قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية إن الرئيس دونالد ترامب لا يسعى إلى خوض حرب مع إيران بقدر رغبته في الضغط عليها من أجل التوصل إلى اتفاق في عدة ملفات، مشيراً إلى أن مستشاري ترامب يحاولون أن يضغطوا من جانبهم على الرئيس للوصول إلى مرحلة المواجهة.
وذكر الكاتب الأمريكي جيرالد سي، في مقال له نشرته الصحيفة، أنه رغم حالة التصعيد غير المسبوقة بين إيران والولايات المتحدة، والتي شهدت انتشاراً أمريكياً في الخليج العربي هو الأكبر منذ غزو العراق عام 2003، فإن ترامب عاد وخفَّف من وطأة ذلك، عندما قال في تغريدة له إنه متأكد من أن إيران سوف تتحدث إليه قريباً.
الأحد الماضي، عاد ترامب من جديد ليُشعل الأجواء بتغريدة له، قال فيها إنه في حال رغبت إيران في القتال، فإن ذلك سيعني نهايتها، متسائلاً: “الأمر مُربك، ما الهدف من هذا التناقض؟ ما الذي يحاول ترامب أن يحققه من ذلك؟”.
يجيب جيرالد سي عن تساؤلاته بالقول، إنه من المؤكد أن ترامب لا يسعى إلى نزاع مسلح مع إيران؛ فلقد سبق أن سعى إلى تجنُّب مثل هذه النزاعات بالعراق وسوريا وأفغانستان وحتى مع كوريا الجنوبية، بل لم يتحرك عسكرياً في فنزويلا رغم أن الأمر كان مطروحاً.
في هذه الأثناء كان الرئيس ومستشاره وصهره جاريد كوشنر يبشِّران، الأحد الماضي، بمسار دبلوماسي في المنطقة بدلاً من المسار الحربي، حيث وضعا خطة لورشة اقتصادية تُعقد بالبحرين، الشهر المقبل، من أجل حل القضية الفلسطينية، وهي محاولة من إدارة ترامب لانتزاع مجموعة من الالتزامات المالية الدولية للفلسطينيين، باعتبار ذلك خطوة أولى نحو دفعهم إلى تقديم تنازلات دبلوماسية لإنهاء النزاع الطويل مع إسرائيل؛ ومن ثم فإن نجاح مثل هذه الخطوة سيكون معدوماً في حال نشب أي صراع مسلح مع إيران، ومن هنا يمكن القول إن الحرب ليست هي الهدف.
ويرى الكاتب أن ما يسعى إليه ترامب وفريقه هو استخدام العقوبات الاقتصادية من أجل مزيد من الضغوط غير المسبوقة على إيران، لتحقيق هدفين: الأول خنق إيران اقتصادياً، لزيادة وتيرة الضغط الشعبي على النظام، وهذه ليست استراتيجية تغيير صريحة لكنها قريبة من ذلك، وهي كانت واضحة منذ قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران الذي أبرمه سلفه باراك أوباما، فلقد أعاد ترامب بعدها العمل بمنظومة العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران.
إدارة ترامب تفعل أكثر من الضغط الاقتصادي على إيران، بحسب الكاتب، فهي جعلتها أكثر قسوة، حتى وصلت إلى مرحلة منع إيران من تصدير نفطها والوصول به إلى صفر صادرات، أعقبت ذلك سلسلةٌ من العقوبات التي استهدفت قطاع التعدين وإعلان الحرس الثوري “منظمة إرهابية”.
إن فكرة الاستياء الداخلي قد تؤدي إلى إسقاط النظام، فمساعدو ترامب يشيرون من وقت لآخر، إلى حالة التذمر الشعبي والاستياء؛ في محاولة منهم لتأكيد أن العقوبات بدأت تؤتي ثمارها.
الهدف الثاني الذي تسعى إليه إدارة ترامب من خلال تكثيف الضغط على إيران، هو إجبار قادة النظام على الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة، وربما مع الرئيس ترامب نفسه، وهو أمر يبدو غير معقول في ظل الأجواء المشحونة حالياً.
لقد أثار ترامب هذه الفكرة خلال الأيام القليلة الماضية، حيث يؤكد كبار المسؤولين في إدارته أنه جادٌّ في هذا الطرح، فهو يريد من هذا الضغط الاقتصادي تطبيق المسار ذاته الذي تم من خلاله التعامل مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون.
لكن إيران أصعب من بيونغ يانغ، يقول الكاتب؛ فهي أقل عزلة منها، دبلوماسياً واقتصادياً، ومع ذلك يعتقد مساعدو ترامب أنهم يمارسون ضغوطاً غير مسبوقة.
إن مخاطر سوء التقدير موجودة دوماً، وهي في الحالة الإيرانية عالية، كما يرى الكاتب؛ فقد تلجأ إيران إلى تحريك قواها الإقليمية في المنطقة لتخفيف حدة الضغط الاقتصادي، ويعني هذا أن الأمور يمكن أن تتدهور، خاصة إذا بدأت مليشيات إيران باستهداف مصالح أمريكية.