قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية إنّ كارثة إنسانية جديدة تلوح في الأفق بسوريا؛ في حال بدأ النظام السوري وداعموه، روسيا وإيران، هجوماً على إدلب التي تضم نحو 3 ملايين شخص وما زالت في قبضة المعارضة المسلحة.
وأوضحت الصحيفة في افتتاحيتها أنه، في أواخر الشهر الماضي، تهمشت الهدنة الهشة التي تحكم المنطقة عندما شن نظام بشار الأسد هجوماً جديداً بالتنسيق مع القوات الجوية الروسية، حيث سقطت القنابل على المنازل والمستشفيات ومحلات المواد الغذائية، بحسب ما أوردته الأمم المتحدة، ما أدى إلى فرار نحو 150 ألف شخص شمالاً باتجاه الحدود السورية مع تركيا.
وتضيف الصحيفة، أنّ الهجوم المرتقب الذي تعتزم قوات الأسد شنه على إدلب يهدد بكارثة إنسانية أكبر من أي كارثة سابقة في سوريا؛ حيث إن عشرات الآلاف من المدنيين في إدلب هم من اللاجئين الذين هُجروا من مناطق أخرى في البلاد بعد أن نُقلوا إلى هناك بموجب صفقات استسلام لمناطق كانت بيد المعارضة السورية.
وتابعت “واشنطن بوست” أنّ محاولة استعادة إدلب بالقوة ستؤدي إلى موجة جديدة وهائلة من اللاجئين يمكن أن تُغرق تركيا، وربما تصل إلى أوروبا التي لا تزال تعاني من هزات سياسية ناجمة عن وصول أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين عام 2015.
وعلى الرغم من تلك المخاطر، تقول الصحيفة، فإن استجابة إدارة ترامب لها بطيئة، بل إنها صامتة في كثير من الأحيان حيال ما يجري، فلم يقل ترامب شيئاً عن الأزمة الجديدة، وعندما أثار وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، الموضوع مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، خلال اللقاء الذي جمعه به في موسكو قبل أيام، قيل له: إنّ “أهداف روسيا محدودة وتشمل توسيع المنطقة العازلة لحماية قاعدة جوية روسية أصبحت تحت وابل هجمات المعارضة”.
وقال المسؤولون الأمريكيون إنّ هناك هدوءاً في جبهات القتال، لكن تاريخ الصراع في سوريا يقدم درسين واضحين؛ الأول هو أن نظام الأسد يسعى لاستعادة السيطرة على كامل أراضي البلاد بالقوة بغض النظر عن تكلفة ذلك، كما أن التجارب أثبتت أن تأكيدات الروس للمبعوثين الأمريكيين لا قيمة لها.
وأكّدت الصحيفة أن الهجوم على إدلب ينتهك أيضاً الصفقة الروسية التي وقعت مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، العام الماضي، التي حالت دون وقوع معركة شاملة في إدلب، فلقد اتفق الطرفان على إقامة منطقة عازلة بعد استبعاد الجماعات الإسلامية المعارضة منها، وقامت تركيا بواجبها في ظل الاتفاق، لكنها فشلت في نزع سلاح المسلحين أو طردهم، ومن ضمن ذلك جبهة تحرير الشام التي تهيمن على إدلب.
وفي حين أنه تجب معالجة الخطر الذي تشكله تلك الجماعات الجهادية، فإن الحل العسكري الذي يقوده الأسد والقوات الروسية لا يمكن تصوره، خاصة في ظل التكتيكات المعهودة لكليهما، والتي تتمثل في قصف البنية التحتية؛ مثل المستشفيات، في محاولة متعمدة لإطلاق هجرة جماعية جديدة، بحسب الصحيفة.
وترى الصحيفة أنّ روسيا والأمم المتحدة تسعيان للتوسط من أجل تسوية سياسية في عموم سوريا، لكنهما محبطتان بسبب رفض نظام الأسد وداعميه الإيرانيين لفكرة تقاسم السلطة مع القوى التي تمثل الأغلبية السنية في سوريا.
وأكّدت أنه لا وجود لسلام دائم في سوريا ما لم تكسر الروابط التي تربط روسيا وإيران بنظام الأسد، فالولايات المتحدة لا تستطيع فرض هذا التغيير، لكنها يمكن أن تصر على منع أي هجوم آخر على إدلب، كما يجب على واشنطن أن تضع ذلك في جدول أعمال القمة التي ستجمع ترامب بنظيره الروسي في اليابان، الشهر المقبل.
اضف تعليقا