قصيرة للبلاد، حيث كان في وداعه في مطار الكويت الدولي رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح وعدد من المسؤولين.

وتقود الكويت وساطة بين الدول الخليجية لحل الأزمة الخليجية التي اندلعت في يونيو 2017، بعدما قطعت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر وفرضت حصاراً عليها.

ملك البحرين: لا تغيير بالمواقف!

في اللقاء الرمضاني الذي عقده ملك البحرين في غياب رئيس وزرائه، أعلن بن عيسى أن موقف بلاده لم يتغير من حصار قطر، داعياً إياها إلى التوقف عما وصفه “بدعم وتمويل الإرهاب”، مجدداً التأكيد على تبعية مواقف المنامة للسعودية والإمارات.

وتابع آل خليفة، حسبما نقلته عنه وكالة “بنا” البحرينية الرسمية: “نؤكد في هذا الصدد على التزام مملكة البحرين بمواقفها الراسخة مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية، المتمثلة في اتخاذ كافة الخطوات والإجراءات (…) وأن تفي بالشروط التي تم الإعلان عنها ونصت عليها الاتفاقيات التي أبرمت في هذا الإطار، وكل ما تزامن معها من مطالب عادلة”.

وجاء رد الملك البحريني بعد يومين فقط من الاتصال المفاجئ الذي أجراه رئيس وزراء المملكة بأمير قطر، والذي قالت المنامة لاحقاً إنه لا يمثل موقفها الرسمي، وارتكز فقط على تبادل التهاني بمناسبة حلول شهر رمضان.

اللقاء الأخير قبل الاتصال

وكان آخر لقاء بين ملك البحرين ورئيس وزرائه في الـ6 من مايو، أول أيام شهر رمضان المبارك، قبل اتصال آل خليفة بأمير قطر بساعات.

وأظهرت صورة نشرتها الوكالة الرسمية في البحرين، الملك إلى جوار آل خليفة، وذكرت أنها خلال مأدبة إفطار أقيمت “بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك”.

وفي مساء يوم (6 مايو) نشرت وكالة الأنباء القطرية الرسمية “قنا” خبراً عن تلقِّي أمير قطر اتصالاً هاتفياً من رئيس وزراء البحرين، هو الأول من نوعه منذ بداية الأزمة الخليجية وحصار قطر عام 2017.

ولم تذكر الوكالة في خبرها المقتضب هل تطرق الاتصال الهاتفي إلى قضايا سياسية أم لا.

لكن البحرين تنصلت بشكل مفاجئ من ذلك الموقف، ونشرت وكالة أنباء البحرين الرسمية تصريحاً لوزير شؤون مجلس الوزراء البحريني، محمد المطوع، قال فيه إن ذلك لا يمثل موقف بلاده.

وقال المطوع: “إن الاتصال الذي جرى بين صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء وأمير دولة قطر لا يمثل الموقف الرسمي لمملكة البحرين”.

وأضاف: “كما لا يؤثر في التزام البحرين مع شقيقاتها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية حول تنفيذ دولة قطر ما التزمته في اتفاقيتي 2013 و2014 وما تبعها من مطالب عادلة”، بحسب تعبيره.

ولم تنشر الوكالة، التي تخصص قسماً لمتابعة أخبار رئيس الوزراء، أي خبر ضمن “البروتوكولات” الرسمية، عن اتصال آل خليفة بأمير قطر، واكتفت بنشر بيان مقتضب عن ديوان رئيس الوزراء البحريني يوضح فيه أسباب الاتصال، بقوله: “ارتكز فحواه على البعد الاجتماعي بتبادل التهاني بمناسبة شهر رمضان المبارك فقط”، وفق تعبيره.

انتقادات مبطنة

ويواجه آل خليفة انتقادات مبطنة لتقاربه مع رجل الدين الشيعي البحريني، عبد الله الغريفي.

فقد زار  رئيس الوزراء البحريني الغريفي في منزله، في 1 مايو الجاري، وقالت وسائل إعلام مقربة من الأخير إن آل خليفة أكد “تعزيز الوحدة الوطنية”، مشيرة إلى أن الغريفي أكد أن “كل هموم شعب البحرين ليست كبيرة على إرادة الملك ورئيس الوزراء وولي العهد”.

في حين قالت الوكالة الرسمية نقلاً عن ديوان رئيس الوزراء: إن الزيارة “كانت رداً على زيارة السيد الغريفي لتعزية سموه، كما أنها تأتي ضمن زيارات سموه للتواصل مع مختلف شرائح المجتمع”.

الانتقاد المبطن لزيارة المسؤول البحريني الرفيع جاءت على الوكالة ذاتها، الخميس (9 مايو)، حيث نشرت بياناً عن نواب بحرينيين أبدوا فيه استغرابهم “لما قام به بعض النواب مؤخراً بزيارة لمجلس السيد عبد الله الغريفي، مؤكدين أن الزيارات الأخوية- التي أشاروا إليها من قاموا بذلك- لا تتم مع من لا يحرك ساكناً في الدفاع عن أمن وأمان ومصلحة الوطن والمواطنين”.

ولم يشر البيان إلى رئيس الوزراء البحريني الذي زار أيضاً رجل الدين الشيعي، لكن الاتهامات شملت جميع من زاروا الغريفي.

ويعد آل خليفة، الذي يمسك بمنصبه منذ عام 1971، الرجل الأقوى والأكثر نفوذاً في البلاد، الذي تحاول الإمارات والسعودية تغييره.

وتعمل الإمارات على مساعدة الملك البحريني في تغيير رئيس الوزراء، بوليّ العهد الحالي سلمان بن حمد، أو ناصر بن حمد، الابن الرابع والأكثر حظوة لدى الملك حمد بن عيسى.

ولا يستبعد كثيرون أن يكون الدور الذي أدَّاه خليفة بن سلمان في قيادة أمور الحُكم واتخاذ القرارات الصعبة خلال اضطرابات 2011؛ قد أثار غيرة الملك حمد بن عيسى، وهو ما يفسر الخلافات القائمة بين الطرفين.