يومان فقط كان الأمد بين تحذير أمريكي صادر من الإدارة البحرية الأمريكية لسفن الشحن التجاري، بأنها ستكون في خطر مصدره إيران ووكلاؤها، ووقوع تفجيرات استهدفت سفناً في مياه الخليج العربي؛ لتحوم الشكوك حول طهران؛ في حين وجهت الأخيرة أصابع الاتهام لـ”طرف ثالث”.
التحذير الأمريكي صدر يوم الجمعة (10 مايو الجاري)؛ مع تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران، وبعد تقارير استخباراتية أمريكية أظهرت أن إيران نشرت صواريخ عابرة قصيرة المدى على قوارب في الخليج العربي.
وجاء في التحذير أن “ثمة خطراً متزايداً منذ مطلع شهر مايو من احتمال شن إيران أو وكلائها هجمات ضد مصالح أمريكا وشركائها بما فيها البنية التحتية لإنتاج النفط”.
التحذير أضاف أن إيران وبعد تهديدها بإغلاق مضيق هرمز “قد تستهدف سفناً تجارية، بما فيها ناقلات نفط، أو سفناً حربية في البحر الأحمر أو مضيق باب المندب أو الخليج”.
وفي وقت سابق، تحدثت القوات البحرية الأمريكية في الشرق الأوسط عن أن تهديدات من قبل إيران لن تمنعها من إرسال حاملة طائرات عبر مضيق هرمز إذا اقتضت الحاجة.
لكن في صباح الأحد (12 مايو الجاري) أكدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في الإمارات أن أربع سفن شحن تجارية مدنية من عدة جنسيات، تعرضت لعمليات تخريبية بالقرب من المياه الإقليمية للدولة، باتجاه الساحل الشرقي بالقرب من إمارة الفجيرة وبالقرب من المياه الإقليمية وفي المياه الاقتصادية للإمارات.
سفينتان من بين السفن الأربع التي تعرضت لعمليات تخريب تعود للسعودية، التي اعترفت في بيان لوزير النفط فيها، خالد الفالح، بتعرض السفينتين لهجمات وهما في طريقهما لعبور الخليج العربي في المياه الاقتصادية لدولة الإمارات.
وأرسلت الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة، حاملة الطائرات “أبراهام لينكولن” إلى الشرق الأوسط، بالإضافة إلى قاذفات من طراز “بي-52”. وقررت في وقت لاحق، إرسال السفينة الحربية “أرلينغتون” إلى المنطقة.
كما أقرت السعودية، الثلاثاء، بحدوث استهداف محدود لمحطتي ضخ تابعتين لشركة أرامكو في منطقة العاصمة الرياض، بعد ساعات من إعلان الحوثيين تنفيذ عملية عسكرية كبرى طالت أهدافاً سعودية، وهو ما لم يحدث بهذا الحجم طيلة مدة الحرب بين الطرفين.
وأكد مصدر عسكري حوثي لموقع “المسيرة.نت” التابع للحوثيين، أن 7 طائرات مسيَّرة نفذت هجمات طالت منشآت حيوية سعودية، “رداً على استمرار العدوان والحصار على أبناء شعبنا”، وفق تعبيره.
إيران تحذر من “المتآمرين”
أول تعليق رسمي من قبل طهران حول استهداف السفن الأربع في مياه الخليج العربي، جاء في اليوم التالي للحادث، حيث وصف الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سيد عباس موسوي، استهداف السفن بالباعث على “القلق والأسف”، داعياً إلى “التحقيق وتوضيح الأبعاد الدقيقة للحادث”.
موسوي حذّر من أي محاولة ضارة من قبل “المتآمرين” لتقويض الاستقرار والأمن في المنطقة، مطالباً “دول المنطقة بأن تكون في حالة تأهب لأي مغامرة من قبل عملاء أجانب”.
من جانبه فإن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، استغل حادثة استهداف السفن ليزيد من حدة تهديداته لإيران.
وقال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض، في يوم الحادث: إن الولايات المتحدة “سترى ما سيحدث مع إيران لكن إن حاولت فعل أي شيء فسيكون ذلك خطأً كبيراً”.
وتابع الرئيس الأمريكي قائلاً: “إذا عمدوا إلى فعل أي شيء فسيكون ذلك خطأ فادحاً، أسمع بعض القصص عن إيران، وإذا قاموا بأي فعل فسيعانون بشكل كبير”.
هل تريد أمريكا الحرب؟
قبيل تصريحات ترامب، أطلع وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، مسؤولي حلف شمال الأطلسي على معلومات تتعلق بالتهديدات الإيرانية خلال اجتماع عقد في بروكسل.
من جانبه أكد المبعوث الأمريكي الخاص بإيران، بريان هوك، عزم واشنطن على التصدي لأنشطة إيران، قائلاً: إن طهران “لا تفهم سوى الضغط الاقتصادي والعزلة الدبلوماسية”.
وأضاف: “لقد انتهى عهد تهرب إيران من المسؤولية عن الهجمات”، مضيفاً أنه لا يمكن أن تقوم طهران بتنظيم وتدريب وتجهيز الوكلاء ثم تتوقع أن يجري غض الطرف عمَّا تقوم به.
