تشهد البحرين حملة تضامنية كبيرة تأييداً لرئيس وزرائها، الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، ضد الحملات التي تشن ضده وتحاول النيل منه، على خلفية اتصاله بأمير قطر، وزيارته لأكبر مرجعية شيعية بالبلاد.
وجاءت الحملة بالتزامن مع حملة قمع واعتقالات يمارسها النظام في البحرين، تستهدف أنصار خليفة بن سلمان، كان آخرها اعتقال المحامي عبد الله هاشم، أحد المقربين منه.
وكانت الموجة الأولى من الحملة المناوئة لرئيس الوزراء البحريني قد بدأت في أعقاب الاتصال الهاتفي الذي أجراه مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في (6 مايو)، لتهنئته بشهر رمضان المبارك، والذي يعد الاتصال الأول من نوعه منذ بداية الأزمة الخليجية وحصار قطر عام 2017.
وانطلقت في البحرين الحملة التضامنية تأييداً لرئيس وزرائها ضد ما وُصفت بأنها “حملة قذرة” حاولت النيل من شخصه، على خلفية الاتصال والزيارة التي قام بها، في الوقت الذي دعم فيه السفير الأمريكي في المنامة خطوات خليفة بن سلمان.
ونشرت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تصريحات لشخصيات بحرينية من العائلة الحاكمة وغيرها، تؤيد رئيس الحكومة بن سلمان، بعد الهجوم الذي تعرض له.
في حين اعتبر الإعلامي البحريني حسن قنبر، أن رئيس الوزراء “تعرض للإهانة” بعد اتصاله بأمير قطر مهنئاً بحلول شهر رمضان المبارك
ويقول أنصار خليفة بن سلمان إن استهدافه سيزيد التصدع شرخاً في البحرين، ويحدث انقسامات اجتماعية خطيرة، ويمكن “أن تشهد بعض العوائل والبيوت مشاكل ونزاعات أسرية، سببها الرئيس وجود أنصار متضادين بين خليفة والملك حمد بن عيسى آل خليفة”
في حين جدد آخرون البيعة للأمير، متوعدين من وصفوهم بـ “الثلة الخبيثة المتحصنة بالدولة” بالقصاص، ومؤكدين أن الأمير سيبقى “تاجاً على رؤوس الكبير والصغير في العائلة” الحاكمة.
كما اختار مؤيدون للأمير خليفة بن سلمان تجديد الولاء والبيعة له محذرين من المساس بكيانه.
والتقى رئيس الوزراء البحريني، في 12 مايو، عدداً من أفراد العائلة المالكة، بالتزامن مع الحملة الموجهة ضده.
تنصل وهجوم حكومي
مطلع شهر مايو الجاري، كان رئيس الوزراء البحريني قد أكد خلال زيارته للمرجع الشيعي عبد الله الغريفي أن “المجتمع البحريني سيبقى أبد الدهر عصياً على كل محاولات الفرقة والانقسام”.
لكن ديوان رئيس الوزراء قال في توضيح إن زيارة آل خليفة “كانت رداً على زيارة الغريفي لتعزيته، وضمن زيارات الأمير للتواصل مع مختلف شرائح المجتمع”.
وقبلها بأيام خرجت وزارة الداخلية البحرينية بتصريحات مبطنة، تحدثت عن رجل الدين الشيعي الذي قالت إنه “يتعاطف مع ما اعتبره (أعمالاً إرهابية)”، مضيفة “أن مواقفه عكست قبولاً لهذه الأعمال”.
وأشارت الوزارة -في البيان الذي نقلته وكالة “أنباء البحرين” في 13 مايو – إلى أن من يتبنى أفكار تنظيمات مثل حزب الله والحرس الثوري الإيراني “يعرض نفسه للمساءلة.. ولا مكان لها في تطلعاتنا الوطنية المستقبلية”.
الانتقاد المبطن لزيارة المسؤول البحريني الرفيع جاءت على الوكالة ذاتها، الخميس (9 مايو)، حيث نشرت بياناً عن نواب بحرينيين أبدوا فيه استغرابهم “لما قام به بعض النواب مؤخراً بزيارة لمجلس السيد عبد الله الغريفي”، مؤكدين أن الزيارات الأخوية لا تتم مع من لا يحرك ساكناً في الدفاع عن أمن وأمان ومصلحة الوطن والمواطنين”.
ولم يشر البيان إلى رئيس الوزراء البحريني الذي زار أيضاً رجل الدين الشيعي، لكن الاتهامات شملت جميع من زاروا الغريفي.
