نددت دول عدة بالهجمات التي استهدفت سفنا تجارية قرب المياه الإقليمية للإمارات أمس الأحد، والتي لم تتضح على الفور تفاصيلها الكاملة والجهة المسؤولة عنها، في حين دعت إيران إلى إجراء تحقيق في الأمر وحذرت من مؤامرات محتملة لزعزعة استقرار المنطقة.

وأعلن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، أن ناقلتي نفط سعوديتين من بين السفن المتضررة بالهجمات.

وقالت خارجية المملكة في بيان إن الهجمات تشكل “تهديدا خطيرا لأمن وسلامة حركة الملاحة البحرية والأمن الإقليمي والدولي”.

وقالت شركة توم لإدارة السفن إن هيكل ناقلة منتجات مسجلة في النرويج لحقت به أضرار جراء جسم غير معروف قبالة ساحل ميناء الفجيرة في الإمارات يوم الأحد.

وأضافت في بيان ”ربان الناقلة أندريا فيكتوري أبلغ بأن الطاقم لم تلحق به أضرار ولكن هناك فتحة في منطقة من بدن السفينة ناحية الخزان الخلفي. الناقلة ليست معرضة لخطر الغرق“.

من جهة أخرى، ندد مجلس التعاون الخليجي بـ “العمليات التخريبية” وقال الأمين العام عبد اللطيف الزياني في بيان صدر أمس “مثل هذه الممارسات غير المسؤولة من شأنها أن تزيد من درجة التوتر والصراع في المنطقة وتعرض مصالح شعوبها لخطر جسيم”.

وفي السياق ذاته، أعلنت الخارجية المصرية أنها تدين كل ما من شأنه المساس بالأمن القومي الإماراتي. وأكد بيان الوزارة “تتضامن مصر حكومة وشعبا مع حكومة وشعب الإمارات الشقيقة في مواجهة كافة التحديات التي قد تواجهها”.

وفي الأردن أكد المتحدث باسم الخارجية موقف بلاده “الثابت والرافض لأي عمل إجرامي يهدد أمن وسلامة حركة الملاحة البحرية في الخليج العربي أيا كان مصدره”.

وأكد البيان الأردني “وقوف المملكة إلى جانب الأشقاء في الإمارات في التصدي لأي محاولة تستهدف أمنها واستقرارها”.

من جانبها، وصفت إيران تلك الهجمات بـ “المقلقة” وألمحت إلى أنها قد تكون “مؤامرة” من أطراف خارجية.

وقال المتحدث باسم الخارجية عباس موسوي في بيان “الأحداث في بحر عُمان مقلقة ومؤسفة”.

ودعا المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إلى إجراء تحقيق لمعرفة الملابسات، محذرا من “مغامرة لاعبين خارجيين” لعرقلة أمن الملاحة، ومن “مؤامرات الحاقدين لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة”.

في السياق نفسه، قال رئيس لجنة الأمن القومي بالبرلمان حشمت الله فلاحت بيشه “انفجارات الفجيرة قد تكون من صنع طرف ثالث بهدف ضرب الأمن في منطقة حساسة”. وعبّر عن إدانته للحادثة مطالبا بتحديد هوية من يقف وراء هذا “الفعل التخريبي”.

وقال فلاحت بيشه إن الولايات المتحدة وإيران قادرتان على إدارة الأزمة، لكن يمكن لطرف ثالث أن يخلط الأوراق أمنيا، وأضاف أنه إذا تحولت مياه جنوب الخليج إلى منطقة عسكرية فإن دول تلك المنطقة أول من سيتأذى.

وكانت الخارجية الإماراتية قالت أمس في بيان إن أربع سفن تجارية من جنسيات مختلفة تعرضت “لعمليات تخريبية” قرب إمارة الفجيرة، في المياه الاقتصادية الإماراتية، مضيفة أنه لم تقع خسائر بشرية.

ولم تذكر أي تفاصيل عن طبيعة التخريب ولم تتهم أي جهة بالمسؤولية عن تنفيذ تلك العمليات، لكنها قالت إن التحقيق جار بشأن ظروف الحادث بالتعاون مع الجهات المحلية والدولية.

وفي تحليل للهجمات التخريبية، استبعد المستشار السابق في مركز أبحاث الكونغرس كينيث كوتزمان أن تكون إيران هي المسؤولة عن عمليات الفجيرة، لأنها تحاول التخفيف من التصعيد في المنطقة، بينما تسعى أميركا للمزيد من التوتر في المنطقة.

وقال كوتزمان في تصريحات تلفزيونية، إن من مصلحة الإمارات تهويل الحادثة والمبالغة فيها، لتبرر أية تدخلات عسكرية مستقبلية.

وذكر في السياق ذاته أن واشنطن لها هذه القدرة على عدم الانزلاق في حروب بالمنطقة، خاصة أن الرئيس دونالد ترامب اعتمد في حملته الانتخابية على وعود بعدم الانخراط في حرب بالشرق الأوسط وانسحاب جنوده من العراق وأفغانستان، وعدم الانخراط في الحرب بسوريا، مؤكدا بذلك عدم الانخراط في صراع جديد بالمنطقة.

في المقابل رأى المستشار السياسي السابق بمجلس الأمة الكويتي عبد الله الشايحي أنه لا يمكن فصل عمليات الفجيرة عن التوتر الحاصل في المنطقة، معتبرا أن إيران بارعة فيما أسماها الحروب غير المتناظرة أو المتماثلة التي من شأنها التأثير على من تستهدفهم طهران.

وأشار الشايحي إلى الأهمية الكبرى التي يتمتع بها ميناء الفجيرة، لأنه يعد طريقا بديلا لمضيق هرمز، واعتبر في الوقت ذاته أن الجهة التي قامت بالعمليات تقرب “عود الثقاب من برميل البارود”، لأنه يُحتمل أن يكون سببا لاندلاع حروب عسكرية.

من جهته، ذهب الدبلوماسي الإيراني السابق صباح زنغنة إلى وجود جهات أخرى تحاول الاستفادة من التوتر الحاصل بين إيران وأميركا.

وأكد أن إيران دائما تطالب بالحوار وضرورة الحفاظ على الأمن بمنظومة إقليمية تستطيع من خلالها قطع جميع الاحتمالات أمام أي جهة تحاول الاستفادة من تعكير الاستقرار في المنطقة.

وأكد زنغنة أن إيران لا يمكنها العبث بالأمن الإقليمي الذي يهمها ويهم حلفاءها، مشيرا إلى أن طهران لديها من الحزم والحيطة حتى لا تدخل في تطوير الأزمات والتوتر، بل تدعو إلى الصفاء وتمتين العلاقات وإيجاد منظومة دبلوماسية للسيطرة على الأحداث، بدل ما وصفه “بإطلاق النار على أقدامها”.