وأورد المبعوث الأمريكي: “نحن ملتزمون باستراتيجية تجاه إيران تتمتع بأفضل فرص إزالة التهديدات التي نراها تمتد من لبنان إلى اليمن”.
في اليوم نفسه أيضاً، أي بعد يوم من الحادث، أجرت مقاتلات أمريكية “طلعات ردع فوق الخليج العربي”، موجهة ضد إيران.
وقال المتحدث باسم قيادة القوات المركزية الأمريكية، العقيد بيل أوربان، إن طائرات سلاح الجو الأمريكي نفذت “طلعات ردع” ضد إيران، لحماية المصالح الأمريكية.
ونقلت وكالة “الأناضول” عن أوربان قوله إن الطلعات تهدف إلى “ردع العدوان وإثبات الوجود الأمريكي، إضافة إلى الدفاع عن الوجود الأمريكي في المنطقة”.
أوربان لفت النظر إلى أن الطلعات جرى تنفيذها بواسطة مقاتلات (F-15) و(F-35)، تم نشرها للدفاع عن القوات الأمريكية ومصالحها.
لكن طهران لم تستسلم لأن تكون متهماً رئيسياً في هذه التفجيرات، بل واصلت تهديداتها معلنة قدرتها على إيقاع خسائر بالقوة الأمريكية في حال نشوب أي هجوم يستهدفها.
قائد البحرية الإيرانية، الأميرال حسين خانزادي، قال إن أيادي الإيرانيين على الزناد، وصبرهم استراتيجي، ومستعدون لكل الاحتمالات.
وأكد خانزادي في تصريحات صحفية، الاثنين (13 مايو الجاري)، أن “الحضور الأمريكي بالمنطقة استعراضي وبلا فائدة، ووصل إلى نهايته بالمياه الخليجية، وعليهم مغادرة المنطقة”، مشيراً إلى أن إرسال حاملة الطائرات الأمريكية إلى المنطقة هدفه “تضخيم شبح الحرب”.
وأضاف مخاطباً دول الخليج أن إيران تمدّ يدها لجيرانها بهدف ترسيخ تعاون إقليمي يحفظ المنطقة من الدمار.
واشنطن تتهم طهران
الثلاثاء (14 مايو) نقلت “وكالة أسوشييتد برس” عن مسؤول أمريكي قوله: “إن تقييماً أولياً لفريق عسكري أمريكي يشير إلى أن إيرانيين أو مجموعات تدعمها إيران استخدموا متفجرات لإحداث أضرار بسفن في الخليج”.
وأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، بحسب الوكالة الأمريكية: إن “الفريق الأمريكي يرى أن الثقوب ناجمة عن عبوات ناسفة، وطول الثقب يتراوح بين 5 و10 أقدام، بالقرب من مستوى المياه أو أسفله مباشرة”.
وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية: إن التقييم الأوّلي “يرجح وقوف إيران وراء الهجوم الذي تعرضت له أربع سفن شحن في الخليج، لكنه ليس تقييماً نهائياً بعد”.
وكان مسؤول أمريكي قال إن الجيش يساعد في التحقيقات المتعلقة باستهداف السفن قبالة إمارة الفجيرة، بناء على طلب من الإمارات، بحسب “رويترز”.
في هذا السياق قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى إيران، برايان هوك، إن بلاده سعيدة بتقديم المساعدة التي طلبها الإماراتيون لإجراء التحقيقات، مضيفاً: إن “سياستنا الخارجية تسعى إلى إزالة كل القوات الخاضعة لسيطرة إيران من سوريا”.
صور الأقمار الصناعية تثير الاستغراب
المثير للاستغراب أن صوراً التقطتها أقمار صناعية أظهرت عدم وجود أي ضرر ظاهر في ناقلات النفط التي تعرضت للهجوم.
وأفادت وكالة “أسوشييتد برس”، بعد اطلاعها على الصور، بعدم وجود أي أضرار في السفن التي تعرضت لـ”التخريب” بميناء الفجيرة الإماراتي.
الوكالة قالت، الثلاثاء (14 مايو): إن “تفاصيل التخريب المزعوم بناقلتي نفط سعوديتين، وناقلة نرويجية وأخرى إماراتية، يوم الأحد، ما تزال غامضة، ورفض مسؤولون خليجيون تحديد الجهة التي يشتبهون في قيامها بالتخريب”.
وتابعت: إن “ذلك يُظهر المخاطر المتصاعدة التي تواجهها السفن في منطقة حيوية لإمدادات الطاقة العالمية، في حين تتصاعد التوترات بين واشنطن وطهران حول الاتفاق النووي المبرم مع قوى عالمية”.
وشوهدت الناقلتان السعوديتان عبر صور بالأقمار الصناعية، بحسب “أسوشييتد برس”، التي قالت إنها حصلت عليها من شركة “ماكسار تكنولوجيز”، ومقرها كولورادو.
وشوهد حاجز عائم حول ناقلة النفط الإماراتية “إيه. ميشيل”؛ ما يشير إلى احتمال حدوث تسرب نفطي.
أما السفن الثلاث الأخرى فلم تظهر بها أي أضرار كبيرة واضحة على السطح.
اضف تعليقا