كما تنصلت البحرين من اتصال رئيس وزرائها بأمير قطر، ونشرت “وكالة أنباء البحرين”، في 7 مايو، تصريحاً لوزير شؤون مجلس الوزراء البحريني محمد المطوع، قال فيه إن ذلك لا يمثل موقف بلاده.
“غيرة” الملك
ويبدو أن البحرين هذه المرة على موعد مع صراع يلوح في القصر الملكي؛ بين الملك من جهة، ورئيس الحكومة من جهة أخرى، قد يصل إلى الانقلاب على آل خليفة.
ولا يستبعد كثيرون أن يكون الدور الذي أدَّاه خليفة بن سلمان في قيادة أمور الحُكم، واتخاذ القرارات الصعبة خلال اضطرابات 2011؛ قد أثار غيرة الملك حمد بن عيسى.
وتساءل الناشط البحريني يوسف الجمري، عن مصير شعار “الشعب يريد خليفة بن سلمان”، الذي رفع في عام 2011 إبان الاحتجاجات التي شهدتها المنامة.
وأضاف الجمري: “بعد ٨ سنوات (….) كُتاب وصحفيون وإعلاميون وقبائل وتجمع الفاتح في انتظار المنتصر في معركة جناح الديوان ضد #خليفة_بن_سلمان لتقديم الولاء والطاعة”.
ورفع تلك الأصوات المحتجون الذين كانوا يطالبون بإسقاط نظام الملك حمد بن عيسى، وتمكن حينها رئيس الوزراء من تهدئة الأوضاع والتصالح مع الحكومة.
تضامن قطري
وأعلن رئيس الوزراء القطري السابق، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، تضامنه مع آل خليفة، في وجه الحملة التي يتعرض لها بعد اتصاله بأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لتهنئته بشهر رمضان المبارك.
وقال حمد بن جاسم، في سلسلة تغريدات نشرها على حسابه بموقع “تويتر”، في 18 مايو: “شهادة للتاريخ: صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان صاحب مواقف ثابتة، فهو لا يتلون بالصداقة أو بالعداء حسب الأجواء، ولكنه كان خصماً عنيداً دافع عن بلده في أثناء الخلاف بين قطر والبحرين بكل ما أُوتي من قوة، وهذا حقه ويُحترم لموقفه الوطني لبلاده”.
وأضاف آل ثاني: “عندما انتهى الخلاف كانت علاقاته مع قطر متوازنة وطبيعية دون اندفاع أو انكماش، ولكن كانت مواقفه في أثناء الخلاف وبعده تدل على الرصانة والثقة، وأذكر موقفه عندما مثَّل بلاده في القمة التي وُقِّع فيها على الاتفاق للذهاب للمحكمة، كان حازماً وعنيداً لصالح بلاده”.
وتابع: “أذكر هذا الموقف عندما رأيت هذه الزوبعة التي قطعاً لن تستفيد منها البحرين الشقيقة والتي أُثيرت في حق هذا الرجل، لأنه اتصل بأمير دولة شقيقة، تجمعهما كثير من أواصر القربى”.
الإمارات والسعودية
وتشير الأحداث الدائرة في البحرين إلى وجود خلافات بين العائلة الحاكمة، بين الطرف المؤيد للإمارات والسعودية، وبين الطرف الذي يرفض المقاطعة الخليجية لقطر.
ونقل موقع “الجزيرة نت” عن مصادر قولها إن البيانات التي صدرت من جهات حكومية بحرينية جاءت بعد ضغوط من الإمارات والسعودية.
وأضاف: “يرى هؤلاء أن المبادرات الأخيرة لرئيس الوزراء، ولا سيما اتصاله بأمير قطر، تكشف أنه لا يرى من المصلحة اصطفاف بلاده مع طرف خليجي ضد طرف آخر، ولا سيما في ظل التوتر المتزايد في المنطقة على خلفية التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران”.
وتعمل الإمارات على مساعدة الملك البحريني في استبدال رئيس الوزراء بوليّ العهد الحالي سلمان بن حمد، أو ناصر بن حمد، الابن الرابع والأكثر حظوة لدى الملك حمد بن عيسى.
كما أن حلفاء البحرين، وفي مقدمتهم السعودية، يعملون على الوقوف سداً منيعاً ضد أي من أجواء تخفيف القيود على المعارضين البحرينيين، بعكس ما يقوم به رئيس الوزراء البحريني، الذي قد تتسبب زيارته الأخيرة لرجل الدين الشيعي، بالإطاحة به.
اضف تعليقا