على الرغم من حماستها الكبيرة لاندلاع مواجهة بين الولايات المتحدة وإيران تسهم في إسدال الستار على البرنامج النووي الإيراني، إلا أن القيادة الإسرائيلية تبدو حريصة على عدم إظهار هذه الحماسة، خشية أن تقوم أوساط أمريكية بتحميل تل أبيب المسؤولية عن أية خسائر تتعرض لها واشنطن من جراء هذه المواجهة.

وأكدت أوساط إسرائيلية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يخشى أن يحمّله الرأي العام والنخب السياسية في الولايات المتحدة المسؤولية عن الخسائر التي قد تتعرض لها الولايات المتحدة، في أعقاب اندلاع مواجهة عسكرية مع إيران.

وقال المعلق الإسرائيلي بن كاسبيت، اليوم السبت، إن نتنياهو أصدر تعليماته لوزرائه وكبار المسؤولين السياسيين والعسكريين بعدم إصدار أية تصريحات يُستشف منها أنها تمثل حماسة لنشوب هذه المواجهة.

 

وفي تحليل نشرته النسخة العبرية لموقع “المونتور”

لفت كاسبيت الأنظار إلى أن نتنياهو يعي تماماً أن الكثيرين في الغرب اتهموه بتوريط الولايات المتحدة في غزو العراق واحتلاله.

وأعاد كاسبيت إلى الأذهان حقيقة أنه قبيل إقدام الولايات المتحدة على غزو العراق عام 2003 توجه نتنياهو إلى واشنطن وأدلى بإفادة أمام إحدى لجان الكونغرس ادعى فيها أن إسقاط نظام صدام حسين يكتسب أهمية كبيرة، لأن هذا النظام يعمل على تمكين العراق من الحصول على سلاح نووي، وأن التخلص من النظام العراقي سيفضي إلى استقرار المنطقة.

وأضاف: “لقد أثبتت الوقائع أن تحذيرات نتنياهو من نظام صدام حسين لم تكن في مكانها، حيث تبيّن أن هذا النظام لم يكن يسعى لإنتاج سلاح نووي، في حين أن إسقاط النظام أفضى إلى المسّ باستقرار المنطقة وتهديد المصالح الغربية بشكل كبير”.

ونقل كاسبيت عن مسؤول أمني إسرائيلي سبق أن عمل تحت إمرة نتنياهو، قوله: “لا شك في أن نتنياهو يبتهل في الغرف المغلقة ويتمنى أن يتمكن جون بولتون، مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، المعروف بحماسته الشديدة لشن حرب على طهران، من إقناع ترامب بتوجيه ضربة قاصمة للنظام الإيراني”.

واستدرك قائلاً إنه “على الرغم من أن نتنياهو معنيّ بإبعاد إسرائيل عن المواجهة مع إيران، إلا أنه قد لا ينجح في ذلك في النهاية، بحيث قد تجد إسرائيل نفسها متورطة في هذا الصراع، على اعتبار أن إيران يمكن أن تشرع في استهداف تل أبيب مباشرة مع بدء أية مواجهة عسكرية محتملة مع واشنطن”.

ونقل كاسبيت عن مصدر عسكري إسرائيلي كبير قوله: “للإيرانيين حساب طويل معنا، فجيشنا هو الجيش الغربي الوحيد الذي خاض مواجهات مباشرة مع الحرس الثوري الإيراني، الذي تعرّض لهجمات كثيرة نفّذتها إسرائيل داخل سورية، وهم بالتالي يتحيّنون الفرصة للرد والانتقام”.

وأضاف المصدر أن تل أبيب تراهن على قوة ردعها، وإدراك طهران أن القدرات العسكرية الإسرائيلية أكبر حتى من تلك التي تتمتع بها الولايات المتحدة في المنطقة “بالتالي نأمل أن يراعي الإيرانيون هذه الحقائق قبيل اتخاذهم قرارا بشأن التصعيد ضدنا”.

وأشار إلى أن الإيرانيين يحاولون ردع ترامب، من خلال إقناعه بأن المواجهة مع طهران تختلف تماماً عن المواجه مع نظام صدام حسين.

ونقل كاسبيت عن مصدر سياسي كبير قوله إنه، وفق التقديرات الاستخبارية التي اضطلع عليها نتنياهو خلال اجتماع أمني عقده، وشارك فيه رئيس هيئة الأركان أفيفكوخافي ورئيس جهاز الموساد يوسي كوهين وقيادات عسكرية كبيرة أخرى، للتباحث حول مستقبل المواجهة المتصاعدة بين إيران والولايات المتحدة؛ فإن التفجيرات التي استهدفت ناقلات النفط في ميناء “الفجيرة” الإماراتي هدفت فقط إلى إرسال رسائل إلى الولايات المتحدة وحلفائها، مفادها أن طهران قادرة على تعطيل إمدادات النفط من الخليج للعالم.

وأشار المعلق الإسرائيلي إلى أن القيادة الإسرائيلية تتخوف من إمكانية أن يتراجع ترامب أمام إيران، لأنه غير معني بمواجهة مع طهران، مما يمكنها من تطوير مشروعها النووي.

من ناحية ثانية

حذّر معلق الشؤون الأميركية في صحيفة “هآرتس”، حامي شليف، من التداعيات الاستراتيجية التي يمكن أن تنعكس سلباً على مصالح إسرائيل في حال اندلعت مواجهة بين الولايات المتحدة وإيران.

وفي تحليل نشره موقع الصحيفة اليوم، قال شليف إنه في حال انفجرت مواجهة عسكرية بين واشنطن وطهران وأسفرت عن مقتل جنود أميركيين، فإن الأوساط الديموقراطية ستحمّل إسرائيل جزءا من المسؤولية عن ذلك، وذلك بفعل حماس نتنياهو لهذه المواجهة وتحريضه ترامب عليها.

ولم يستبعد المعلق الإسرائيلي أن يصل ترامب نفسه في أعقاب هذه المواجهة إلى استنتاج مفاده أن مراعاة مواقف نتنياهو في الأزمة مع إيران تضر بالمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، مما قد يدفعه إلى فك الارتباط مع حكومة اليمين في تل أبيب